أبراج وجذور المحبة لا تتزلزل في سورية
غالية خوجة
لم يتخلّ الله عنا، بل تجلّى وأرسل ملائكة رحمته وجعل ويجعل قلوبنا واحدة وأرواحنا واحدة وأيادينا واحدة، وهذا ما انعكس أثناء محنة الزلزال لا أعاده الله، وهذا ما جسّده السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد والجيش العربي السوري والجهات المختلفة والمتطوعون والشباب والصبايا والأطفال والجيران والفقراء وكلّ إنسان على أرضنا الطيبة التي تزلزلت معها دواخلنا وجعلتنا في حداد على أرواح الشهداء، وفي حالة حزن لا تصفه اللغات على مصاب الجرحى وأولئك الذين ما زلنا ننتظرهم وهم تحت الأنقاض، وعلى أولئك المذعورين في بيوتهم والبيوت التي تهدّمت والآيلة للهدم، وكذلك في أماكن الإيواء.
ووحدها المحبة كانت الأبراج والجذور المضيئة التي تجمعنا وتوحّدنا رغم الحرب الإرهابية والكوارث الطبيعية وانعدام إنسانية العالم المظلم إلاّ من هبّت فيه القيم والشهامة والعروبة والدماء العربية التي أثبتت للأزمنة والأمكنة أنها تنبض بمحبة وإنسانية ما زالت تجري في ضمير الدول العربية الصديقة والأجنبية الموقنة بضرورة فك الحصار ورفع العقوبات عن سورية.
وهذا ما أثبت أن لبعض القيادات والشعوب ضميراً ما زال مشرقاً بمحبة الخير، فساهم في تخفيف التوتر النفسي بالتدريج عن مصابنا الذي احتويناهُ معاً بصبرنا وآلامنا وتفاؤلنا بشروق جديد لوطننا الحبيب، وهو ما اعتدناه من هذا الوطن وأهله حماهم الله والناس كافة.
ولن توقفنا الشائعات المنظمة وجهاتها الظلامية عن مواصلة ومتابعة هذه الأبراج الشاهقة بالمحبة والتعاضد والإيثار، لأنها من قيمنا الشهمة المتجذرة في إنسانية وحضارة هذه الأرض، تماماً، مثل أبجديتها الأولى، ورقيماتها الأولى، وحكمتها الأولى التي تزرع المحبة في كبد الأرض، مدركة أن سورية مركز الإنسانية والحق والصمود والصبر والانتصار الدائم بإذن الله، لأن الله ينصر من ينصره.
أثبتت الحرب، وأثبت الزلزال، أن السوريين نبض واحد وفريق واحد ولو بدا في البداية بشكل عشوائي ريثما تمرّ المحنة، لأن الجميع هبّ لمساعدة الجميع منذ الثواني الأولى وفي كلّ مكان ولو بكلمة طيبة تشيع الطمأنينة والسكينة.
وكذلك فعلت وجوه الأحياء الخارجين من تحت الأنقاض والدمار وما وصلت إليه البنية التحتية من انهيار بسبب الحرب الكونية على سوريتنا الحبيبة، ومنها وجه الرضيع وما يبوح به من ذعر وتفاؤل في آن معاً، ووجه تلك الطفلة التي تحتضن أختها وتمّ إنقاذها، ووجه الرضيعة التي فقدت عائلتها، ووجه القطة التي أنقذتها أيادٍ سورية لأنها روح، موقنين بأن من أحيا روحاً واحدة كمن أحيا الناس جميعاً.
السوريون عفيفون رغم الحصار والعقوبات، ويفضّلون بعضهم على بعض، ويحفظون الأمانات حتى لو وجدوا أموال الدنيا تحت الأنقاض لأنهم اعتادوا على ألا يمدوا أيديهم إلى أموال غيرهم مهما بلغت من نقود وذهب، وهذا ما تابعناه ميدانياً وواقعياً على هذه الأرض المباركة رغم ما أحدثه الزلزال.
السوريون في الداخل والخارج شكّلوا خلايا نحل ليكونوا مع أمهم سورية، ليمسحوا دمعة طفلة وأمّ وأب وصبية وشاب وعجوز، السوريون ورغم كلّ شيء يبتسمون في وجوه بعضهم البعض، ويحضنون بعضهم البعض، وتراهم يقولون لكل إنسان: الحمد لله على السلامة مع ابتسامة تشعّ بأحزان معتّقة وأملٍ مضيء لا يعرف سره إلاّ الله.
السوريون لا يهمّهم ما يصوّبه ويجيّره عليهم أعداؤهم من فنون الشر والحقد الأعمى والضمير الأعمى واقعياً وافتراضياً، لأنهم فقط سوريون ويعرفون رسالتهم تجاه بعضهم البعض وتجاه الإنسانية قاطبة.