خطة الإيواء!
بشير فرزان
أضافت معاناة المحافظات والمناطق المنكوبة بالزلزال تحديات جديدة أثقلت إلى جانب الملفات المعيشية الأخرى كاهل الحكومة التي يبدو أنه وبعد أكثر من أسبوع على وقوع الكارثة مازالت في دائرة الصدمة وجهودها لازالت محصورة بالعمل الاغاثي فقط نتيجة قلة وضعف الإمكانيات اللازمة للتعامل مع كارثة بهذا الحجم نتيجة الحصار والعقوبات الاقتصادية والحرب الطويلة التي استنزفت كامل الطاقات وأرهقت المؤسسات بمختلف أشكالها ومجالات عملها.
وبغض النظرعن كل مايشوب الأداء الحكومي من ضعف وقلة في الحلول والقرارات الناجحةعلى صعيد الخروج من الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب ..إلا أن ذلك لايقلل من أهمية ماتقوم به وماتبذله كافة المؤسسات التي استنفرت للتعامل بفاعلية مع الكارثة الطارئة التي لم تكن في الحسبان أو في دائرة الحسابات الحكومية التي تستعد لمواجهة قاسيةوصعبة مع الواقع الكارثي لحوالي 293829 ألف عائلة تعيش حالياً خارج بيوتها وفي 188 مركز إيواء هذا عدا عن الكثير من العائلات التي توجهت إلى المساجد والكنائس أو إلى بيوت الأقارب في القرى وهذا مايشكل عبئاً كبيراً وضاغطاً على الحكومة في الأيام القادمة وخاصة لجهة تأمين السكن البديل للمتضررين الذين يناشدون الجميع لإنهاء معاناتهم بأسرع وقت ممكن والتحرك السريع للملمة بقايا أمالهم التي طحنتها الهزات الزلزالية وأحالتها إلى ركام من الخراب والبيوت المدمرة التي تحتاج إلى سنوات لإعادة بناءها إذا لم يكن هناك قرار سريع وجريْ بمسار البناء أو إيجاد البدائل حسب المتوفر والممكن وهنا نشير على سبيل المثال لا الحصر إلى وجود
مشاريع سكنية قائمة لكنها فارغة من سنوات دون جدوى مثل مشروع ١٦٠٠ شقة بحلب و منها ٨٨٠ شقة جاهزة عند أرض سوق الجمعة القديمة ولذلك ومن مبدأ “الضرورات تبيح المحظورات” يجب وضع اليد عليها بعقود آجار مؤقتة نظراً لحالة الطوارىء سواء كانت مخصصة مباعة فالواقع الماساوي للمتضررين والمنكوبين يحتاج إلى مثل هذه القرارات السريعة والجريئة بمعزل تام عن الروتين و القوالب الذهنية القديمة التي لن تجدي نفعاً في مثل هذه الظروف ولن تتقدم قيد أنملة على جبهات الحلول السريعة وذات الفائدة والعائدية الايجابية على حياة الناس .
ورغم أن الساعات الأولى من الكارثة كانت حرجة جداً سواء على الحكومة أو على المجتمع السوري كاملاً والأولويات كانت تنحصر بإنقاذ الأرواح إلا انه بعد مضي أيام على الزلزال يجب الخروج من الصدمة والبدء في مسار العمل على خطط عاجلة ومنها خطة الإيواء السريع في كل المساكن المتوفرة والشاغرة ومن ثم تخصيص أراضي لبناء ضواحي جديدة وفق شروط ومعايير حديثة للتعامل مع كافة الظروف والحالات الزلزالية وغيرها وطبعاً التنفيذ يحتاج إلى التعاون مع شركات دولية وعالمية لها تجربتها في مجال البناء السريع كالشركات الصينية العملاقة التي باستطاعتها إنشاء ضواحي سكنية حديثة بسرعة البرق في اللاذقية وحلب وإنجاز هذا المشروع سيكون له الكثير من النتائج الايجابية لما يشكله من نقلة نوعية على صعيد الحلول السكنية بدلاً من استنزاف الإمكانيات في دعم مراكز الإيواء لفترة طويلة بحيث يبقى المتضررين من الزلزال دون مسكن وبالتالي ضياع الجهود الاغاثية واستنزافها بشكل كامل هذا عدا عن توطين مشكلاتهم في سجل العمل الحكومي وهناك تجارب سابقة تؤكد بنتائجها الكارثية وسلبياتها أهمية وضع خطة ايواء سريعة ومباشرة العمل بها في اقرب وقت ممكن .