مجلة البعث الأسبوعية

كلمات بلسم للجراح.. مبادرات ذاتية وصرخات تبدد عتمة اليأس

جمان بركات

“الفنّ ليس بطولة في الأداء فقط، بل رسالة ومواقف تُمارس على أرض الواقع”، هذا ما جاء على لسان العديد من الفنانين السوريين والعرب، فقد تداعى الفنانون لمُساندة ضحايا الزلزال الذي شهدته سورية منذ الأسبوع الماضي، وعلى إثر الحالة الإنسانيّة الصعبة التي استجدت بعد وقوع الزلزال، ووفاة المئات وجرح الآلاف بالإضافة إلى تشرّد عشرات الآلاف بسبب انهيار المباني بادروا الفنانون إلى تقديم المساعدات المعنوية والمادية ومنهم من أطلقوا مبادرات فردية جماعية.

مبادرة للأطفال

الملفت في هذا الزلزال هم الأطفال الذين ساهموا في تقديم المساعدة عن طريق تقديم ألعابهم وحصالتهم، والمفاجئ كانت فرحة الأطفال الذين وجدوا داخل جيوب بعض الثياب قطع من الشوكولا ورسائل محبة أدخلت الفرح لقلوبهم، ومن جانبه كتب الفنان رامز حاج حسين مبادرة أطلقها على صفحته الشخصية: أرجو من كل الكتاب والمهتمين ودور النشر المختصة بأدب الطفل أن يبادروا لجعل جزء من حصص المعونات والمساعدات لقصص وكتب ومجلات الأطفال المقدمة عبر الجمعيات والفعاليات الناشطة في عمليات المساعدة لأهلنا المتضررين، فللطفل احتياجات كما لبقية أفراد أسرته وجزء مهم من هذه الاحتياجات هو تخفيف معاناته وصدمته وتسليته عن هذا المصاب الجلل بالقصة والتلوين والحكاية والأنشطة الفكرية.

تبني الأطفال

خرج العديد من الأطفال منهم حديثي الولادة ومنهم لم يمضوا إلا بضعة أشهر من تحت الأنقاض فاقدين أفراداً من عائلاتهم إن لم تكن كلها، وفي هذا الوقت سارع العديد من الأشخاص إلى فكرة تبني هؤلاء الأطفال وتأمين احتياجاتهم ومنهم الفنان التشكيلي موفق مخول الذي كتب على صفحته الشخصية: أنا المواطن السوري موفق موسى مخول وزوجتي ميساء جورج كرم نحن على استعداد تام بتربية طفلين من أطفال الكارثة الإنسانية مع الحفاظ واحترام دينهم وسوف يكونوا بمثابة أولادي.

وكتبت الممثلة رغداء هاشم: أتمنى مساعدتي بأن أكون أم وعائلة لطفل أو طفلة من الذين أصبحوا بلا أهل في هذه الكارثة المؤلمة، وأقسم أن أطعمه وأسقيه وأن أوفر له كل مستلزمات الحياة وأقدم له الحنان والعطف.

مبادرة شخصية

لم يمر إلا بضعة أيام على فقدانه لوالده، حتى فوجع الفنان باسم ياخور بصديقه الذي فارق الحياة إثر الزلزال المدمر، وكتب الفنان السوري باسم ياخور عبر “فيسبوك”: “لطفك يا رب في بلدنا لا يتوقف الألم والحزن، كل العزاء لصديقي تمام الذي كان يساندني ويقف إلى جانبي في وفاة والدي على الفاجعة التي ألمت به وفقد والديه اليوم صباحاً في انهيار مبناهم في اللاذقية، ربي يرحمهم ويسكنهم فسيح جناته ويصبر قلبك، كل العزاء من القلب لأهالي ضحايا الزلزال الذي ضربنا في الأمس ولمحافظات حلب واللاذقية وإدلب الأكثر تضرراً ربي يصبركم ويحمي سورية وكل البلدان من هذا الجنون الذي نعيشه.

ولم يقف باسم ياخور مكتوف الأيدي وإنما تعاون مع زميله الفنان فادي صبيح بمبادرة شخصية وحملا المساعدات بأيديهما وأرسلوها إلى المناطق المنكوبة للمساعدة.

درجة شرف

وقال الفنان غسان مسعود: كل السوريين اليوم في الداخل والخارج وفي كل بقاع العالم يخرجون من هذا الامتحان القاسي والصعب بدرجة شرف، جميعهم يبادرون ويساندون ويدعمون بعضهم بعضاً كل بطريقته وحسب استطاعته وقدرته، إنهم يقدمون مثالاً رائعاً لشعب يستحق دائماً أن يكون عظيماً.

أحترم وأقدر كل من أعلن عن المبلغ الذي قدمه، لكن بالمقابل كنت أشعر أن هذه الطريقة تسبب بعض الحرج لنسبة لا يستهان بها من زملائنا وزميلاتنا الذين يشتغلون ليل نهار ليؤمنوا كفاف يومهم، لو تبرع أحدهم بـ50 ألف أو 100 ألف سيكون هذا أمراً رائعاً وسيشكل فارقاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

كسر الحصار

وبدورها أطلقت الممثلة السورية شكران مرتجى صرخة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طلبت فيها “كسر الحصار” عن سورية ومساعدة العائلات المنكوبة جرّاء الزلزال المدمّر.

وكتبت: أكسروا الحصار، ساعدوا السوريين، سورية منكوبة تخطّوا الخلافات أرجوكم حلب، اللاذقية، جبلة، إدلب شمال حلب الناس بالمئات بلا مأوى هذه ليست حرب لامع ولا ضد هذه كارثة بكل معنى الكلمة، الدعاء لأهالينا وأحبتنا الدعاء لسورية ولكل بلد تأثر بهذا الزلزال العنيف.

وظهرت الفنانة نسرين طافش، وهي تبكي خلال حديثها عن سورية وأزمة الزلزال، وقالت نسرين في لقاءها: الوضع صعب جداً، ولكن الشيء الذي حدث هو بمثابة “خضة”، ومشاهد قاسية وكنت أقول: يا ربي.. ألا يكفي المعاناة التي مر بها الشعب السوري خلال الحرب ومعاناة غلاء المعيشة والأسعار النارية، والأحوال المعيشية الصعبة حتى تحدث كارثة طبيعية.

وأضافت نسرين طافش: أنا بنت حلب، وأصبحت أرى حارات وشوارع مدمرة أنا أعرفها لأني كنت أمشي بها وأنا صغيرة.

السوريون

سالي سلامة منشئة محتوى رقمي عبرت عن الزلزال بالكتابة على صفحتها الشخصية: أيها السوريون ارصدوا الإيجابيات، تابعوا النخوة والحب، واهتموا بالإنسان السوري الذي نهض من قلب الدمار ليفعل فعله الخلاق، انظروا إلى اللهفة على الآخر والخوف عليه ، تابعوا الذين تظنونهم في بروج شيدوها لأنفسهم وبتعبهم وكيف يتركون أعمالهم ليغمسوا وجوههم في مساعدة الآخرين، لا تلتفتوا لجهد بعض التنفيذيين، ولا تنظروا لعدد من اللصوص على اختلاف مشاربهم، السوريون شيء آخر كلهم بركة القادم، ولو وجد الزيوان.

فنانون ألغوا حفلاتهم

من المعروف مع قدوم شهر شباط يستعد جميع الفنانين لإحياء الحفلات في كل أنحاء العالم، ولكن هذا العام سيحل عيد الحب بقرار الجميع بإلغاء هذه الحفلات تضامناً مع ضحايا الزلازال والوضع السيئ، من جهته أكد المطرب المصري هاني شاكر تأجيل حفليه المقرر إقامتهما بمناسبة “عيد الحب” يوم 11 من الشهر الجاري في لبنان ويوم 13 في سورية، إلى موعد آخر لم يحدده، متقدماً بالتعازي لأسر الضحايا ومتمنيا الشفاء العاجل للمصابين.

وأعلنت الفنّانة مايا دياب عن تأجيل حفلها في دبي، الذي كان سيُقام في 14 شباط، وغرّدت قائلة: قلبي حزين على معاناة أفراد الشعب السوريّ الذي غمرني بمحبة غير مشروطة، واليوم أقول إنّني أحبّهم، وقلبي محترق على هؤلاء الأطفال والأهالي ومشاهد الدمار التي لا يتحمّلها العقل.

كذلك، أجل المطرب اللبناني وائل كفوري حفله الذي كان من المقرر إقامته يوم 18 شباط في قبرص إلى موعد آخر، من جهته، كتب الفنان مروان خوري عبر حسابه على إنستغرام: نظراً للكارثة والمأساة التي حلت بإخوتنا في سورية ولأن الوجع أكبر من أي محاولة للترفيه عنه، سيتم تأجيل حفلاتي في الشام وطرطوس إلى أجل غير مسمى، رافعاً شعار سورية تستغيث، ارفعوا الحصار عن سورية.

كما كتب المغني السوري حسين الديك -عبر حسابه الرسمي على إنستغرام: بسبب الأوضاع التي يمر بها بلدي الحبيب سورية، فقد تقرر إلغاء الحفل المقرر إقامته في الأردن يوم 14 شباط وإلغاء الحفل الخاص في دبي يوم 17 شباط، ورحم الله شهداء سورية ضحايا الزلازل في كل مكان، وشفا الجرحى والمرضى، وألهم ذويهم جميعا الصبر والسلوان.

فنانون لم يلغوا حفلاتهم ولكن

بدوره أفاد متعهّد الحفلات يوسف حرب أنّ جولة الفنّانة نانسي عجرم في كندا وأميركا لن تؤجّل، بل سيتمّ التبرّع بنسبة من عائداتها لمساعدة المتضرّرين من الزلزال، كما كشف عن مزاد سيُفتتح في كلّ حفلة يجري خلاله عرض مقتنيات خاصّة للنجوم، والتي بدورها ستعود عائداتها لمساعدة المتضرّرين، كما ستطلق قبيل كلّ حفلة حملة لجمع التبرّعات.

وأعلنت أيضاً الجهة المنظّمة لحفل ناصيف زيتون ورحمة رياض عن تأجيله بعدما كان من المقرر إحياؤه في 11 شباط الجاري: “نظراً إلى الظروف المأساوية والمعاناة التي يعيشها الأشقاء في سورية، تقرّر تأجيل حفل الفنّان ناصيف زيتون والفنّانة رحمة رياض إلى موعد لاحق”.

وأعلنت الفنّانة بلقيس فتحي عن تبرّعها بأجرها من الحفل الذي أحيته في القرية العالميّة بدبي لمنكوبي الزلزال في سورية، وقالت: نظراً للظروف الراهنة توصلنا إلى فكرة أعتقد أنّها بادرة رائعة بيني وبين إدارة القرية العالمية في دبي، إلى أنّ ريع هذا الحفل وأجري على وجه الخصوص سيذهبان لإنقاذ المنكوبين جرّاء زلزال سورية، أتمنى أن يفرجها الله عليهم.

ودعا الفنان زياد برجي عبر تويتر الفنانين والمتابعين التبرع لإنقاذ أطفال سورية وكتب: “٤٠ ثانية كانوا كافيين لمعرفة حجمنا الصغير في هذا الكون، وإذا عرفنا، ماذا ننتظر لنتحد ونكون يداً واحدة؟ دعونا نتحد هذه المرة لإنقاذ أطفال سورية من البرد والثلج والموت، نحنا عرب وهذا من شيم العرب”.

محمد صبحي

ووجه الفنان المصري الكبير محمد صبحي دعوة للجميع عبر RT للتبرع لصالح سورية وشعبها الشقيق الذي يعاني من آثار الزلزال المدمر.

وقال الفنان المصري في تصريحات لـRT: “الزلزال في سورية الغالية الشقيقة، سورية التاريخ حدث جلل، وأيضا نتعاطف مع تركيا إنسانيا هذا التعاطف قل كثيرا في العالم وأصبحت الكوارث والمصائب وكأنها مسائل اعتيادية وأصبحت لا تزعج أعيننا وعقولنا أو عاطفتنا وهذا الأمر في المجمل الشمولي للإنسانية”.

وتابع: “خطوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالاتصال بالرئيس السوري بشار الأسد متأخرة ولكنها جاءت في وقتها في هذا الموقف الإنساني، وفي التعاطف مع الشعب السوري ومع سورية، واعتقد أن هذا سيحل العديد من المشاكل التي تعاني منها سورية”.

وأشار الفنان الكبير محمد صبحي: “نحن عاجزون كأفراد أو كشعوب أن نتعاطف عملياً مع هذه الكوارث، فيؤلمني أن أشعر بقشعريرة البرد في مصر فلا نتخيل شعورهم بالدمار الذي حدث مع الصقيع المرعب”، “نتمنى أن نساعد كأفراد بأي شيء والتبرع للمتضررين في سورية، في السابق كانت هناك قنوات مفتوحة لهذه التبرعات”، موضحاً أنه على تواصل مع نقابة الممثلين في سورية وسنجد بالتأكيد وسيلة للعمل على دعم المتضررين.