اقتصادصحيفة البعث

لا تضاربوا بلقمة الفقير!

حسن النابلسي

بعد أن شهد سعر الصرف استقراراً ملحوظاً عقب القرارات الصادرة مؤخراً عن مصرف سورية المركزي، ولاسيما “رفع سعر صرف الحوالات الرسمية لحد يقارب نظيراتها في السوق السوداء، واستثناء بعض المواد من تمويل المنصة، وتسهيلات استيراد المواد الأولية”، يعود اليوم إلى ما كان عليه من تذبذبات حادة بدأت تنسف ما عُلِّقَ من آمال هذه القرارات ودورها بضبط سعر الصرف والحفاظ على توازنه!

في وقت نؤكد فيه صوابية هذه القرارات – وذلك بشهادة أهل الخبرة – إلا أن ثمة خللا ينتاب المشهد، ويشي بعدم وجود أسس واضحة ومحددة لتسعير نشرة الحوالات والصرافة الصادرة عن المركزي، وأن المركزي يحاكي سعر السوق الموازية، علماً أنه كان من المفروض أن يسبق المضاربين ويرفع سعر الحوالات أكثر من الموازي في الأيام الأولى لقراراته حتى يستقطب كافة الحوالات، وبذلك يكون المركزي قد أضاع الفرصة نتيجة السرعة والمرونة التي يتمتع بها كبار المضاربين بسوق القطع!

في ذات السياق، لم نلمس أي انعكاس لإعفاء بعض المواد من التمويل من المنصة، فالأسعار ارتفعت بمعدل 20% وفقاً لبعض التقديرات، ولعلّ السبب في ذلك هو ما عهدناه من أغلب التجار بعدم الإيفاء بوعودهم، لاسيما من طالب منهم بإلغاء التمويل من المنصة، واعتبارها السبب بارتفاع الأسعار، فكان ما أرادوا.. لكن لم يكن لنا ما نريد!

ونعتقد أنه في حال ترك لهم حرية تمويل مستورداتهم واستفادوا من انخفاض سعر الصرف واشتروا دولارتهم بالسعر المنخفض، فسيبيعون مستورداتهم بسعر صرف الموازي بتاريخ استلام بضائعهم، مع الإشارة هنا إلى أن تسعير المواد الغذائية يكون على سعر الموازي مضروباً بمرة ونصف أو مرتين، ونكاد نجزم أن هذا السبب الفعلي لارتفاع الأسعار مؤخراً!!

أخيراً.. من لم يوفر المضاربة بالبصل من الطبيعي أن لا يوفر سعر الصرف، ليغدو بالنهاية أن القرارات الاقتصادية تتماشى مع أخلاق المضاربين، وليثبت أن السوق بحاجة لضابط مالي إن لم تكن المنصة فيلكن غيرها، إذ لا يعقل أن ثمن “بصلة واحدة وعلبة سردين وليمونة” تكلف أكثر من 10 آلاف ليرة.. اتركوا للفقير لقمته وأبعدوها عن المضاربين فليس في أسواقنا تجار وإنما مضاربين، ويخشى أن نكون قد فقدنا التاجر والتويجر وبقي الصنف الثالث!

hasanla@yahoo.com