تعاونٌ وتضامن جزائري إفريقي لاجتثاث آفة الإرهاب
تقرير إخباري:
تحاول الجزائر تجميع الجهود الإفريقية على جميع الصعد للتصدّي لخطر الإرهاب الذي بات يغزو القارة السمراء، ويهدّد بوقف جميع مظاهر الحياة والتطوّر فيها، داعيةً تلك الدول إلى تعزيز قواها الدفاعية بالتزامن مع تزايد سعير الهجمات الإرهابية وحوادث التفجير اليومية في البلدان الإفريقية مؤخراً، وخاصة الواقعة على حدودها.
الجزائر أكّدت تضامنها مع دول القارة السمراء عبر بيان وزارة خارجيتها المندّد بالأعمال الإرهابية، وخاصةً في بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا وغيرها من دول الساحل الإفريقي، التي استهدفت عشرات الجنود والمدنيين، كما أن تقرير الرئيس عبد المجيد تبون الموجّه إلى القمّة الـ36 للاتحاد الإفريقي بصفته منسّق الجهود في القارة لمكافحة الإرهاب والتطرّف جدّد الدعوة إلى مضاعفة الجهود والتنسيق سواء على الصعيد الإقليمي أم الدولي، وحثّ الدول على التخلّص من هذا الخطر وجميع تداعياته.
ومن الملاحظ تزايد وتيرة الهجمات الإرهابية بالتزامن مع طرد شعوب المنطقة للوجود الفرنسي الاستعماري، الذي كان بحجّة القضاء على الإرهاب وتدريب القوات الوطنية في دول القارة، في حين كانت النتيجة معاكسة تماماً حيث ترعرعت ونمت العديد من التنظيمات الإرهابية، لأن فرنسا كانت تسعى إلى خلق المزيد من الظروف المساعدة على بقائها في المنطقة لإدارة الصراع لا لإنهائه، واستثماره بالشكل الذي يجعلها رابحة، وجعل السكان يهاجرون بطريقة غير شرعية للعمل كعبيد لديها بأبخس الأثمان بعد نهبها جلّ ثروات بلادهم.
لقد ازداد وعي الشعوب الإفريقية ورغبتها بالتكاتف مع حكوماتها للقضاء على الإرهاب الذي انتشر بشكل مرعب في القارة، فأصبحت تنبذ التدخّلات الاستعمارية كحلٍ لهذه الآفة، وتسعى إلى التعاون مع قوىً جديدة لإلغاء المشكلة من جذورها.
إن مبادرة الجزائر تنطلق من أن حلّ المشكلة لا يكمن بالحل الأمني وحده، أو في تحويل الدول إلى مجرد شرطي مراقب لنموّ هذا الإرهاب والتصدّي العسكري له، بل يتطلب أيضاً وضع أجندة حلول شاملة تكمن في دراسة الواقع وأسباب المشكلة ودراسة البيئة الحاضنة التي تشكّلت في ظل الواقع السياسي الهش لتلك البلدان الذي كرّسته حكومات ضعيفة شكّلتها فرنسا في تلك البلدان، وضعف التنمية وندرة المشروعات وزيادة الفقر، إضافةً إلى قيامها ببث النزاعات القبلية والتخلّف وغيرها من التدخلات الاستخبارية التي أمّنت نطاقاً جغرافياً آمناً ومستقطباً لأخطر التنظيمات الإرهابية التكفيرية التي تم نقلها إلى القارة بعد فشلها في الشرق الأوسط لتتابع مشاريع مشغليها، بعد إعادة هيكلة وتجميع صفوفها.
كذلك تقدّمت الجزائر بطرح صندوق تمويل لدعم مخططات مكافحة الإرهاب، وسعت إلى إيجاد تنسيق عملياتي ومعلوماتي متبادل بين جميع هذه الدول لمقاومة هذا المدّ، إضافة إلى إطار قانوني يسعى إلى توحيد التشريعات الناظمة للقضاء على الإرهاب والتعريف الدقيق لتلك التنظيمات، وقدّمت أيضاً مساهمة مالية في إطار تدعيم البنية الاقتصادية الإفريقية للتخلّص من المشكلات الاجتماعية التي تعزّز البيئة الحاضنة للإرهاب.
رغم كل الجهود والمساعي الحثيثة للجزائر وغيرها من القوى العادلة في العالم للنهوض بإفريقيا، تتابع فرنسا ضخّ عقليتها الاستعمارية عبر إظهار الدول التي انسحبت منها على أنها دول آخذة في الانهيار على جميع الصعد لتعيد تدوير نفسها كحلٍ بديل للواقع المزري الموجود، متناسيةً أنها سبق أن زادت من فقر هذه الدول وانعدام احتياطها من الذهب في حين تنعم باريس بأضخم احتياطي من الذهب الذي تنتجه مناجم إفريقيا، كما ازداد الإرهاب والقتلى من جيوش تلك البلدان لا من الجيوش الفرنسية الاستعمارية في المنطقة، وأصبحت البلدان مضطرّة لمفاوضة الإرهابيين ودفع فديات الخطف من حسابها أيضاً، وللأسف ازدادت أزمات الدول الإفريقية سوءاً في ظل الوجود الفرنسي، لكن يبقى العنصر الأهم تكاتف دول القارة السمراء مع حكوماتها ومؤسساتها الأمنية والعسكرية في وجه الاستعمار وأدواته الإرهابية.
بشار محي الدين المحمد