استنهاض المجتمع؟!
بشير فرزان
كشف الحراك الشعبي المنضوي تحت مفهوم “الفزعة” بكل مساراته وحالة الاستنفار العام التي تجسدت بعد الزلزال عن أهمية وضرورة استنهاض المجتمع السوري بكل مافيه من إمكانيات وقوى قادرة على صناعة التغيير وإحداث نقلة غير مسبوقة في المساهمة والمشاركة مع المؤسسات الحكومية وخاصة الخدمية في معالجة الكثير من المشكلات وتذليل التحديات بمايخدم المجتمع ويخفف من معاناة الناس نتيجة الكارثة أو في الأوقات الأخرى التي غابت فيها العديد من الخدمات التي غابت جزئياً نظراً لظروف وأسباب باتت معروفة للجميع ولاداعي لتكرارها فالمهم هنا الاقتداء بالمبادرات ذات النتائج المباشرة على الحياة العامة التي باتت على شفير الهاوية .
ولاشك أن جميع المحافظات وهذا ماأثبتته نخوة كافة مكونات المجتمع .. تمتلك ذات الزخم الوطني في المبادرة والقدرة على العطاء وتحسين الواقع الحياتي بنسب متباينة ولكنها بحاجة إلى أحياء تلك العلاقة بين مجتمعاتها المحلي والمؤسسات الخدمية وخاصة البلديات التي منحها قانون الإدارة المحلية مسؤولية تنفيذ هذه المهمة بكل السبل والوسائل فهناك العديد من المبادرات سواء على مستوى أفراد أو جهات محلية تنتظر فرصتها للمساهمة والمشاركة في إعادة أعمار البلد والانتقال من تصنيف الطاقات والإمكانيات المهدورة وغير المستثمرة إلى حيز التنفيذ والامتثال لتطلعات الناس وأمالهم في حياة أكثر استقراراً وراحة في خضم هذه الصعاب بارتدادتها المعيشية والاقتصادية والاجتماعية القاسية وهنا لابد من سؤال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن عملها في هذا الاتجاه أيضاً كونها الأقرب إلى يوميات المجتمع المحلي عبر متابعتها للمؤسسات ذات الطابع الأهلي وللمنظمات الدولية القادرة على إحياء واغناء ودعم المبادرات المحلية وإيصالها إلى أهدافها التنموية بأمان وبالشكل الأمثل.
وبالعودة إلى مفهوم “الفزعة ” الذي يدرج ضمن مفاهيم الإنقاذ والنجدة والنخوة لابد من التأكيد على مدى حاجة الناس اليوم إلى تنظيم العمل المجتمعي بمساراته التطوعية والاغاثية من أجل إحداث التغيير المطلوب في بنية المجتمع وتوحيد الجهود التي من شانها صناعة عمل جماعي محكم البناء والمعايير وذلك ضمن مشروع إشراك المجتمع المحلي في عملية إعادة الاعمار .
ولاشك أن ماحصل على ارض الواقع بدل الكثير من الأحكام حول واقع عمل المؤسسات الاهلية وعن مدى تجاوب المجتمع الأهلي مع المستجدات وبشكل بدد مخاوف انهيار المنظومة المجتمعية التي كانت وحسب مجريات الواقع والأحداث محصنة بشكل مكنها من تجاوز الكثير من التحديات التي استهدفت جوهر تماسكها وقوتها المتمثلة بوحدتها الوطنية التي كانت الكنز الذي دافع وضحى الجميع في سبيل الحفاظ عليه وحمايته حيث تكاتفت جهود كافة الفعاليات الشعبية والأهلية والرسمية ضمن هذه الحاضنة و ظهرت الكثير من المبادرات والمؤسسات الشعبية التي قامت بدور كبير في السيطرة على تداعيات الكارثة ولجم تقلباتها ومخاطرها المتنوعة على المجتمع السوري الذي تغلب على كسله وعلى اعتماده على مؤسسات الدولة واعتمد على وعيه لإنتاج ثقافة تطوعية ذات فاعلية عالية.
بالمحصلة نرجو أن تكون الأيام القادم شاهدة على ولادة جديدة لمجتمع محلي أكثر تماسكاً وقربا من أمال الناس وتطلعاتهم وأكثر قدرة على تنفيذ برامج تطوعية واغاثية بكل عناوينها التي تتلاقى في نقطة “البلد الواحد “.