في زمن الزلازل .. وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً سلبياً وهداماً.. والعلم الزلزالي يحد من الأنباء المبالغ فيها والمضللة
دمشق – بشير فرزان
حالة الفزع التي يعيشها الناس بعد الزلزال أثرت بشكل كبيرعلى الاستقرار المجتمعي حيث زاد التوتر والقلق من الاضطراب النفسي وماشهدته المحافظات يوم أمس الأول من حالات الوفاة والفوضى والنزول إلى الشوارع والبقاء والنوم في الحدائق حتى ساعات الصباح الأولى يكشف ذلك الخوف المتزايد الذي سببته الهزات في حياة الناس وطبعاً هذه الأمر طبيعي بعد الكوارث ولكن مايؤزم الواقع النفسي والمعيشي هو كثرة الشائعات وتعدد التصريحات المتضاربة والاعتماد على ما تروجه التنبؤات دون الاستناد إلى الحقائق العلمية التي لم تعد ذا مصداقية نتيجة الضخ الفيسبوكي المتناقض مع مايحدث نظراً لتعدد الجهات التي تصرح وتحلل الكارثة عبر قنوات تسعى للتهويل ونشر الفوضى وإثارة الشارع والترويج للذعر والخوف التي تحبط كافة المحاولات والتصريحات العلمية لزرع الطمأنينة وتهدئة المجتمع ولجم الخوف المتصاعد في الحياة العامة .
وهنا لابد من التوقف عند بعض التصريحات العلمية المستندة إلى علم الجيولوجيا والتي تقدم الحقائق العلمية التي تنقض كل مايتم تناقله عبر وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات الفيسبوكية من معلومات بعيدة عن الواقع وطبعاً لاننفي وجود بعض الاختلاف في مضمون التصريحات العلمية من حيث الاختلاف في النتائج |إلا أن ذلك لايلغي أهميتها في التخفيف من أثار الكوارث النفسية التي تحدثها هذه المواقع في المجتمع .
والبداية هنا ستكون مع ماتم تناقله حول الزلزال من قبل أحد الباحثين الباحث السوري الدكتور قاهر ابو الجدايل الذي يؤكد أنه قدم تقرير في عام 2020 إلى منظمة الهلال الأحمر محذرا
الهزات الأرضية و سلوكها حيث أشار إلى أن الهزات الأرضية تعتبر الأمر الطبيعي لتحرك الصفائح التكتونية بين القارات حيث باطن الأرض في حركة دائمة و الهزات الأرضية تتعدد أنواعها بين الهزات التنبيهية و بين الهزات المدمرة و ذلك حسب تحرك الصفائح و مستوى الطاقة الكامنة التي تتجمع مع مرور الزمن و ضغط الصفائح .
وأضاف أبو الجدايل نعلم بأن العديد من الهزات الأرضية الخفيفة حدثت خلال هذا الشهر و جميعها متقارب من حيث المكان و العمق و الدرجات حيث تراوح قوتهم بين ٢ درجة و ٤،٨ درجة على مقياس ريختر و ذلك بالقرب من سواحل اللاذقية و طرطوس و على عمق ٢٠ كم وهذا يجعلنا نذهب برحلة عبر الزمن إلى تاريخ حدوث الزلازل في سورية خلال الألف عام الماضية و التي كانت في عام ١١٣٨ زلزال حلب المدمر حيث قتل /٢٣٠/الف شخص و بلغ شدته ٨.٥ درجة على مقياس ريختر وفي عام ١١٧٠ زلزال شمال الأردن و قتل فيه /١٠٠/ ألف شخص و بلغ شدته ٧ درجات ريختر وفي عام ١٢٠٢ زلزال سورية المدمر بتاريخ /٢٠/أيار و قتل فيه /١١٠٠٠٠٠/ مليون و مائة ألف شخص و بلغ شدته حوالي ٩ درجات على مقياس ريختر وفي عام ١٥٤٦ ضرب سورية و بلغت شدته ٧ درجات ريختر وفي عام ١٧٥٩ ضرب زلزالين الأول في بعلبك بتاريخ /٣٠/ تشرين الأول و قتل فيه ٤٠ الف شخص و الثاني في بيسان بتاريخ /٢٥ / تشرين الثاني و قتل فيه ٥٠ ألف شخص.
وبين أنه لفهم قوة الزلازل بمقياس ريختر يجب أن نعرف أن قوة الزلزال /٦/ درجات يكون أكبر ١٠ اضعاف الزلزال ذو /٥/ درجات و أكبر /١٠٠/ ضعف الزلزال ذو /٤/ درجات وهذا يعني أن ما يشاع حول أن تلك الهزات التي ضربت مؤخرا سواحل سورية هي تساعد في امتصاص الطاقة الكامنة هو كلام غير علمي و ليس دقيقا إذ نحتاج إلى زلزال بقوة /٦/ درجات تقريباً حتى تتفرغ جزء من الطاقة الكامنة الزلزالية و نستطيع أن نقول أن تلك الهزات العديدة بالقرب من السواحل السورية و في زمن قريب هي مجرد هزات تحذيرية تنذر بحدوث زلزال مدمر لا سمح الله
من جهته الرئيس السابق لقسم علم الزلازل في المعهد العالي للبحوث د. نضال جوني حسب ماتناقلته أيضاً الصفحات والمواقع يصر على أن مايحصل هو هزات ارتدادية حيث أكد على أن ما حدث هو زلزال متوسط الشدة بقدر 6 درجات، ويعتبر هزة ارتدادية، كانت محسوسة بشكل قوي لكن مدتها قصيرة وأثارت الرعب والهلع وستحدث هزات غير محسوسة ومتواترة، ونحن نطمئن الناس لكن يجب أخذ الحيطة والحذر و لا يوجد خطر أعلى من خطر الزلزال الماضي، ولكن المباني المتصدعة سابقاً ربما تكون مهددة والهزات الارتدادية المستمرة تعتبر أمراً جيداً ومطمئناً، وقد تستمر الهزات الارتدادية إلى أكثر من شهرين وهناك كمية كبيرة من الإجهادات التي نتجت عن زلزال 6 شباط اتجهت إلى فالق القوس القبرصي الممتد من شرق الأناضول باتجاه جزيرة قبرص تحت البحر، وبالتالي هو الذي ينشط الآن، ويتحرك بانفعال يصل إلى 5 درجات ونصف إلى 6 درجات، ونأمل أن تكون الهزة الأخيرة هي ذروة الهزات الشديدة على هذا الفالق فالق كلس – اللاذقية، مرتبط بفالق القوس القبرصي، والهزة الأخيرة هي الذروة وعبارة عن تفريغ شحنة كبيرة من الطاقة.
بدوره الجيولوجي حسين علي الوكاع المختص بعلم الزلازل أكد على أن الهزة التي حصلت يوم أمس الأول هي من توابع الزلزال الكبير الذي وقع قبل أسبوعين ولا خوف منها وأكد الجيولوجي الوكاع أن الهزة التي حصلت في مواقع متفرّقة من البلاد، تعتبر من توابع الزلزال الكبير الذي حصل على هذا الصدع فجر يوم الإثنين الواقع في السادس من شهر شباط الجاري.
وأشار الوكاع إلى أنه من المتعارف عليه، أن أي زلزال قوي سيتبعه زلازل أقل قوة وشدة منه، مضيفاً : إن هذه الزلالزل ستستمر لفترة غير محددة، وقد تستمر لأشهر لكن معظمها تكون خلال الشهر التالي الذي يلي وقوع الزلزال الأول، إلى حين استقرار طبقات القشرة الأرضية التي تتعرض للخلخلة واحتباس بعض الطاقات فيها.
وبيّن أن القشرة الأرضية تحتاج إلى فترة غير محددة للاستقرار وتنفيس تلك الطاقات الحبيسة والتي هي أضعف من الطاقة الأساسية، وأقل خطورة منها، لافتاً إلى أن معظمها تكون شدته أقل من ثلاث درجات على سلم ريختر وهي التي لا يشعر بها البشر، ومع الزمن تتلاشى حتى تستقر القشرة الأرضية بشكل نهائي.
وأوضح أنه ينبغي عدم الخوف ولا داعٍ هنا للتهويل، نتيجة للاستماع للأنباء المبالغ فيها والمضللة، داعياً إلى ضرورة نشر الوعي والطمأنينة لما لذلك من ضرورة ملحة، لاسيما ما تتداوله بعض وسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب دوراً سلبياً وهداماً في الوقت نفسه، منوهاً ضرورة أخذ العلم بأن هذا الحدث الزلزالي الكبير والذي يحدث تكرارياً على صدع البحر الأحمر الذي يمر بسورية ووصولاً إلى صدع شرق الأناضول بتركيا كل ٢٥٠ عاما تقريباً ولن يتكرر قبل مرور تلك الفترة في بلاد الشام.
مدير عام المركز الوطني لرصد الزلزال د. رائد أحمد بيّن أن كل المدن السورية تأثرت بالهزة التي وقعت مؤخراً، وهي من الهزات الارتدادية للزلزال الكبير الذي حدث في 6 شباط وشدة الهزة بحسب ما سجلته المحطات 6 درجات على مقياس ريختر وقد يكون هناك خطر لأن الأبنية متضررة جراء الزلزال الأخير.
بالمحصلة من المهم في هذه المرحلة التأكيد على أهمية الوعي والتدقيق في صحة كل مايتم ترويجه وعدم الانسياق وراء حملات التهويل ونشر البلبلة داخل المجتمع ولابد من اللجوء دائماً إلى المصادر العلمية المعتمدة وذات المصداقية والتي من شانها التخفيف من الآثار النفسية للكوارث الطبيعية.