مجلس الأمن يلتّف على المستوطنات بالإدانة
علي اليوسف
في زحمة الأحداث التي تعيشها المنطقة والعالم معاً، يخرج الكيان الصهيوني بنغمته القديمة المعتادة فيما يخص توسيع المستوطنات، مستغلاً الظروف الآنية التي يمر بها العالم، لكن الأنكى من ذلك محاولة واشنطن الضغط على مجلس الأمن لصرف انتباه العالم عن نشاط الكيان الصهيوني الاستيطاني في فلسطين المحتلة.
المراوغة بين الكيان الصهيوني، وإدارة بايدن التي تعتبت كثيراً على النشاط الإستيطاني عند مجيئها الى البيت الأبيض، بدأت تتكشف اليوم. وربما في مقلب آخر من المؤكد أنها تنسيق عالي المستوى بين الطرفين، فالأول يسعى للخروج من أزمته الداخلية، واثبات لليمين المتطرف أنه “الراعي الصالح”، أما الثاني من الطبيعي أن يدافع عن حكومة نتنياهو المتطرفة ونشاطاتها، ولو على حساب أزمة دبلوماسية في الأمم المتحدة، لأنه بحاجة إلى دعم المتطرفين في الانتخابات القادمة.
إنها علاقة جدلية بإمتياز، إذ ما معنى أن تستبدل الولايات المتحدة قرار دولة الامارات، الذي كان من الممكن أن يكون ملزماً قانوناً، ببيان رئاسي أضعف منه، أو على الأقل تأجيل التصويت على القرار، علماً أن مشروع القرار الذي وزعته دولة الإمارات، ممثلة الدول العربية في مجلس الأمن الدولي، يؤكد مجدداً التزام مجلس الأمن الثابت بحل الدولتين، ويكرر التأكيد على أحكام ميثاق الأمم المتحدة التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وتؤكد أن أي استحواذ من هذا القبيل غير قانوني.
صحيح أن التحركات الايجابية للدبلوماسية الاماراتية لصالح القضية الفلسطينية أسفرت عن صدور بيان رئاسي لمجلس الأمن يندد بالإجماع ببناء وتوسع المستوطنات الاسرائيلية، ويعتبر الأول في مجلس الأمن لصالح الحق الفلسطيني منذ تسع سنوات، إلا أن البيان ذا اللهجة المخففة تجنب مشروع القرار الذي يدعو إلى وقف كامل للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، وتم اعتماد ما يسمى “تقنين” المناطق الاستيطانية في الضفة الغربية الذي قدمه الكيان الصهيوني.
لكن حتى مع اعتماد ما يسمى “تقنين” بدل من وقف النشاط الاستيطاني، خرجت أصوات صهيونية ممثلة بـ وزير الخارجية إيلي كوهين ليتهم مجلس الأمن الدولي بالانحياز بعد أن رفض إضفاء الشرعية على 9 مستوطنات في الضفة الغربية، وكأن الكيان الصهيوني هم أصحاب الأرض وليسوا محتلين ومتطرفيين ارهابييين.
ما دام مجلس الأمن الدولي لم يضف الشرعية على المستوطنات الـ 9، بل ويعتبر المستوطنات الإسرائيلية “عقبة” أمام عملية السلام في الشرق الأوسط، وأن استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي يعرض حل الدولتين للخطر، كان من الضروري له أن يلتزم بقرار دولة الإمارات الذي ينص على وقف كل النشاطات الإستيطانية، ليتأكد مرة أخرى مدى التنسيق ليس بين الكيان الصهيوني وأمريكا، بل بين الثلاثة، وهو ما توضح لاحقاً بحجة ما يسمى الجهود التي أوقفت استخدام حق النقض “الفيتو” من قبل الولايات المتحدة، والاكتفاء بالإدانة التي لن تكون ملزمة للكيان الصهيوني في قادم الأيام.