زواياصحيفة البعث

نبوءة لابيد بـ”خراب إسرائيل”

علي اليوسف

“بعد نصف سنة من الآن ستكون إسرائيل مفكّكة، ومجتمعها منشغلاً بكراهية الواحد للآخر. الجميع سيكون على حافة الهاوية، وسائر نحو الخراب”.. بهذه العبارة بشّر زعيم المعارضة في الكيان الإسرائيلي، يائير لابيد، عن المستقبل الذي ينتظر هذا الكيان غير الشرعي على خلفية تعديل النظام القضائي داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي، والذي يتيح للحكومة اليمينية المتطرفة السيطرة الكاملة على تعيين القضاة، بما في ذلك المحكمة العليا.

هذا التبشير بالخراب كان متوقعاً منذ أن تولت حكومة نتنياهو المتطرفة مقاليد الحكم، فالاحتجاجات والمظاهرات لم تهدأ وكأنها إشارات من نوع آخر أن هذا الكيان سيقود بنفسه عوامل زواله، خاصةً وأن هذه الحكومة اليمينية تعيش منذ اللحظات الأولى صراع الأجنحة المتطرفة، بحيث لا يمكن لأي طرف الاعتراض على الطرف الآخر كي لا تنهار الحكومة الهشة بالأصل، وهذا بالتالي سيقود إلى الانفجار في لحظة التصادم التي لن تكون بعيدة، إذ تشير كلّ المعطيات إلى أن التغول في الاستحواذ على كل ما هو ممكن سيقلب الطاولة على الجميع ليدخل الكيان في المرحلة الأولى من الصدام العنيف والحرب الداخلية التي يبشّر بها يائير لابيد.

من الطبيعي أن يتفكك هذا الكيان من الداخل، لأسباب كثيرة، منها أن الحكومة في حالة فوضى بسبب صراع المتطرفين الذين يقودون هذه الحكومة الأكثر تطرفاً دينياً ويمينياً في تاريخ الكيان. صحيح أن الاختلاف والتنازع السياسي، وكثرة إنشاء الأحزاب ودمجها وتفككها وإعادة تشكيلها، هو جزء من تركيبة الكيان الإسرائيلي منذ إنشائه، وصحيح أن القادة الصهاينة كانوا قادرين على استيعاب بعضهم وإدارة خلافاتهم في منظومة تراعي المصالح العليا للمشروع الصهيوني، إلا أن هذا الكيان الإسرائيلي يشهد منذ أربع سنوات حالة من اللا استقرار السياسي، حيث عقدت الانتخابات خمس مرات، حتى بلغت درجة التصعيد ضدّ الحكومة الحالية مدى غير مسبوق في الكيان.

في الواقع، لا يعود سبب التصعيد الجوهري في كون الحكومة يمينية، إذ إن الاتجاه اليميني غلب على السياسة الإسرائيلية منذ فوز الليكود بالانتخابات، عام 1977، ولكن السبب الرئيسي يعود إلى صعود قوى يمينية في أقصى التطرف الديني والفاشي، وتحديداً الصهيونية الدينية المعنية فقط بحسم هوية الكيان الإسرائيلي، والتشدّد في تعريف اليهودي، وحتى عدم المبالاة بانهيار ما تبقى من “أوهام” وشكليات بشأن مسار التسوية وحلّ الدولتين.

وعليه فإن الخراب الذي بشّر به يائير مرتبط بمحاولة هذا اليمين الديني هندسة المجتمع والدولة وفق رؤيته المتطرفة، وهو بالضرورة سيجرّ المنظومة الصهيونية إلى صراع داخلي وعزلة خارجية، وتكشف بالتالي أن الأزمة الداخلية التي سيشهدها الكيان ترقى للوصول إلى انفجار الوضع الداخلي، أو الوصول إلى احتراب وفوضى واضطرابات في المدى القريب والمنظور، وهذا يتطلّب بيئة فلسطينية رسمية وشعبية فعّالة قادرة على التدخّل في الوضع الداخلي الإسرائيلي، وممارسة ضغوط حقيقية بما يؤجج هذا الصراع، لكن العنصر الأهم في تأزيم المشروع الصهيوني هو تصاعد قوة المقاومة، بما يعني فقدانه للأمن، وتفاقم أزماته الاقتصادية، وبالتالي فقدان هذا المشروع لجدواه.