الهند مرشّحة لتخطّي بريطانيا اقتصاديّاً
تقرير إخباري:
بعد أن عزّزت الهند مكانتها الدولية كاقتصاد قويّ في ظل التنافس بين الولايات المتحدة والصين، أظهر استطلاع للرأي اختيار المشاركين في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الهند بعد الاتحاد الأوروبي واليابان، وهذا طبعاً ربما يرشّح الهند لاحتلال موقع متقدّم في الاقتصاد العالمي، وخاصة مع ظهور بياناتٍ تؤكّد زيادة معدّلات التنمية على خلفية التقدّم الاقتصادي والتكنولوجي في الهند.
ورجّح محللون أن “تنظر دول جنوب شرق آسيا بشكلٍ مُتزايد إلى نيودلهي كشريكٍ استراتيجي، وذلك بسبب ظهور الهند الكبير في الساحة العالمية في السنوات الأخيرة ورفضها الانحياز في الحرب الأوكرانية وسط تنافس بين القوى الكبرى”.
ويظهر الاستطلاع أن الهند أصبح يُنظر إليها كعامل احتياط في مواجهة عوامل عدم اليقين في التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، وذلك أن الهند التي احتلت المرتبة الأخيرة في منظمة “آسيان” في عام 2022، حسّنت نسبة قبولها من 5.1% إلى 11.3% لتحتل المرتبة الثالثة من أصل ستة، تليها أستراليا وبريطانيا وكوريا الجنوبية.
وقال أستاذ العلاقات الدولية راجيف رانجان شاتورفيدي: إنّ “العديد من دول جنوب شرق آسيا تعدّ الهند قوّة سلمية لا تُشكّل تهديداً عليها”، في حين أنّ أداء نيودلهي الاقتصادي القوي وإمكاناتها، وتشديدها على التعدّدية ورفضها الخضوع للجوار قد أدّى دوراً في رفع مكانتها عالمياً، فضلاً عن وقوفها الكامل على الحياد في الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي جعلها بعيدة عن الآثار الاقتصادية المترتبة على العقوبات والعقوبات المضادة بين روسيا والغرب.
فقد أعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن اعتقاد بلاده بـ”ضرورة إيجاد حل لأزمة أوكرانيا”، من خلال المفاوضات والحوار، مؤكداً استعداد نيودلهي للمساهمة في “التسوية السلمية” للنزاع بعيداً عن حالة الاستقطاب السائدة حالياً في العالم، الأمر الذي يؤكّد أن الهند تسعى بهدوء للوصول إلى مرتبة قطب جديد في العالم الذي بدأ بالتشكّل فعلياً على خلفية الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تضرب الدول الغربية.
وفي هذا التوقيت، كشف صندوق النقد الدولي في آخر أرقام صادرة عنه أنه قبل عقد واحد فقط من الزمن كان الناتج المحلي الإجمالي الهندي هو الحادي عشر في العالم، لكن مع توقّع نمو بنسبة 7% لعام 2022، تجاوز اقتصاد الهند اقتصاد المملكة المتحدة من جهة الحجم، ووفق بيان الصندوق رافق نموّ الاقتصاد الهندي فترة من التضخّم السريع في المملكة المتحدة ما أدّى إلى أزمة تكلفة المعيشة وخطر حدوث ركود بناء على ما توقعه بنك إنكلترا، حيث توقّع الصندوق أن تتخطّى الهند المملكة المتحدة أكثر حتى عام 2027، ما يجعل الهند رابع أكبر اقتصاد بحلول ذلك الوقت أيضاً وترك المملكة المتحدة في المركز السادس.
وتكشف التقارير أن الأسباب الرئيسية في نهوض اقتصاد الهند تكمن في قدرتها على تنمية قطاع التصنيع لديها، وقد استفادت بالفعل من الطبقة المتوسطة الكبيرة المتعلمة، ما ساهم في تطوير قطاعات تكنولوجيا المعلومات والأدوية على مستوى عالمي، كما أن لديها طلباً قوياً من المستهلكين، يمثل نحو 55% من الاقتصاد، مقارنةً بأقل من 40% في الصين.
وبالتالي فإن الفرصة الآن مواتية جدّاً للهند التي كانت مستعمرة بريطانية لاحتلال موقع متقدّم في الاقتصاد العالمي، ربّما يطيح باقتصادات دول كبرى، الأمر الذي يؤكّد من جهة ثانية أن بوادر تغيير كبير في العالم قد بدأت فعلاً، وأن الهند مرشّحة لأن تكون قطباً في عالم متعدّد الأقطاب.
ميادة حسن