أخبارصحيفة البعث

المستفيدون من الحرب الأوكرانية يرفضون إيقافها

تقرير إخباري:

من خلال متابعة مجريات الحرب في أوكرانيا، بات واضحاً بشكل لا لُبس فيه أن أمريكا لن توقف هذه الحرب وهي ماضية في إشعالها مهما بلغ الثمن، وخاصةً بعد رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن مبادرة الصين لإنهاء الحرب، حيث استقبلها مع دول الغرب بالتشكيك وكيل الاتهامات لبكين بتسليح روسيا رغم اعترافه أمام الإعلام بافتقار فرضيته إلى أدنى دليل، بل ذهب أبعد من ذلك في اعتبار أن الصين طرحت مبادرة تصبّ في مصلحة روسيا وحدها، متناسياً أن روسيا سبق أن وقّعت معاهدة مع الغرب تمنع أوكرانيا من الانضمام إلى “الناتو”، كما تمنع تسليحها، حيث كانت أمريكا والغرب هما المخلّ بالمعاهدة، إذ حوّلوا أوكرانيا إلى ورقة ضغط وابتزاز لروسيا.

إن أمريكا ومن خلفها كبريات شركاتها وبعض الشركات الأوروبية التي تملك فروعاً في أمريكا وأوروبا، لن تسمح بأية مبادرة سلمية وخاصةً بعد الأرباح الطائلة التي جنتها إبان الحرب، فقد أصبحنا أمام شركات ميزانياتها توازي ميزانيات دول عظمى، وعلى سبيل المثال بلغت أرباح شركات بيع الأسلحة الأمريكية في العام الماضي 50 مليار دولار، مع أرقام أقل بقليل لشركات تعمل في ألمانيا وفرنسا، كما تضاعف سعر أسهم تلك الشركات إلى نسب تتراوح بين 60-140%، أما شركات بيع النفط والطاقة فقد حقّقت غربياً أرباحاً غير مسبوقة ناهزت الـ200 مليار دولار في العام الماضي، وشهد قطاع الغذاء عدّة تحوّلاتٍ كارثية؛ أوّلها سيطرة شركات أمريكية على نصف مساحات الأراضي الزراعية في أوكرانيا، وثانيها أنه وبعد فتح “معبر الفقراء” الذي طالبت به الدول الأوروبية لتمرير الغذاء والأقماح من أوكرانيا إلى الدول الفقيرة، تبيّن أن الدول الفقيرة كانت حصّتها منه لا تتجاوز 6% ممّا صدره المعبر، والأنكى من ذلك أن الشركات الغربية التي تلعب دور الوسيط باتت تتحكّم بلقمة تلك الشعوب الفقيرة عبر رفع سعر الغلات الزراعية، وخاصة مع تراجع الإنتاج بفعل الحرب، ما يهدّد بتزايد المجاعات في تلك الدول وخاصة الإفريقية منها، وبالطبع فإن أرباح الشركات واللوبيات الكبرى لن تفيد في مجال الضرائب أو في مجال رفع مستوى المعيشة سواء لفقراء العالم أم حتى لشعوبها، كما أن تأثير الحرب لا ينحصر بالدول الفقيرة بل يمتدّ إلى تحقيق أهداف مبطّنة للإدارة الأمريكية منها نشر الخراب في أوروبا التي يتزايد فيها التضخّم ومعدلات الفقر وما يلحق ذلك من تبعاتٍ سياسية واجتماعية وصولاً إلى إضعاف وتفكيك الاتحاد الأوروبي، وتحويله إلى دولٍ لا إرادة لها أمام الهيمنة الأمريكية التي اعتادت منذ الحرب العالمية الثانية على التطفّل والكسب من خلف الأزمات والصراعات، وبيع الأسلحة وطباعة الدولار دون رصيد لتغذية مناطق التوتر.

إن ما حصل وما كان يحصل عزّز قناعة روسيا بأنه لا يوجد حل آخر سوى الاستمرار والمضيّ في عمليتها الخاصة في أوكرانيا حتى تحقيق أهدافها المشروعة كاملةً، ومهما حاولت الإدارة الأمريكية والحكومات الأطلسية التكسّب من خلف هذه الحرب الضروس فإنها ستنتهي ولكن بنتائج ستشكل وبالاً عليها، فانتصار روسيا يعني استعادتها لكامل مكانتها كقطب دولي عالمي، مقابل انحدار وتراجع للهيمنة الأمريكية والأطلسية، التي تحاول جاهدة عزل روسيا ومعاقبتها عبر حزم عقوبات وصل عددها إلى عشرة، بمجموع 13 ألف عقوبة، لكن هذه المحاولات ما زالت تجني الفشل، فموسكو رغم مضيّ عام على بدء عمليتها تواصل تحقيق فوائض في ميزانيتها وتمثل حالة التوازن الاقتصادي في العالم، كما أنها ما زالت تتابع تقدّمها الميداني الساحق على الأرض.

بشار محي الدين المحمد