دبلوماسية الضغط الشعبي
علي اليوسف
ما حصل على أرض مطار دمشق الدولي لجهة زيارة أعضاء مجالس البرلمانات العربية، يثبت بالدليل القاطع أن إرادة الشعوب ترفض كل أسباب التبعية والانكسار، لذلك حملت زيارة الوفود البرلمانية العربية إلى سورية الكثير من المعاني والدلالات، إلى جانب الحالة الإنسانية، بحيث يمكن وصفها بـ دبلوماسية الضغط الشعبي التي لا تحتاج عادة لبرامج سياسية، وبالتالي يمكن لها أن تكوّن أولى خطوات كسر الحصار عن سورية، ورفض استمرار العقوبات الاقتصادية الظالمة عليها.
بعد هذه الزيارة، من الطبيعي أن تكثر التكهنات والتحليلات، خاصةً فيما يتعلق بعودة العلاقات العربية العربية، وعودة العرب إلى قلب عروبتهم النابض، سورية، بعد 12 عاماً من القطيعة التي فرضت على أشقاء الدم والتاريخ. لكن بكل الأحوال، تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة، لأنها ستكون الحلقة الأولى في كسر الحصار الأمريكي المفروض على سورية، ومحاولة شعبية لتحدي الحصار تتجاوز كل المخاطر والمحاذير الغربية.
وعليه تلخص زيارة وفد البرلمان العربي إلى سورية حقيقة أن الشعوب العربية تتمرد على القرارات الأمريكية، التي تستهدف إخضاعها وفرض سيطرتها عليها، وتوجيهها بما يخدم السياسات الأمريكية. كما أنها تمرد على مفهوم الحصار الاقتصادي الذي يقوم على أهداف سياسية عقابية مخالفة للمواثيق والأعراف الدولية والأسس التي بنيت عليها الأمم المتحدة، وذلك بهدف تجويع الشعوب ومنع وصول الدواء والغذاء والاحتياجات الأساسية لاستمرار الحياة والصحة والتعليم والتنمية، عقاباً لها على تمردها وعدم انصياعها للإملاءات الأمريكية.
إن الموقف الموحد للبرلمان العربي في زيارة سوررية يثبت أن الأمة العربية اليوم تعيش مرحلة وحالة تاريخية فاصلة، وبالتالي فإن هذه اللحظة التاريخية الفارقة تستدعي التعالي عن المطامع والمصالح الضيقة والصراعات عبر الوصول إلى موقف موحد، لأن الواقع اليوم وصل إلى مستوى كبير من الانحدار الأخلاقي نتيجة للمخططات الأمريكية التي تسعى لاستغلال المعاناة القائمة، وتوظيف آلام ومصائب المنطقة للوصول إلى أهدافها اللاإنسانية واللاأخلاقية.
صحيح أنه لا يمكن لجم التوحش الأمريكي الغربي المتسلط على القرار الأممي، ولكن حتماً الضغط الشعبي قادر على فضح هذا التوحش والاستغلال التي يمارسه الغرب في هذه الكارثة الانسانية، ليس أمام شعوب الدول التي تعاني من الحصار، بل أمام شعوب العالم قاطبة، وخير دليل على ذلك أن دبلوماسية الضغط الشعبي تلاقي ترحيباً كبيراً في الداخل والخارج، حتى داخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.