رغم الوعود.. صالات السورية للتجارة لا تزال فارغة من البصل والتصدير الأخير رفع الأسعار!
دمشق – محمد العمر
اليوم تجد الفاكهة في الأسواق ولا تجد البصل، حيث لا زالت المادة عند التجار تحلّق بأسعارها وتتراوح بين 8 آلاف ليرة بنوعيته الرديئة و12 ألفاً وأكثر بنوعيته المقبولة، فرغم أن بيانات وزارة الزراعة التي حصلنا عليها قد حدّدت إنتاج البصل للعام الماضي بـ82 ألف طن بمساحة أكثر من 5 آلاف هكتار، وأن إنتاج الموسم 2022 يعدّ أكثر من السابق بـ5 آلاف طن، لكن ما كان في الأسواق قليل جداً، وهو ما بدا واضحاً منذ أواخر العام الماضي، فالكميات لا تغطي حاجة الأسواق، ولا تفي بالغرض المطلوب، حتى أنها تبدو مفقودة في أغلب صالات السورية للتجارة، رغم التوزيع الذي حصل، مما يثير عدة تساؤلات من وصول الحال إلى ما هي عليه!!.
تحذير مسبق
وكانت صحيفة “البعث” قد حذرّت منذ خمسة شهور على لسان أحد الخبراء التنمويين الزراعيين من ارتفاع سعر البصل، ووصوله فيما بعد إلى أرقام قياسية إذا ما بقي الأمر على ما هو عليه من إحجام المزارعين عن زراعته وضعف التسويق، وعدم القدرة بالتالي على تصريف الإنتاج في ظلّ التكاليف المرهقة، بل هناك جزء كبير من المزارعين من أتلف محصوله بمساحاته الواسعة، مما رتب على زراعتهم خسائر باهظة، وجاءت الظروف الجوية وتردي الطقس، لتزيد الطين بلّة وتؤثر على نوعية البصل. وكان الخبير الزراعي أكرم عفيف اتهم المؤسسة السورية للتجارة بالفشل في تسويق وشراء المحصول من المزارعين، حيث كان يجب عليها، كما يقول، تسويق المحصول من الفلاح وتخزينه في المستودعات وبيعه بعدها للمواطن بالوقت المناسب.
ولم يخفِ مدير الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد خليف أن هناك معاناة جسيمة للمنتجين العام الماضي في زراعة البصل، وخاصة بارتفاع سعر القزح /بذار البصل/ الذي وصل حينها إلى أكثر من 9 آلاف ليرة للكيلو غرام الواحد، ناهيك عن ارتفاع أسعار أكياس التعبئة وزيادة أجور اليد العاملة، إضافة لارتفاع أجور النقل الذي يتمّ من حلب وحماة وحمص إلى الأسواق الأخرى، مما زاد من التكلفة.
وما زاد الأمر تعقيداً، حسب قول أحد مزارعي البصل، عزوف الشركة العامة لتصنيع البصل عن التعاقد مع الفلاحين، وعدم استجرار إنتاجهم من محصول البصل الأبيض الأمر الذي فرض عليهم أعباء في تصريف إنتاجهم بأسعار مناسبة.
قلة عرض
في جولة لـ”البعث” اليوم على الأسواق، وجدت أن هناك ندرة في عرض مادة البصل بعد أن وصل سعرها إلى أرقام قياسية تزيد عن 12 ألف ليرة وأكثر، ليتصدّر البصل قائمة ارتفاع أسعار الخضار والمواد الغذائية، فضلاً عن فقدان المادة من الأسواق وانتشار نوعيات رديئة وقليلة الجودة، حيث بات المواطن يشتري بالحبة والحبتين، تناسباً مع قدرته الشرائية المحدودة، حتى صالات السورية للتجارة لم تحلّ الموضوع بعد توزيع كميات جيدة، حسب قولها، فهناك قلة عرض بالأسواق وعلى المواطن ليشتري المادة أن يذهب إلى صالة وصالتين وربما ثلاث، وهناك من صالات السورية للتجارة في بعض المناطق بدمشق من وضعت لوحات على واجهاتها تؤكد عدم وجود البصل!.
مواطنون قالوا إن الكمية التي أتت من المادة لصالات السورية للتجارة كانت بأطنان محدّدة لا تكفي لساعات، حيث تمّ تحديد السعر بـ6000 ليرة للكيلو الواحد، وخلال ساعات قليلة يتمّ الانتهاء من البيع، لتعود الصالات فارغة من البصل من جديد!.
أحد بائعي الخضار في سوق الهال أكد لـ”البعث” أن البصل في السوق يعتبر قليل العرض والتوريد، فالشاحنات التي تأتي تعدّ على الأصابع ولا تكفي منطقة واحدة بدمشق، مشيراً إلى أن التجار والسماسرة يتبارون لشراء السيارة الداخلة إلى سوق الهال، مبيناً أن سبب فقدان المادة يعود للاحتكار من قبل التجار، حيث إنهم ينزلون المادة على السوق حسب أهوائهم ومصالحهم، متحكمين بالأسعار وحدهم، وأن العرض حالياً هو للبصل الأبيض الذي يباع بأوراقه العريضة ويتراوح سعره بين 8 و9 آلاف ليرة.
تاجر آخر في سوق الهال أرجع سبب ارتفاع البصل إلى قرار سابق من فتح التصدير بالعام الماضي رغم أن حاجة السوق كانت كبيرة من البصل، وبالكاد الإنتاج يكفي الأسواق، لكن تصدير المادة ساهم في قلة العرض، مما رفع من سعره بهذه الأرقام التي نراها اليوم، حتى أن صالات السورية للتجارة في المحافظات التي تصلها كميات قليلة بين 2 و3 أطنان يومياً لا تسدّ حاجة السوق وتعدّ الصالات فارغة بشكل عام -وحسب قوله- البصل المصري خلال أيام قليلة على الطريق، وسيحدّ من هذا الارتفاع المحموم.
يُشار إلى أن مجلس الوزراء كان قد وافق على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة السماح باستيراد كمية 2000 طن من مادة البصل لمصلحة المؤسسة السورية للتجارة، شريطة أن تصل الكميات قبل نهاية شهر شباط الجاري لتقوم بطرحها في صالاتها وبيعها بالمفرق للمواطنين، واليوم نحن في اليوم الأخير من الشهر ولم تتوفر المادة؟!!.