ثقافةصحيفة البعث

زبيدة الطلاع.. زهرة على غصن الفن الجميل

جمان بركات

لأنها ابنة لفنان كبير في مجال الرسم للأطفال والفن التشكيلي، كان لا بدّ لهذه الزهرة أن تشرب ماء الفن من نبع، سلسبيل ماؤه وغني في العطاء. درست الحفر والطباعة (الغرافيك)، وتعرفت من خلال دراستها على الكثير من التقنيات، لكنها ترى أن الدراسة الأكاديمية تبقى بعيدة كلّ البعد عن الحياة العملية، فرسوم الأطفال هي أحب الفنون وأقربها إلى قلبها، لذلك اختارت الفنانة الشابة زبيدة الطلاع أن تكون مهنتها في الحياة، وفي حديثها لـ”البعث” قالت عن تفتق موهبتها وتدرجها في طريق رسوم الأطفال، خاصة وأنها من أسرة فنية، فوالدها الفنان القدير في مجال فن الطفل السوري، قحطان الطلاع:

أجمل محطات حياتي هي طفولتي بين اللوحات والألوان، ومشاهداتي المستمرة لوالدي يمسك ريشته ويرسم لوحته كان لها أثر كبير لتحفيز تلك البذرة على النمو. كنت أحاول تقليده والسير على دربه وطريقته، وكان ثناؤه وتشجيعه لي وأنا مازلت طفلة يعادل بالنسبة لي كل شهادات التقدير العليا التي يمكن أن ينالها شخص ما، كان لا يبخل عليّ أبداً بالنصيحة والتصويب وتسديد الخطوات والملاحظات.

مع ازدياد عمري وتمسكي بالريشة والورقة أدركت أن الفن قدري لا محال، فقررت صقل موهبتي بدراستي الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة اختصاص الحفر والطباعة، حيث الالتزام بقواعد الفن وضوابطه والمران الدائم لليد على الخطوط والتشريح والتكوين الدقيق للوحات وتوزيع عناصرها بشكل مدروس، وهناك كانت محطتي الثانية.

مسيرة فنية

وعن النصائح والتوجيهات، تحدثت الطلاع عن والدها وكيفية التعامل مع ابنته الموهوبة:

والدي هو الداعم والسند والناصح الأمين على تجربتي وخطواتي المتعثرة، ولازال وجوده يشكل بالنسبة لي المدرسة المفتوحة الدائمة التي تغذي خطوطي بالنضارة والنضج، لقد كان وجود والدي بجانبي أهم مصدر لنقاط قوتي ولاسيما من الناحية العملية على الرغم من مسيرتي الفنية التي كادت أن تقارب الـ١٢عاماً إلا أنني لازلت أتخبط في معترك الحياة فلا أجد سواه صديقاً وأباً ألجأ له لعوني وإرشادي إلى جانب والدتي الداعم الأكبر لي ولأخوتي.

رعاية أبوية

بين الإقدام والتهور والخوف والشجاعة خيط رفيع، وعن أهم الخطوات نحو الخروج من عش الرعاية إلى واقع الحياة العملية والمهنية قالت زبيدة: لابد من التمسك به بحذر ووعي بمرحلة ما ليسير المرء نحو مستقبله وما هو باﻷمر الهين الابتعاد عن الأسرة ولكن لابد من الاجتهاد وتكريس الوقت، وذلك لتطوير الذات وإثبات الوجود من خلال العمل، وكان الخروج من رعاية أبي إلى معترك الحياة قفزة كبيرة بالنسبة لي ولكني كنت واثقة من نفسي بسبب حصانة المعلومات والتوجيهات التي كنت قد شربتها من والدي في هذا الطريق، فهو الذي علمني كيف أتفق مع الجهات الراعية لأي مشروع ثقافي للأطفال وكيف أقدم موهبتي وفني لهم، وكيف أتعامل في مجال العقود والتقدير للمواقف في أي اتفاق حسب معطيات الفنان الحريص على فنه والذي لا يهادن في مقابل الحصول على المال بالتفريط بالأسس والقواعد السوية.

عالم الأطفال

عالم الرسوم للأطفال ودور النشر من أهم محطات نجاح زبيدة الطلاع، وعن هذه الدور العربية والمحلية قالت:

مسيرتي مزينة بالإنجازات المنوعة والإصدارات المختلفة مع العديد من دور النشر والمؤسسات المحلية والعالمية من مجلة “أسامة” الغالية على قلوبنا جميعاً، إلى “شامة”، فمنشورات الطفل في الهيئة العامة السورية للكتاب إلى دور النشر السورية الخاصة ودور النشر والمجلات العربية والعالمية، لكل منها نكهته وإرهاصاته وذكريات إنجازه الخاصة، وأنا من طبعي أنني أحتفظ بالتفاصيل الحميمية لأميز كل لوحة وكل كتاب بحسب اللحظات التي مرّت عليّ أثناء تنفيذه، فكل كتاب أو قصة تزين رسومي صفحاتها هو إنجاز وتميز بالنسبة لي، وخطوة مهمة على هذا الطريق الجميل.

واقع مفرح

تقيم زبيدة الطلاع حالياً في الإمارات، وعن تجربتها الغنية في سورية وخارجها قالت:

مهما ابتعد المرء عن بيئته يبقى الحنين والشوق في قلبه وعقله ليحمل ذاكرته معه أينما ذهب، ويبقى بالنسبة لي أن الوطن الذي حملني على ترابه موجود ومحمول في قلبي أينما حللت وارتحلت، لذلك لازالت خطوطي والأواني بكراً كلحظاتها الأولى حين استلهمتها من بيت والدي وريشته.

واقع الطفل واقع مليء بالبهجة والفرح وهو متشابه في كل البيئات، الأطفال زينة الحياة وجمالها كالمصابيح نتعلم من فطرتها وذكائها.

أحلام

وفي ختام الحوار تحدثت زبيدة الطلاع عن الآمال والطموحات والأحلام:

حبي الشديد للأطفال جعلني باللاشعور أجد نفسي غارقة لتصوير تفاصيلهم وضحكاتهم في رسوماتي، ليتمّ تصنيفي بعد ذلك ضمن فئات رسامي كتب الأطفال، بالجد والمثابرة يصل المرء إلى مبتغاه، وأن يحبّ الإنسان ما يعمل فهو على الطريق الأصح، أتمنى أن تصل رسومي للعالمية وأن أستمر بتقديم عملي بأجمل صورة.