وظيفة الأم والأب أن يكونا حاضرين في حياتنا.. كيف يمكن لطفلة أن تنشأ بدون والدين؟
“البعث الأسبوعية” ــ لينا عدره
تنعكس الطريقة التي نرتبط من خلالها مع أبوينا في حياتنا البالغة. ولسوء الحظ، لم يمر كل شخص بتجربة نشأته على يد أناس طيبين. كما ينشأ العديد من الأطفال اليوم بدون أب أو في بيئة سامة. وفي حين أن بعض الناس فقدوا آباءهم بسبب الحرب أو ظروف الحياة القاسية، أو هجرهم أباءهم لأسباب معينة، فإن العديد من الأطفال لم يختبروا الحب الأبوي أبداً.. ولكن علينا أن ندرك أن التخلي عن الطفل يترك انطباعاً دائماً في شخصيته، ويمكن عرض بعض النتائج المباشرة لغياب شخصية الأب في حياة الفتيات على الأخص.
1 – تدني احترام الذات
عندما يغادر الأب المنزل ويكون أقل حضوراً في حياة أطفاله، غالباً ما يلوم الأطفال أنفسهم.
كطفل، لا يمكن أن تحصل على تفسير عن سبب عدم وجود والدك إلى جانبك. إنه أمر لا يمكنك التعامل معه بالكامل بمفردك. والموضوع حساس للغاية، وعادة لا يرغب البالغون في خوض أحاديث صعبة حول ذلك.
والتفسير المنطقي الوحيد في عقل الطفل هو أن الأمر خطأه هو، وأنه غير محبوب. وهذا ينطبق بشكل خاص على الفتيات، إذ يجعلهن يشعرن وكأن شيئاً ما مفقود لديهن، وهن لن يشعرن أبدا بالرضا الكافي، شخصيا ومهنيا وأكاديميا وجسديا واجتماعيا وعاطفياً.
2 – اضطرابات الطعام
إن فقدان الشهية العصبي، واضطراب النهم للطعام، وتشوه الجسم.. إلخ، هي بعض التشخيصات التي يرجح أن تصاب بها النساء اللواتي يفتقدن للأب. وقد تم الافتراض أيضاً أن الفتيات اللائي يتغيب آباؤهن جسدياً أو عاطفياً هن أكثر عرضة بمرتين للإصابة بالوزن الزائد.
ويسمي علماء النفس هذه الظاهرة “الجوع للأب”، فأنت تشعر بفراغ داخلي عميق تحاول ضبطه بالطعام، نظراً لأن رغبتك في إقامة علاقة وثيقة مع والدك غير ممكنة.
3 – تصبح الفتيات ناشطات جنسيا في وقت مبكر
الفتيات اللاتي تربطهن علاقات وثيقة مع آبائهن أقل عرضة للحمل في وقت مبكر. وهن أكثر حذرا عند الدخول في علاقات عاطفية ويؤخرونها. وهؤلاء الفتيات ينتظرن وقتا أطول للزواج وإنجاب الأطفال. كما يُعتقد أيضاً أن زيجاتهن تستمر لفترة أطول وتمتلئ بمزيد من الرضا والاستقرار العاطفي.
4 – قضايا الإدمان وتعاطي المخدرات
ليس من المتعارف عليه في علم النفس الحديث أن هناك علاقة قوية بين تعاطي المخدرات والإهمال العاطفي. وإذا لم تحصل الفتاة على الحب والعاطفة اللذين تحتاجهما عندما كانت طفلة ولم تشكل رابطة صحية مع أحد الوالدين، فمن المرجح أن تبحث عن هذا الارتباط في بيئتها. وعندما يكون الوالد بعيداً، فمن المرجح أن تقع في نمط خطير من الاكتئاب وتدني احترام الذات ومشكلات أخرى.
وفي محاولة منهن لتخدير الألم، تلجأ الفتيات إلى المواد أو تناول الأدوية حتى يتمكن من قمع الألم الذي يشعرن به. والخروج من هذه الحلقة ليس بالأمر السهل، وهناك حاجة إلى الكثير من المساعدة والصبر ونظام دعم جيد.
5 – الاكتئاب والقلق
عندما تخشى أن يتم التخلي عنك بسبب الرفض، فمن المرجح أن تعزل نفسك عاطفياً.. إنها آلية دفاع حتى لا يؤذيك أحد. وليس من المستغرب أن الفتيات اللائي نشأن دون حضور الأب الجسدي والعاطفي أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق كبالغات.
وتشمل الأعراض تجنب العلاقات الرومانسية التي تبدو صحية للغاية، لأنك تشعر أنك لا تستحق السعادة، ولكنك في الحقيقة، تخشى ذلك، فاالحزن هو ما تشعر بالراحة معه، وهو ما تعلمت التعامل معه عندما تكون حزيناً.
من ناحية أخرى، يمكن أن تتسرع في علاقة غير صحية مع عدم وجود متلق أو مستقبل؛ ومن المؤكد أنها ستؤدي إلى وجع القلب، لكنك ليس عليك أن تخشى المشاعر المظلمة، فأنت تضبطها لأنك تعرفها.. إن فترة الحزن هي شيء يجب أن تمر به للمضي قدماً.
6 – صعوبة تكوين العلاقات والحفاظ عليها
تشير نظرية التعلق إلى أنه عندما نشكل علاقات وثيقة مع والدينا في مرحلة الطفولة المبكرة، فإننا نطور القدرة على التواصل مع الآخرين بطرق صحية. وعندما يختل هذا التوازن، تشعر بالقلق.
إنك تفضل أن تكون بمفردك وترغب في الحفاظ على خصوصية حياتك، وهو أمر تفعله عندما تريد حماية طفلك الداخلي من الأذى.
إن النشأة مع آباء غائبين تجعل من الصعب للغاية على الفتيات تكوين علاقات دائمة، خاصة مع الرجال، إذ لن يكون لديهن ديناميكية جيدة بين الإناث والذكور، وفي معظم الأحيان، يشككن في الآخرين، ويستمتعن بتطوير العلاقات السطحية مع الشركاء.
7 – شعور مشوه بالذات
كطفل، إذا لم يكن لديك مساحة آمنة للتعبير عن نفسك مع والديك، فلن تتعلم كيف تفهم نفسك واحتياجاتك، وهو ما يؤدي إلى انعدام الأمن المستمر لأنك لا تملك فكرة عمن تكون أنت، وإلى أين أنت ذاهب في الحياة. وقد لا يكون لديك رؤية موضوعية لما يجري.
هناك مشكلة أخرى تتمثثل في أنك لا تشعر أبداً بالراحة في أن تكون على طبيعتك. وبغض النظر عن مظهرك، وكيف تلبس، أو ما تؤمن به، يمكن لشخصيتك أن تصبح فوضوية للغاية لأنه ليس لديك أي نقطة ثابتة.
وفي حين أن النمو بدون أب هو تجربة مقلقة للغاية، فأنت بحاجة إلى فهم ما يدور في رأسك لكي تكون منسجماً مع نفسك حقاً.
8 – التاريخ يعيد نفسه
إذا لم تلتئم الجروح العميقة التي خلفها الأب غير المحب، فقد تحاول دون وعي البحث عن ديناميكية العلاقة نفسها مراراً وتكراراً.. إنه ليس شيئاً تفعله عن قصد، ولكنه شيء تشعر بالأمان معه.. شيء يمكنك التعامل معه لأنه حدث من قبل. وقد يكون عقلك أيضاً يحاول العثور على راحة لم تحصل عليها من قبل، وعادة ما يؤدي ذلك إلى مزيد من الألم.
خاتمة
عندما كان يمكن لأب أن يكون موجوداً من أجل ابنته، ولكنه تراجع تماماً عن واجباته الأبوية ورفض طفلته، فإنه يؤذي روح الفتاة التي كان من المفترض أن يحميها، وتركها تكبر مع طريقة تفكير مختلفة تماماً.
يعتقد علماء النفس أنه إذا لم تتم تربية الفتاة على مثال جيد، فمن الأرجح أن تختار شريكاً يكرر سلوك والدها. وقد أبلغت النساء اليتيمات عن العديد من المشاكل مقارنة بالنساء اللائي لديهن علاقة صحية مع والدهن.
إنهن يسردن النقاط التالية:
– حظوظهن أقل.
– الإحباط الشديد والغضب.
– صعوبة تكوين علاقات حميمة مع الآخرين.
– الخوف من التخلي عنها.
وللتعافي من هذه العلاقة المدمرة، يجب على المرأة أن تتعلم كيف تكون والدها، وأن تعانق بعضها البعض وتتلقى نوع الحب الذي يجب أن يقدمه الأب.. وتلك عملية تستمر مدى الحياة، ولكن إذا أحطت نفسك بالأشخاص المناسبين، فكل شيء ممكن. كما يجب أن تكون في بيئة تشجع على الدعم والمهارات المناسبة والكثير من الصبر.
والتواصل ضروري أيضا، ومع ذلك، فإنه لا يحل كل شيء مثل عصا سحرية.
سيظل الألم والحزن موجودين من وقت لآخر، لكنهما سيتغيران وسيصبح الأمر أسهل بمرور الوقت.
يمكنك أن تنمو كشخص وتتعلم وتنجح وتزدهر وتتعلم الحب والمحبة. ويمكن أن تكون حياتك رحلة رائعة إذا قبلت في قلبك أنك لست المشكلة.. إن إخفاقات الآخرين ليست مسؤوليتك.
ومع ذلك، فإن كيفية تشكيل حياتك بعد ذلك هي مسؤوليتك، ولن يكون الشفاء عملية سهلة، ولكنه ممكن.