اقتصادصحيفة البعث

رؤية أكاديمية لتقليل أخطارها.. “الكوارث” تكلف الاقتصاد العالمي حوالي 520 مليار دولار سنوياً

دمشق -مادلين جليس

أكد الدكتور عبد الحميد الخليل عميد المعد الوطني للإدارة العامة أن الوصول إلى منهجية عمل مستقبلية تقلل من أخطار الكوارث، يستوجب التركيز على الجانب الإغاثي ودور المجتمع الأهلي في هذا المجال، والاشتغال -بالتوازي مع ذلك- على الجانب الإنشائي والهندسي، إضافة للدور الإعلامي، مشيراً -خلال ورشة عمل أقامها المعد الوطني للإدارة العامة بعنوان “الاستجابة الوطنية لكارثة الزلزال وإدارة آثارها”- إلى هذه الورشة كانت تندرج ضمن سياق الوصول إلى أدوار متكاملة في  الكوارث الزلزالية، خاصة أن الورشة تستهدف الخروج بتوصيات تتضمن آليات عمل وخطط تنفيذية توجه إلى كل جهة على حسب اختصاصها.

الدكتور رائد أحمد المدير العام للمركز الوطني للزلازل، أشار إلى ضرورة الاستفادة من الزلزال ليتم في المستقبل بناء أبنية أكثر أماناً واستدامة، مؤكداً على ضرورة تفعيل دور المركز، ورفع جاهزية المستشفيات ورفد الدفاع المدني بكل التجهيزات التي يحتاجها في عمله، وإجراء الدراسات الهندسية المناسبة.

رصد وتقييم

الدكتور أيهم أسد مدير الاستشارات والأبحاث في المعهد الوطني للإدارة العامة تحدث عن الاستفادة من تقييم الأضرار والخسائر فيما بعد الكوارث من أجل تحديد أولويات إعادة الإعمار جغرافياً وقطاعياً وتحديد الحاجة إلى التعويضات المالية للمتضررين، إضافة إلى تخطيط عملية إعادة الإعمار وتصميم البرامج المناسبة لها، ورصد ومتابعة التقدم الذي تحرزه برامج إعادة الإعمار المقررة، مشيراً إلى أن هذا التقييم وعلى المدى القصير يسمح للحكومة بإجراءات التدخل السريع والفوري لتقليل معاناة البشر إثر حدوث الكوارث وعلى المدى الطويل يستفاد منه من أجل تحديد الاحتياجات المادية اللازمة للبدء بعملية إعادة الإعمار الشاملة.

وتحدث أسد عن الخطوات التقليدية التي يجب اتباعها أثناء تقييم الأضرار والخسائر كتحديد الإطار المرجعي لمرحلة ما قبل حدوث الكارثة، ووضع تصور لمرحلة ما بعد وقوع الكارثة، إضافة إلى تقدير الأضرار والخسائر بالنسبة لكل قطاع لوحده وتقدير الحجم الكلي لتأثيرات الكارثة، وأيضاً تقدير تأثيرات الكارثة على الاقتصاد الكلي وعلى الأفراد والأسر.

الأستاذ الدكتور حسين عزيز صالح من المعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية في جامعة دمشق أشار إلى أهمية الاستفادة من الزلزال لإعادة التفكير بشكل استراتيجي وتلافي الأخطاء الماضية باعتماد نموذج المدينة البارعة القائم على الجيومعلوماتية والذكاء الاصطناعي، داعياً إلى ضرورة تفعيل نهج أسلوب إدارة خطر الكوارث بشكل علمي وعملي في الجهات العلمية البحثية والقطاعات الإنتاجية والخدمية كما هو في السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار وآليات الترابط والتشبيك بين هذه القطاعات والجهات.

زج الطاقات

معتز قطان معاون وزير الإدارة المحلية أكد أن الوزارة قامت بتشكيل غرف عمليات وخلايا عمل لإنقاذ الضحايا وتقديم المساعدات للمتضررين وتأمين الإيواء والخدمات لهم غرفة عمليات مركزية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة غرف عمليات فرعية في المحافظات المتضررة خلية عمل مستمرة مع اللجان الفرعية للإغاثة تضم: عضو مكتب تنفيذي ومدير الشؤون الاجتماعية والهلال الأحمر العربي السوري والأمانة السورية للتنمية ومؤسسة العرين الإنسانية  وكافة الجهات العاملة على الأرض.

المساهمات الإسعافية

معاون وزير الشؤون الاجتماعية ياسر الأحمد أشار إلى المساهمات التي وصلت للمتضررين بشكل إسعافي وسريع فور حدوث الكارثة، وكانت عبارة عن 94 قافلة مساعدات تتضمن 230 شاحنة بوزن 2385 طن مقدمة من 36 منظمة غير حكومية، و10 مطابخ ميدانية، إضافة إلى 15 آلية منها باصين و13 سيارة إسعاف، و15 عيادة متنقلة، في حين أن المساعدات المالية من هذه المنظمات وصلت إلى 3.215 مليار ليرة سورية.

خسائر فادحة

وفي عرض له بعنوان تبعات الزلزال من الناحية الاقتصادية بين فضل الله غرز الدين معاون رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي أن الكوارث تكبد المجتمعات تكاليف باهضة، حيث أظهرت  قراءة هذه التكاليف أن ما يقدر بنحو 26 مليون شخص يسقط في براثن الفقر كل عام بسبب الكوارث الطبيعية، غير أن هذه الأرقام وبحسب غرز الدين لا تعطينا الصورة الكاملة، مشيراً إلى أن الخسائر الاقتصادية تقدر بـ 300 مليار دولار سنوياً، وعند حساب التأثيرات على الرفاه فإن الكوارث تكلف الاقتصاد العالمي بالفعل أكثر من المعلن عادة أي بمقدار 60 %، أو 520 مليار دولار في السنة.

وطالب غرز الدين بإعادة النظر في مجمل الإحصاءات وبخاصة ما تعلق منها بالسكان والمساكن والحسابات الاقتصادية القومية، أما في مجال الاستجابة السريعة فأكد على أهمية إعادة النظر في البنية المؤسسية القائمة فيما يتعلق بالاستجابة لحالات الكوارث، وتوفير أدوات الحماية المالية سريعة الصرف مثل الائتمان الطارئ والتأمين، إضافة إلى تضمين خطط الطوارئ المركزية والمحلية: أسس وضوابط الانتقال الممنهج من مرحلة الاستجابة الطارئة للأعمال الإغاثية إلى مرحلة التعافي (المرحلة الانتقالية).

ضعف الجاهزية

الدكتور عبد السلام زيدان من كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق أكد أن المشكلة لا تكمن في الزلزال نفسه، بل تكمن في ضعف جاهزية المباني وقدرة المؤسسات والمنشآت والإنسان.

وأضاف زيدان أنه يمكن تلخيص عدم الجاهزية والخلل الذي يعاني منها من  الأفراد والمؤسسات بوجود أنماط معمارية وإنشائية في المباني المشيدة لا تلبي المتطلبات العامة، أو متطلبات الحد الأدنى للمباني المقاومة للزلازل، مشيراً إلى أنه من أحد وأهم الأسباب الرئيسية للعديد من المباني التي تعرضت للانهيارات الكاملة يعود إلى وجود نمط الطابق الرخو (أو الطابق الضعيف)، وهو أن يكون أحد أو بعض طوابق المبنى مكونة من أعمدة فقط.