الثامن من آذار.. فعل السحر في إنهاض حزب البعث
البعث الأسبوعية- قسم الدراسات
كان النصف الأول من عام 1963 مليئاً بالأحداث التي طبعت ببصماتها حقبة الستينات، واستمر تأثيرها بدرجات متفاوتة عبر العقود الثلاثة التالية من ذات القرن. كان لـ حراك البعثيين فعل السحر في إنهاض حزب البعث، حيث جاءت ثورة الثامن من أذار عام 1963 رداً على جريمة الانفصال التي حدثت في 28 أيلول عام 1961.
استبشر القوميون العروبيون بثورة الثامن من آذار حين تسلم حزب البعث العربي الاشتراكي مقاليد الحكم في سورية، وكان مبرر الاستبشار هو أن حزب البعث يحمل تطلعات و آمال الجماهير العربية في الوحدة و التحرر و بناء المجتمع العربي الاشتراكي الواحد .
انفردت ثورة الثامن من أذار بالاستقرار والاستمرارية وفق مبادئ الحزب التي وضعت في طليعة أهدافها بناء الدولة السورية القوية القادرة على مواجهة المخططات الخارجية، وبناء الجيش العقائدي المهيأ لقتال العدو و تحرير الأرض العربية المحتلة .
لكن منذ انطلاقتها الجديدة، واجهت سورية المؤامرات العديدة، وتمكنت من الصمود برغم شراسة هذه المؤامرات، و دخول أطراف عديدة فيها، وحتى اليوم تواجه عدواناً عالمياً غير مسبوق، تشارك فيه أكبر دول العالم و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية و حليفتها الاستراتيجية
” اسرائيل”.
تأتي الذكرى الستين لثورة الثامن من آذار، ولا زالت سورية تتعرض لأكبر هجمة عدوانية همجية عرفت في العصر الحديث، إذ تاّمرت عليها كل القوى الاستعمارية في العالم وعملائها وأدواتها والتي اعتمدت على نسخ إرهابية متطرفة حاقدة و مسلحين متطرفين تكفيريي أدخلت إلى سورية، وعملت على دفعهم عبر المال والسلاح لارتكاب أبشع الجرائم بحق المواطنين، وتدمير البنى التحتية.
ومع استمرار الحرب على سورية، لا تزال دمشق القلعة السورية عصية وصامدة، وسيفها الدمشقي يذود عنها، و أهلوها صامدون و يلتفون حول قائدهم الرئيس بشار الأسد، وحول جيشهم الباسل الذي لم يتوان عن بذل التضحيات والدماء الطاهرة و قوافل الشهداء.
هي حرب المشروع الصهيو- أمريكي المباشرة وعبر الوكلاء، والتي تستهدف إعادة رسم خرائط المنطقة والعالم لخدمة مشروعها الكبير في السيطرة على العالم. أرادوها حربا ً مركبّة ً ثنائية الحوامل، أولهما عسكري بقوامه الإرهابي ، والثاني فكر تكفيري إرهابي، فكانت حرباً مبتكرة لم يعرف التاريخ مثيلا ًلها بلا مضمون و بلا إستراتيجية.
وبالرغم من التسليح والتمويل اللا محدود، و استقدام مزيد الإرهابيين من كافة أنحاء العالم، أخذوا يتحدثون عن الحل السياسي بعدما علت صرخات فشلهم وصيحات خوفهم من إرتداد الإرهاب نحوهم و حيثما صنّعوه . لقد تآمروا على الشعب السوري خدمةً للكيان الصهيوني وعملوا على إشغال وانهاك الجيش العربي السوري في محاولة لاستنزاف طاقاته و إخراج سورية من الصراع العربي – الاسرائيلي. هذا الجيش العقائدي الوحيد الذي وقف في وجه الاحتلال الاسرائيلي في حرب تشرين التحريرية عام 1973، و كان وراء انجازات المقاومة اللبنانية و إنتصاراتها في أيار عام 2000، و في تموز 2006، وثبات و إنتصار المقاومة الفلسطينية في غزة 2008 – 2009 ، لهذا تكالبت عليه كافة قوى الشر و الظلام و الهيمنة، وعمدت الى مهاجمة منظوماته الدفاعية و دفاعاته الجوية، والمطارات العسكرية في محاولة لإضعاف قدراته و امكاناته تمهيداً للانقضاض على سورية .
ستون عاماً ً للثورة ولا يزال حزب البعث العربي الاشتراكي، والجيش العربي السوري يؤكدان القسم، و يؤكدان عزمهما على استئصال الارهاب والإرهابيين، لتبقى سورية حرة القرار منيعة السيادة. و لا تزال بنادق ثواره تدافع عن الهوية العربية على كامل مساحة الوطن العربي الكبير في سورية و لبنان و العراق أرض التاريخ واليمن المقاوم البطل، وفي كل شبر من الوطن العربي.
إن الثورة و في ذكرى عيدها اليوم لا تزال مستمرة ًفي عطاءاتها و تطوير اّلياتها بما يخدم حاضرها و تطلعات أبنائها على طريق الإنتصار، و إعادة بناء سورية الحديثة والمتجددة القوية و المنيعة. لقد شكلت الثورة و منذ انطلاقتها عام 1963 مفصلاً أساسياً في تاريخ سورية من خلال الانجازات و المكتسبات التي حققتها لأبناء الطبقة الكادحة و العمال والفلاحين، لقد حققت سورية بفضل ثورتها قفزات نوعية تنموية واقتصادية و ثقافية واجتماعية وعلمية هامة، الأمر الذي جعل منها دولةً عصريةً تعتمد على قدراتها الذاتية، و تؤّمن استقلال قرارها الوطني، و لن تسمح لأي كان أن يسرق عرق جبين وكدّ يمين الشعب السوري.
لذلك اختارت طريق الصمود و التصدي لكي تضمن حرية و كرامة الشعب العربي و للذود عن الأمة و استرجاع الحقوق، و أعادة وضع ” أمن اسرائيل” على المحك لا بل وجودها أيضاً، رغم تصاعد التاّمر عليها و تضافر قوى الشر الغربية عليها. لقد أرادوا اسقاط سورية وتدميرها ليقينهم أنها الداعم الأول للمشروع القومي العربي، وصاحبة الفكر المناهض للرجعية، والاستغلال، و أرادوا إضعاف دورها العربي و الدولي، لكن سورية و بفضل ثوابتها الوطنية و القومية ستظل قلعة العرب القوية، وستفشل المؤامرة حتماً، و ستقضي على أهداف مخططهم، و ستستأصل ارهابهم عن أرضها .
ان سورية قوية و مصيرها لا يقرره سوى أبنائها مهما اشتدت، وكثرت الضغوط فأبنائها واثقون من أنها سوف تعبر الأزمة، وستكون أكثر قوة و صلابة و قدرة على تحقيق مصالح و اّمال الشعب والأمة عبر مسيرة الديمقراطية والحرية الحقيقية. وهانحن الاّن و في الذكرى الستين للثورة المجيدة، وعلى أعتاب النصر الكبير لا بد لنا أن نحيي روح القائد المؤسس حافظ الأسد الذي جعل سورية دولة محورية تشغل العالم كله وتحتل مركزه . كما نبعث برسالة حب و تقدير للأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد، ولجيشنا الباسل و شعبنا البطل الصامد .