في عيدها.. المرأة السورية تشكو غياب الأمان الوظيفي ومطالبها ما زالت برسم الانتظار!
مرة أخرى قدّمت المرأة السورية درساً من دروس العطاء والتفاني والتعالي على الهموم العادية وإلغاء المسافة بين الذات والوطن، لتكون هي الوطن حين فقدت أبناءها تحت أنقاض الزلزال الشهر الفائت، وضمّت بذراعيها أبناء الناجين من الكارثة ممن فقدوا أمهاتهم، وكانت المرأة المشاركة بجمع المعونات والمساعدات للناجين وتحضير الطعام لمن كان المأوى ملاذاً له، إذ لم يتوقف دور المرأة خلال سنوات الحرب عند حدّ معيّن بل تعداه بسنوات من التضحية والعمل بعد الحرب والانضمام إلى صفوف العمل جنباً إلى جنب مع الرجل لمجابهة قسوة الحياة المعيشية، الأمر الذي لمسناه في ازدياد نسبة النساء العاملات بعد سنوات الحرب لأكثر من الضعف عمّا كانت عليه قبل الحرب، وفق ما يؤكده خبراء التنمية، وذلك نتيجة فقدان الكثيرات لمعيل لهنّ في الحرب أو هجرتهم، في حين انطلق بعضهن إلى سوق العمل رغم وجود المعيل، إلّا أنّ الغلاء المعيشي وضعف القدرة الشرائية كانا السبب الرئيسي لعملهنّ.
تمكين المرأة
وعلى الرغم من أن التشريعات السورية، بحسب المحامية سلام العباس، لم تفرّق بين المرأة والرجل من حيث ساعات العمل والأجور، إلّا أن الواقع المُطبّق في سوق العمل الخاص يشي بالعكس، ولاسيّما مع استقطاب سوق العمل للكثيرات بأجور منخفضة وساعات عمل طويلة مستغلين حاجتهن للأجر وسط الغلاء الفاحش.
ولفتت العباس إلى عدم دراية الكثيرات بحقوقهن في سوق العمل الخاص وبالتالي سكوتهن عن هذه الحقوق، الأمر الذي جعل العمل الطويل بأجر ضئيل مع تعرّض البعض منهن للاضطهاد أمراً اعتيادياً، وهذا ما يتطلّب العمل على إزالة القيود التي تمنع تطور ومشاركة المرأة بشكل فعلي في هذا السوق، إضافة إلى ضرورة تمكين المرأة السورية قانونياً واقتصادياً من خلال تكثيف الندوات والورشات المتعلقة بهذا الموضوع، وخاصّة في ظل ارتفاع نسبة النساء العاملات في سوق العمل الخاص وعدم مراقبة التزام أرباب العمل بتطبيق القوانين. وتطرقت العباس إلى الضغوطات والمصاعب التي تواجه المرأة السورية في سوق العمل الخاص، كعدم تسجيل الكثيرات بالتأمينات الاجتماعية وتعرّض الكثيرات لإصابات عمل تسبّبت بإعاقة لهن مع عدم حصولهن على تعويض مادي أو أجر تقاعدي، إضافة إلى وجود الكثير من أشكال التحرش والتي من الممكن أن تواجه المرأة العاملة في عملها، وبالتالي فقدانهن لعامل الأمان الوظيفي في هذا القطاع، إلّا أن ارتفاع الأجر مقارنة بالقطاع العام ولو بآلاف بسيطة جعله يشكل عامل جذب لفئتي الشباب والإناث.
لم تتغير منذ سنوات!
وعلى الرغم من الإغراءات المادية البسيطة في القطاع الخاص، إلّا أن خيار العمل في القطاع العام لا زال يشكل أولوية للكثيرات غير القادرات على العمل لساعات طويلة بغية تحقيق التوازن بين العمل وحاجات الأسرة، الأمر الذي يتطلّب تقديم الدعم المادي والنفسي للقيام بمهام ألقيت على عاتقها نتيجة الواقع الاقتصادي السيئ، وهي ليست واجباً عليها بل هو دافع للحفاظ على أسرتها للعيش الكريم لتأمين لقمة العيش التي أصبحت صعبة والشعور بالأمان من المجهول الذي أصبح مخيفاً، وذلك وفق ما تحدثت به ليلى إسبر رئيسة لجنة المرأة العاملة في اتحاد عمال اللاذقية، لافتة إلى أن مطالب النساء العاملات السوريات في القطاع العام لم تتغيّر منذ سنوات، ولاسيّما أن جميعها مقترنة بزيادة الرواتب والأجور والتأمين الصحي المجدي، وتوفير دور حضانة لكثير من المؤسّسات والشركات ومنح إجازة الأمومة كاملة لكافة الأبناء وزيادة التعويض العائلي، وغيرها من المطالب الكثيرة التي لا زالت قيد الانتظار. وتحدثت إسبر عن صعوبة النقل الذي يأخذ وقتاً ونفقة كبيرة لتصل إلى منزلها وهي بحالة نفسية لا تُحسد عليها، ما يجعلها غير قادرة على استكمال مهامها المنزلية. وأشارت إسبر إلى الجهود التي تُبذل من قبل لجنة المرأة العاملة لنيل المرأة كامل حقوقها، إضافة إلى تقديم المساعدات والإعانات من خلال صناديق الدعم الموجودة لدينا، كما يتمّ إقامة دورات تثقيفية للمرأة بشكل دوري لتحفيز المرأة في مكان عملها، ولفتت رئيسة لجنة المرأة العاملة إلى الدورات المهنية التي يقيمها أيضاً الاتحاد بهدف تدريب العاملات على مهنة أو حرفة يستطعن بها دخول سوق العمل.
إعادة الإعمار
في المقابل تحدثت يمامة الربداوي رئيسة لجنة المرأة العاملة باتحاد عمال درعا عن دور المرأة كشريك فعّال وأساسي في مرحلة إعادة الإعمار، فعدم إشراكها في الإعمار يعني إغفال نصف المجتمع. ولفتت الربداوي إلى تمتّع المرأة السورية بجزء كبير من الحقوق التي تتيح لها المساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد حصلت المرأة على حق الانتخاب والترشّح وتمثيل المرأة في القيادات الحزبية وحصولها على حق التعويض العائلي في حال عدم حصول الزوج عليه، كما دخلت المرأة في مجال القضاء والمحاماة وشاركت في قيادات المنظمات الشعبية والمهنية، كما نالت الكثير من الحقوق منها شغل المناصب العامة، وإبرام العقود القانونية والحصول على حقوق متساوية في قانون الأسرة والمساواة في الأجور والحق في الملكية والتعلّم. وأشارت رئيسة لجنة المرأة العاملة في حديثها إلى دور لجنة المرأة العاملة في تعزيز الدور المنوط بالمرأة وجميع النساء العاملات وهنّ يكافحن مع أرباب أسرهن وأبنائهن، بالإسهام في عملية التنمية وزيادة العمل وتحسين الإنتاج.
ميس بركات