فاتورة باهظة!
غسان فطوم
تفيد الأرقام المنقولة عن البنك الدولي أن كلفة الأضرار الناجمة عن الزلزال الذي ضرب سورية في السادس من شباط الماضي تُقدر بحدود الـ 5 مليار دولار، وهو بلا شك رقم كبير جداً، وقابل للزيادة إلى أكثر من ذلك لأن نسبة الدمار هائلة في الكثير من المناطق وكلفة فاتورة اعمارها باهظة.
ولا شك ثمة أسئلة ستطرح هنا حول كيفية تأمين هذا المبلغ الضخم، فموازنة الدولة منهكة بعد 12 عاماً من حرب دمرت البنى التحتية والبيوت، بل وطالت كل شيء، وبالنتيجة بتنا أمام ملف اعمار معقد ويحتاج للكثير من العمل لانجازه والأهم فيه إيواء الناس الذين شردهم الزلزال في بيوت لائقة تضمن لهم راحتهم وكرامتهم عدا عن إدارة ملف الإغاثة بحكمة ودراية خاصة بعد أن كثر القيل والقال على صفحات التواصل الاجتماعي.
وكما يقال “ما بحك جلدك غير ظفرك”، يعني التعويل أولاً سيكون علينا كسوريين، حكومة وشعباً، لأننا أدرى بشعابنا والأقدر على أداء المطلوب منا من التزامات وأعمال، قبل أن نعول على مساعدة الآخرين من دول شقيقة وصديقة هي بلا شك لم تقصر في إرسال المساعدات العينية والمالية وحتى المعدات والأدوية والبيوت مسبقة الصنع للسكن المؤقت كحالة إسعافية.
إذاً، نحن أمام مهمة صعبة محفوفة بالمخاطر إن لم نعرف كيف نديرها، فمثل هكذا مهام لا ينفع معها القرارات الارتجالية غير المدروسة، فالمواطن حتى في الحالة الطبيعية لم يعد قادراً على تحمل تلك القرارات التي أرهقت كاهله، أمام غلاء أو ارتفاع غير مسبوق للأسعار، فكيف سيأنس يوعود تتعلق بموضوع إيواء عشرات آلاف المتضررين المشردين؟!
نعتقد أنه سؤال مشروع قياساً بالأداء الحالي أو الإدارة الحالية للأمور، والتي ما زالت مضطربة وضعيفة مقارنة بحجم الكارثة، فبعد أكثر من شهر ما زلنا في إطار عملية البحث عن كيفية مساعدة الناس وإيواءهم، في وقت كان المفروض أن تبدأ مرحلة التعافي وانطلاق العمل بتأمين السكن البديل ووضع خطط وبرامج قابلة للتنفيذ خلال فترة قصيرة جداً.
بالمختصر، نعود ونؤكد أن المهمة صعبة جداً وتحتاج لأداء إداري من نوع خاص مرن أو رشيق ومبدع، وخاصة ما يتعلق بالإسكان والصحة والتعليم والأمن الغذائي، ومع تعويلنا على مساعدة ومساندة الأشقاء والأصدقاء وباقي منظمات المجتمع الدولي، لكن يبقى الأهم أن نتكافل مع بعض كسوريين بالقلوب والجيوب، وأن تكون الجهات المعنية حريصة على أداء المسؤولية بالفعل لا بالقول، بعيداً عن أية شبهات، فذلك يقوي عزيمتنا وقدرة أهلنا المتضررين على تحمل آلامهم، وبالنتيجة تقوية ثقة المواطن بالحكومة ومسؤوليها ومؤسساتها على اختلاف مستوياتها ومهامها.