استعصاء تشغيل الغير!!
علي بلال قاسم
لطالما فتحت الحكومة الأبواب مشرعة على أية صيغة تعاون وتشاركية أو تشغيل للغير في شركات القطاع العام الصناعي، في خطوات وصفت بالإسعافية التي تحاول من خلالها إخراج بعض الشركات ومواقع الإنتاج من مستنقع الركود والجمود وتعرض معظم خطوط الإنتاج للصدأ، ما تسبب في بعض الأحيان في توقف بعض الإدارات عن مجرد تأمين رواتب للعاملين، وهذا ما يشكل تهديداً يضع صانع القرار في حرج يصعب الخروج منه.
اليوم ومع تعرض الكثير من المعامل والشركات الخاصة والعامة للضرر بفعل الحرب من جهة، وبسبب مفاعيل الزلزال مؤخراً، ثمة حاجة لدعوة الصناعيين الذين تضررت معاملهم إلى استخدام معامل القطاع العام في خدمة إنتاجهم، في قطاعات مهمة جداً في السوق، لاسيما الغذائية والدوائية والنسيجية، ولنأخذ الأخيرة نموذجاً حيث بالإمكان أن يساهم الخاص في توفير موادها الأولية بسبب مرونته وأنه غير معاقب، كما الشركات الحكومية، مع تأمين حصة للشركات الحكومية التي تقوم بالتشغيل لصالحها، وخير مثال إنتاج الغزول والأقمشة سواء من الأسواق المحلية أو الخارجية لقاء عوائد يتفق عليها الطرفان، وهنا يتفق الجميع على أن التبريرات والموجبات إنقاذية بحتة تخدم كل الأطراف وتؤمن الغزول والأقمشة لاستمرار المنشآت العامة والخاصة وعدم استيراد منتجات مماثلة من الخارج.
في هذا المضمار، لا يخفي الكثير من الفعاليات المتضررة وغيرها من أقطاب الإنتاج والصناعة تفاؤلهم بهذا التحرك، رغم تحفظ الكثيرين عليه وحساسية البعض، ممن يعتبرون أنفسهم غيورين على القطاع العام، والمشككين بأية شراكة مع القطاع الخاص، علماً أن معنيين في وزارة الصناعة يرون بأن الحكومة لا تطمح للربح بل إلى بقاء العمال وراء آلاتهم وتأمين النفقات الثابتة، وإن كان الموضوع يبدأ بتجربة شركة أو شركتين غذائيتين أو في قطاعات الغزل أو النسيج أو الصباغة.
ويبدو أن اللجوء إلى هذا الخيار – حسب الكثيرين – له من المفاعيل الكثيرة بحيث يستفاد من إمكانيات شركات الدولة ومرونة القطاع الخاص، في وقت قيل الكثير عن نوايا صناعيين لتأسيس شركة من المتخصصين بالنسيج والمستفيدين من الغزول لتأمين المواد الأولية من الأقطان لشركات الغزل العامة للقيام بتصنيعها لمصلحتهم وفق أسس وأسعار يتم الاتفاق عليها.
فهل يكتب لهكذا تجارب النجاح أم أنها ستبقى قيد الاستعصاء الإداري؟ وبالتالي سيكون التشكيك بسوء النوايا هو المسيطر على تلك الذهنية الرافضة للشراكة التي تبنتها الحكومة منذ سنوات..؟!.