ثقافةصحيفة البعث

ملتقى الشباب الأول يتساءل: لماذا غادر الشعر؟

حلب – غالية خوجة

اختتم ملتقى الشباب الأدبي الإبداعي الأول الذي أقامته مديرية الثقافة بحلب، على منصة المركز الثقافي العربي بالعزيزية، محتضناً تجارب كتابية شبابية على مدى ثلاثة أيام أثبتت ما قاله يوماً عنترة بن شداد: “هل غادر الشعراء من متردّم”، ويبدو أن الشعر هو الذي غادر هذه المرة، بينما هناك محاولات طموحة للشباب ليكونوا كتّاباً أو شعراء.

رسائل غزلية

اتسمت أغلب الكتابات بميلها إلى الخواطر الأدبية والرسائل الغزلية والبوحية، وابتعدت عن الفنيات والجماليات من اختزال الدلالة وإيقاع الجملة والمعنى والمخيلة، وكانت أغلبها عبارة عن رسائل حب وعشق وغزل بوصف تقليدي وواقعي وتعبيري عن العواطف الجياشة والحواس، إضافة إلى إصابة الدلالة ومدلولها، أحياناً، بخشونة غير متناسبة مع الحسّ الرومانسي، مثل “قعر الاشتياق”! بينما، وبالمقابل، هناك بعض الطاقات الطامحة التي لم تجد بوصلتَها بعدُ رغم محاولتها التأرجح بين محاكاة محمود درويش وتقليد نزار قباني، ومنها الشاعر الشاب ميلاد ملي الذي حاول إيجاد بعض الصور الشعرية، مثل “كجمجمة هاربة من الأفكار”.

لماذا جاء الفاعل منصوباً؟!

كما ابتعدت أغلبية التجارب عن بديهيات اللغة العربية، لدرجة أن الأخطاء النحوية والإعرابية والشكلية واللفظية كانت واضحة ومكرّرة وكثيرة، فلا يُعقل أن يُنصب الفاعل أو المجرور مثلاً، إضافة إلى ضعف واضح في الإلقاء لم يميّز مداخل الحروف ومخارجها، ولا أحاسيس المعنى، ولا كيفية السؤال، ولا الختام، مع بعض الكسور في الوزن الشعري، وغلبت على الإلقاء ظاهرة الصراخ والبوح والرومانسية البسيطة العادية والمحاكاة والتقليد والمسرحة، ولم يكن التقديم مناسباً، لأن الشابة تسنيم حومد اعتمدت على إلقائها من كتاباتها بين مشارك ومشاركة ومشارك.

ولذلك، فضّلت “البعث” أن يتحدث بعض المشاركين عن تجربتهم في هذا الملتقى ورأيهم فيما سمعوه من المشاركين معهم؟.

أغلب التجارب عادية

رغم صعوبة السؤال بالنسبة إليهم، أجابنا الشاعر الشاب حافظ أوأو الذي اقترب من عوالم القصيدة وقراءتها لولا بعض الهنّات: ينتابني شعور للشغف الطاغي على وجهي وصوتي وحروف قصائدي، وكل الحب لحظي الأكبر بأن أقع في زاوية صفحة صغيرة لكاتبة وأساتذة أراهم قدوة، وهذا ما أحسسته من خلال مشاركتي، آملاً أن يأتي الأفضل، رغم أني شاركت بقصيدة حب موسيقاها التفعيلة، أمّا عن زملائي المشاركين فأرى أن هناك الكثير من العادي، وهناك من يقرأ أول مرة على المنصة، لذلك يرفع صوته كثيراً، لكن، هناك من لديه الموهبة من الذين سمعتهم وشاركت معهم في اليوم الأول، مثل ميلاد ملّي وعبد الله شويحنة.

نحتاج لحركة دعم

بدوره، قال الشاعر الشاب عبد الله شويحنة المصرّ على إكمال موهبته بتطويرها: المشاركة جيدة، وبدعم من مديرية الثقافة، وهذه أول مشاركة لي وأقدم قصيدة على وزن “المتقارب”، ونحن كجيل شاب ننهض بقدراتنا الأدبية لنبني الوطن.

فقاطعته: كيف نبني الوطن إذا لم نبنِ اللغة أيها الشباب؟..

فأجاب: معك حق، لا بد من الاهتمام باللغة والتقليل من الأخطاء النحوية واللفظية، وفعلاً، هناك ضعف باللغة العربية، ونحتاج لحركة دعم للشباب المبدع والمواهب.

فخّ التقفية

وعن رأيه بهذا الملتقى، أكد محمد سمية رئيس دائرة حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في مديرية الثقافة بحلب: يقام الملتقى الإبداعي لليافعين والشباب في مديرية الثقافة بشكل دوري، بهدف استقطاب مواهب اليافعين وتنميتها، ولقد لاحظت، من خلال متابعتي لما قدّمه المشاركون في اليوم الأول، أن معظم النتاجات اقتصرت على موضوع الغزل التقليدي في غياب شبه تام للمواضيع الأخرى، وبعضها كان على الوزن الخليلي، وبعضها أقرب إلى السجع من الشعر لشدة الوقوع في فخ التقفية باستثناء بعض المشاركين والمشاركات، ومنهم ملي وشويحنة اللذان قدما نصوصاً أكثر نضوجاً.

معنى حزين وإلقاء باسم!

أمّا الشاعر عدنان الدربي، كمشرف على المشاركين في اليوم الأول، فركّز على عدة محاور مهمّة، منها الأخطاء اللغوية والإملائية وضبط الكلمات، إضافة إلى الابتعاد عن حقيقة الأداء كون الدلالة حزينة والإلقاء باسم!. وأخبر “البعث” بأنها تجربة مفيدة للشباب الذين بلغ عددهم 30 مشاركاً ومشاركة، ليعرفوا كيف يكتبون ويعبّرون عن أنفسهم.

بعضها واعد

وبدوره، رأى الشاعر إبراهيم كسار، المشرف على 11 تجربة في اليوم الثاني، أن هناك بعض المواهب الواعدة التي اقتربت من النضج، وقدّمت العمود والنثر، وتحركت بين الصور المركّبة والمشهدية، ومنها محمد فضيلة ورؤى دواليبي ويثرب محمد.. وغيرهم، كما تنوعتْ موضوعات اليوم الثاني بين اجتماعية وغزلية ووطنية، على عكس اليوم الأول.

وأشرفت الشاعرة ليلى أورفلي على التجارب المشاركة في اليوم الثالث الذي تمّ فيه تكريم المشاركين.

سؤال للمعنيين

أمّا كيف نوظف هذه الطاقات الطامحة، وكيف نؤسّس لورشات عمل واقعية للجيل الشاب بمتابعة مستمرة ودائمة من لجنة تؤلف من الشعراء والنقاد؟ فتلك إجابة برسم المعنيين.