أزمة الفول…؟!
بشير فرزان
تلوح في الأفق أزمة جديدة تدور حول انخفاض إنتاج الفول نتيجة قلّة الأمطار وتراجع المساحات المزروعة، وفق ما صرّحت به وزارة الزراعة، وبشكل يؤدي إلى قلّة المادة في الأسواق، ويمكن تعميم هذا النقص على الحمص والعدس، وطبعاً لن نستبق الأحداث بالتأكيد على تكرار سيناريو البصل، بل نطلق صفارات التحذير من القادم إذا لم يكن هناك تعاطٍ إيجابي مع المؤشرات الزراعية الإنتاجية، وبشكل يدفع نحو الاستنفار الكامل وإعداد خطة استباقية لمعالجة المشكلة، وهذا الأمر مناط بوزارة الزراعة في المرتبة الأولى، ووزارة التجارة الداخلية عبر السورية للتجارة ووزارة الاقتصاد.
ومن الضروري هنا مع كثرة الجهات العاملة على الساحة الزراعية البحث في حقيقة ما يجري داخل القطاع الزراعي الذي تعرّض ويتعرّض لانتكاسات متتالية، وبات في تراجع مستمر، بينما الواقع الزراعي ينتفض بقوة في وجه التطمينات التي تتلاشى أمام حقيقة ما يعانيه الفلاح لتأمين مستلزماته، وبشكل يؤكد أن العمل الزراعي ما زال حبيس التصريحات الزراعية ولم يستطع التغلب على مشكلاته المعروفة والمكرّرة على مدار سنوات طويلة، ولم يستطع أحد إخراجها إلى ساحة الحلّ والمعالجة وبشكل يوطّد العلاقة بين الفلاح وأرضه الذي يطالب اليوم بحلول جذرية تكون سنداً له في الحفاظ على ما تبقى من أرزاقه التي أفنى حياته في الدفاع عنها والعمل ليل نهار من أجل الحفاظ عليها. ولا شكّ أن الضربات الموجعة التي يتلقاها في كلّ عام تثبت أن آماله اتكأت على الكثير من المصفوفات الورقية التي كانت سبباً مباشراً في زيادة خسائره وتعميق مشكلاته، حيث أمعنت جميع الجهات التي تتنافس خطابياً في طرح الشعارات والأهداف الكبيرة التي لا يُكتب لها التنفيذ وتبقى مكدّسة في ملفات عامرة، هذا عدا عن التفاوت الكبير في الأرقام التي تقدّم ضمن منظومة الدعم الزراعي وبين ما يصل إلى أرض الفلاح بشكل فعلي دون أية منغصات وأعباء مالية إضافية وغير قانونية. وهنا لن نتكلّم عن المعادلات التي تُطرح في كلّ المناسبات دون أن يكون لها أساس في حياة الفلاح الذي عانى ويعاني من الأداء الضعيف للجهات المعنية بالقطاع الزراعي، حيث لم تفِ بالتزاماتها ووعودها بانتهاج سياسة تساهم في تأمين المستلزمات الزراعية وتسهيل وصولها للفلاحين كي تضمن حقوقهم وتحافظ على أرضهم، وطبعاً الطرح هنا ليس بقصد الإساءة لأي جهة بل مجرد محاولة لإيقاظ من استسهل الوعود على حساب العمل الفعلي!.
ولا شكّ أن تعدّد وتكرار الأرقام والتوقعات غير المبشّرة بمواسم زراعية وافرة يتطلّب وقفة محاسبة ومساءلة لأولئك الذين يختبئون وراء الظروف لتبرير الانتكاسات الزراعية المتتالية دون العمل على إيجاد منظومة دعم حقيقية للفلاح تمنحه فرصة استثمار كلّ شبر من أرضه، وتنشيط وتفعيل العمل الزراعي لتحقيق أولى متطلبات الأمن الغذائي، وهذا يتطلّب تعاوناً وتنسيقاً استثنائياً مع وزارة التجارة الداخلية من أجل تقييم وضع المحاصيل وشرائها قبل فوات الأوان ليتمّ طرحها في الأسواق بعيداً عن أي احتكار، بحيث يتمّ تجاوز أزمة الفول وغيرها بسهولة وبشكل يحقق مصلحة المواطن ورضاه عن الأداء الوزاري والمؤسّساتي.