قرض شهر رمضان في دائرة الشائعات.. و”السورية للتجارة” تلتزم الصمت!
بدأ العدّ التنازلي لقدوم شهر رمضان، وبدأ معه العدّ التصاعدي لقيمة فاتورته التي ارتفعت قبل قدومه بأسابيع لا بأيام، ففي وقت ينتظر المواطن أي إجراء حكومي يصبّ في مصلحته ولو “ظاهرياً”، تلتزم الحكومة الصمت إزاء سلسلة من ارتفاعات الأسعار غير المتناسبة طرداً مع تداعيات كارثة الزلزال وتجميد العقوبات وانخفاض سعر الدولار، وليس انتهاءً بإصدار نشرة تحدّد سعر مادة الفروج “بزيادة آلاف” تجعل التفكير بشراء قطعة منه تحتاج لحسابات طويلة تنتهي بإلغاء هذا المشروع بشكل نهائي عند باب المحل.
تأهب تام
وعلى ما يبدو، هناك مفاجآت كثيرة تنتظر المواطن في هذا الشهر، إذ لم يتوقف ماراثون الارتفاع على السلع الموجودة بالمحال التجارية ليتعداه إلى فقدان الكثير منها ومن المواد الغذائية المصنّعة وحتى المزروعة في أرضنا، خاصّة وأنّ أزمة البصل ما زالت ماثلة ف الأذهان، في وقت ما زال البلد يعاني ما يعانيه من تبعات كارثة الزلزال وأولويات التفكير بإنشاء مساكن للناجين منه والاستفادة من قرار تجميد العقوبات واستيراد ما ينقص صناعتنا واقتصادنا المحلي لا استيراد الزراعات التي من المفترض أن تغصّ أراضينا بها، ليبقى المواطن في حالة يقظة مستمرة وتأهب تام لتلقي المزيد من الضربات التي تصبّ دوماً في تفريغ جيبه قبل قبضه للراتب أساساً.
شائعات التقسيط
ومع “عجقة” البصل وتوزيعه على البطاقة الذكية، لاحت شائعات تتحدث عن نيّة “السورية للتجارة” فتح باب التقسيط على المواد الغذائية للعاملين في القطاع الحكومي دون معرفة السقف الموضوع لهذا التقسيط، وذلك تزامناً مع قدوم شهر رمضان، فعلى الرغم من أنّ السورية للتجارة خاضت هذه التجربة سابقاً ولاقت الكثير من الردود السلبية والانتقادات، إلّا أن بعض الموظفين وجد بهذا الإجراء شراً لا بد منه، آنذاك، رغم أن أسعار العام الماضي تعتبر مقبولة مقارنة بهذا العام.
فقدان الثقة؟
وفي محاولتنا نفي أو تأكيد هذه الشائعات كانت خطوط الاتصال بالسورية للتجارة مغلقة دوماً، رغم تأكيد الوزير عمرو سالم خلال الاجتماع الأخير بمدرائه ضرورة الإجابة عن جميع ما يطرح عليهم من أسئلة، إلّا أن “سياسية التطنيش” لا زالت السمة الغالبة على هذه المؤسّسة “الإيجابية”، لنتجه في سؤالنا إلى أحد المصادر العاملة في المؤسسة، تحدث لنا خارج إطار القروض والتدخل الإيجابي، لافتاً إلى أن الكثير من الحمولات القادمة إلى المؤسّسة لا تتعدى بابها الخارجي، وخاصّة مع انتظار الكثير من التّجار الصغار أمام السيارات المحمّلة لملء محالهم التجارية بهذه البضاعة وسط غياب الرقابة الدائمة على عملهم.
في المقابل، تساءل محمد كوسا “خبير اقتصادي” عن التغذية الراجعة لتجربة منح القروض في الأعوام السابقة، وهل استطاعت تلبية وسدّ الحاجات المتزايدة لذوي الدخل المحدود خلال رمضان، مشيراً إلى أن قلة قليلة من الموظفين تتقدّم للحصول عليها ولم تتجاوز نسبتهم الـ 15% لأسباب عديدة تتمحور حول غلاء بضاعة السورية للتجارة ونوعيتها.
وتحدث كوسا عن طرق أخرى وخدمات أخرى تستطيع المؤسّسة تقديمها للموظفين بعيداً عن هذه الوسائل البدائية التي تجعل المواطن يتجه خارجها إلى البسطات والأسواق الشعبية ذات البضاعة المشابهة وبأسعار أقل، ولفت إلى فقدان هذه المؤسّسة الهدف الذي أنشئت من أجله بالتدخل الإيجابي، ولاسيّما مع استيرادها مادة “البصل” المرتفع الثمن والرديء الجودة، ناهيك عن ارتفاع سعر الزيت في صالاتها مقارنة بسعره في الخارج.
آلية جديدة
الخبير الاقتصادي تحدث عن أهمية إدراج مواد أخرى على البطاقة الذكية (بيض، فروج، لحوم) في ظل ارتفاع سعرها بشكل مخيف يبعدها عن سفرة رمضان وأشهر العام ككل، بحيث يكون التدخل مدعوماً وحقيقياً لا وهمياً، مشيراً إلى غياب قاعدة بيانات حقيقية ومعايير وأسس لتوزيع هذه المواد ضمن منظومة عمل لتأمين المادة للفقراء والأكثر هشاشة في المجتمع، فسابقاً كان يتمّ توزيع مادة البيض على العائلات الأكثر فقراً ضمن المدارس، في حين باتت أغلب شرائح المجتمع تعاني اليوم من سوء تغذية، ناهيك عن ضرورة إدراج الأدوية والألبسة وغيرها من المواد الضرورية لجميع الأسر.
توزيع السلل
في المقابل طرح الخبير الاقتصادي عامر شهدا توزيع جزء من السلل الغذائية التي قُدّمت للناجين من كارثة الزلزال، على المواطنين “المُختاجين” ومساواتهم مع منكوبي الزلزال، ولاسيّما أننا لا نملك نظام تخزين صحيح ومستودعات نظامية تستطيع الحفاظ على جودة المواد الغذائية لأشهر قادمة، أما في حال تمّ تخزينها لأشهر قادمة فسيتمّ إتلافها آجلاً أم عاجلاً، لذا من الأجدى تخصيص ما يقارب 150 – 200 ألف أسرة في هذه السلل كخطوة جيدة من المعنيين باتجاه تقديم الإعانات الاجتماعية.
خسارات متكررة..!
وفيما يتعلق بمقترح إدراج مادتي البيض والفروج وبيعهما على البطاقة الذكية، تحدث شهدا عن وجود ثقافة اجتماعية مغلوطة عند الكثير من المواطنين نتيجة الحاجة المادية، إذ يضطر البعض لبيع مخصصاتهم من المواد المدعومة “كالبصل مثلاً” لأصحاب المطاعم الذين بدورهم يقدمونها بأسعار مضاعفة، فالمشكلة اليوم لا تقف عند حدّ توفير السورية للتجارة للسلع بل بغياب الرقابة وسيطرة ثقافة الحاجة على الثقافة الاجتماعية، لنصل بالنتيجة إلى أن السورية للتجارة تؤمّن السلع للمحال التجارية والمطاعم بسعر مدعوم، لذا من المهمّ رفع الأجور مع وضع ضوابط وآليات رقابة حقيقية بدلاً من الخسارات المتكرّرة. واقترح شهدا خروج السورية للتجارة من حالة التبني في ظلّ فشلها بجميع المهام الموكلة لها من “المناقصات – الاستيراد – البيع – التخزين”، متسائلاً عن جدوى استمرارها، خاصّة وأنها لا تقدّم أي جدوى اقتصادية بالنسبة للاقتصاد الكليّ وبالنسبة للأسعار وصولاً إلى المستوى المعيشي للمواطن!
ميس بركات