إلى متى سيبقى التباين الكبير في تعويضات وامتيازات عاملي الإدارات العامة قائماً..؟!
رغم أن جميع العاملين في الإدارات العامة يخضعون لقانون تعيين موحَّد، ورواتبهم المقطوعة –أثناء التعيين وبعد الترفيعات الدورية- موحدة لجميع فئاتهم الوظيفية الخمس، ولكن الواقع يظهر تباينات ملحوظة بخصوص التعويضات والامتيازات (الشهرية أو الدورية أو العرضية) لكثير من العاملين بين إدارة وأخرى، حيث إنها شبه معدومة في نسبة كبيرة من الإدارات، ولكنها موجودة بنسب مختلفة في إدارات أخرى، وقد تزيد قيمتها عن الراتب الأصلي في العديد من الإدارات، مع التأكيد أن طبيعة عمل بعض الإدارات تقتضي شرعية وجود بعض التباين فيما بينها بخصوص ذلك، ولكن الواقع يظهر تبايناً ملحوظاً لا تبرره طبيعة العمل.. وإليكم عدداً من التباينات والتناقضات:
تعويض العمل الإضافي –مثلاً- حق مشروع، حال كان وضع الإدارة يتطلب عملاً إضافياً من العاملين فيها، ولكن العديد من الإدارات تمنح بعض عمالها هذا التعويض دون دوام إضافي لقاء ذلك، تحت حجة ضغط العمل الملحوظ خلال الدوام الرسمي، وقد لا تكون هذه الحجة في مكانها، وبعض المديرين يمنحوه لبعض عمالهم من منظار شخصي، ولا يوجد هذا التعويض في كثير من الإدارات.
أما تعويض الطبابة للعاملين وأسرهم فيختلف كثيراً بين إدارة وأخرى، حيث إن بعض الإدارات تمنحه بشكل شبه تام لجميع أمراض عمالها ولأفراد أسرهم، وبعض الإدارات الأخرى تمنحه فقط لبعض أمراض عمالها وبحدود دنيا دون استحقاق أفراد أسرهم منه، وبعضها الآخر تمنحه بشكل جزئي دوري أو عرضي، ولكن بعضها الآخر لا تمنح لعمالها أية تعويضات طبية.
ومن التباينات أيضاً، أن بعض المكلفين بمهام إدارية –من رئيس دائرة وما فوق- في بعض الإدارات يتقاضون تعويض إدارة (مبلغ مقطوع أو نسبة من الراتب وتختلف نسبتهما بين وزارة وأخرى)، والملفت للانتباه أن نسبة أو قيمة التعويض تكون واحدة بغض النظر عن حجم عمل صاحب المهمة، عدا عن أن تعويض الإدارة غير نافذ للعديد من المهام الإدارية في وزارات أخرى بما في ذلك مهمة مدير، وضمن الجهة نفسها، إذ يلاحظ أن بعض المكلفين الإداريين الذين يقومون بأعمال إدارية هامة، قد يمنحون تعويض طبيعة عمل بما يعادل ربع قيمة التعويض الذي يمنح لإداري آخر، ذي جهود قليلة قياساً بجهودهم، مثال ذلك أمين السر والموجهون في المدارس قياساً بمعاون المدير.
وبخصوص طبيعة عمل بعض الإدارات، فينجم عنه تحقق رسوم مالية يتم تحويلها للخزينة العامة، ولقاء ذلك يتم صرف نسبة من هذه المبالغ لصالح العاملين، كما هو الحال في وزارة المالية، ولكن لا يتم صرف أية نسبة للعاملين من الرسوم المحصلة في المصالح العقارية ومديريات النقل..!.
كذلك من الملاحظ أن العاملين المكتبيين في المصارف الزراعية يحصلون على تعويضات ولهم امتيازات لا يحصل عليها العاملون الميدانيون في وزارة الزراعة، حتى أنه ليس من حق المزارع الموظف في وزارة الزراعة أي امتياز –بخصوص المستلزمات الزراعية- يميزه عن المواطن العادي..!.
كما أن بعض الإدارات تؤمّن نقل عمالها يومياً ذهاباً وإياباً من خط محوري أو من المنزل، ولكن كثيراً من الإدارات لا تؤمن لعمالها هذه الخدمة ولا تمنحهم تعويضاً مالياً لقاء ذلك، علماً أن أهمية عملها لا تقلّ عن أهمية من تؤمن النقل لعمالها..!.
وأيضاً معظم الإدارات تلزم عمالها بالدوام كامل أيام الأسبوع، ولكن بعض الإدارات تعتمد قانون نظام المناوبة المعتمد لعمالها لأيام محددة في الأسبوع، وإدارات أخرى تسمح طبيعة عملها وعدد عمالها بأن يجتهد المدير ذاتياً ويكلف عماله بدوام أيام قليلة في الأسبوع، أو ساعات قليلة في اليوم، طالما يتم إنجاز العمل المطلوب، ولكن بعض الإدارات تفرض الدوام الكامل لعمالها حتى ولو لم تقتضي طبيعة العمل ذلك..!.
ما تقدم هو عدد من تباينات وتناقضات عديدة أخرى، ونحن لا نطالب، ولا نقترح، حجب التعويضات والامتيازات المذكورة أو غيرها، عمن يحصلون عليها، لكن نقترح ونطالب بالعمل تدريجياً على استكمال منحها أو مثيلها لمن هم محرومون منها، لأن كثيراً من التباين الملحوظ يتسبب بالشعور بالغبن، مع شرعية أحقية بوجوده بنسبة ما طبقاً لطبيعة عمل كل إدارة.
عبد اللطيف عباس شعبان (عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية)