البعث أونلاينالصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

سورية: وجوب إعادة “حظر الأسلحة الكيميائية” إلى طابعها الفني بعد أن فقدت الثقة نتيجة تسييس عملها

نيويورك – سانا:

أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن تسييس عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والممارسات السلبية لها حيال سورية قوضا مهنية عملها وأفقدا الثقة في حياديتها واستقلاليتها، الأمر الذي سمح لدول غربية باستخدامها منصة لاستهداف سورية، مشدداً على وجوب إعادة المنظمة إلى طابعها الفني وإبعادها عن التسييس وتصحيح مسار عملها لتتمكن من القيام بولايتها على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الحظر.  ولفت صباغ في بيان اليوم خلال جلسة لمجلس الأمن بصيغة “آريا” بعنوان: “المخاطر الناشئة عن تسييس أنشطة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” إلى أهمية هذه الجلسة في تسليط الضوء على المنعطفات الخطيرة في سير عمل المنظمة والتي أبعدتها عن تنفيذ المسؤولية التي أوكلت إليها كأداة لضمان التنفيذ الفني والمهني والمحايد والمستقل لجميع أحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، مبيناً أن تجربة سورية خلال السنوات العشر الماضية من العمل مع الأمانة الفنية لمنظمة الحظر شهدت أحداثاً غير مسبوقة في تاريخ المنظمة، وكشفت عن الكثير من الممارسات السلبية التي ينبغي للدول الأعضاء فيها التنبه إليها ومراجعتها وعلى الأمانة الفنية تصحيح مسارها.  وأشار صباغ إلى أن من بين هذه الممارسات السلبية عدم احترام الأطر الناظمة للعمل والمتمثلة في أحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية أو الوثائق المرجعية التي تم الاتفاق عليها بين سورية والأمانة الفنية للمنظمة بشأن عمل فرق المنظمة المختلفة في سورية، إضافة إلى اتباع طرائق عمل خاطئة ومعايير مزدوجة أثناء القيام بالعمل وببعض التحقيقات دون إعلام سورية الدولة الطرف في الاتفاقية، ما أدى إلى ارتكاب الكثير من المخالفات الخطيرة والعيوب الجسيمة، وخاصة ما يتعلق بجمع الأدلة والعينات والحفاظ على سلسلة حضانتها وإفادات الشهود والسجلات وأسماء الضحايا وغيرها، فضلاً عن انعدام الشفافية عبر التذرع بالسرية بطريقة انتقائية والاعتماد على المصادر المفتوحة والتعامل مع التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم “الخوذ البيضاء” ذراع “جبهة النصرة” الإرهابي المصنف من قبل مجلس الأمن على قوائم الإرهاب.  وبين صباغ أن من بين الممارسات السلبية أيضاً الانتهاكات المتكررة للسرية وتسريب المعلومات من داخل المنظمة إلى وسائل الإعلام وإلى دول غير أطراف، إضافة إلى تخريب الأدلة والعينات داخل مختبرات المنظمة والابتعاد عن الطابع التوافقي في اتخاذ القرارات داخل المنظمة والسماح بالتلاعب بنصوص الاتفاقية وولاية عمل الأمانة الفنية واختراع مهام غير منصوص عليها في الاتفاقية والتجاوز الواضح لولاية مجلس الأمن، إضافة إلى إصدار تقارير تتضمن استنتاجات غير علمية أو غير مهنية أو غير قاطعة ولا تستند إلى أدلة وقرائن ملموسة، علاوة على صياغة تقاريرها بطريقة غير مهنية تركز على السلبيات وتغفل وتتجاهل أي إيجابيات أو تقدم محرز وتشكك بكل ما تقدمه سورية، وهذا السلوك جعل من تقاريرها منحازة وغير موضوعية.  وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن مجمل تلك الممارسات السلبية قوض مهنية العمل الذي تقوم به المنظمة وأفقد الثقة في حيادية واستقلالية عمل الأمانة الفنية فيها وقضى على مصداقية التقارير التي تصدرها الأمانة وأدخل منظمة فنية في دائرة كبرى من التسييس سمحت لبعض الدول الغربية باستخدامها منصة لاستهداف دولة طرف هي سورية.  وفيما يتعلق بالمسائل المتعلقة بعمل فرق المنظمة ذات الصلة بسورية أوضح صباغ أنه تم إنشاء “فريق تقييم الإعلان” لمساعدة سورية في ضوء الإطار الزمني القصير والضاغط لإعداد سورية إعلانها الأولي، فضلاً عن ضعف خبرتها في بداية انضمامها بإعداد هذا الإعلان، إلا أن هذا الفريق خرج عن ولايته وتحول إلى إجراء تحقيقات ليست من ولايته، لافتاً إلى أن اللجنة الوطنية السورية يسرت عمل الفريق وعقدت معه 24 جولة مشاورات على مدى السنوات التسع الماضية ومارست الانفتاح والشفافية، إذ سمحت له بجمع عينات وإجراء مقابلات مع معنيين على اعتبار أن ذلك يمكن أن يساعد في إغلاق المسائل العالقة بأسرع ما يمكن، وهي تدعو هذا الفريق لإجراء جولة المشاورات الـ 25، وتطالب الأمانة الفنية للمنظمة بعدم تعطيل عمله ووضعه رهينة لمنح تأشيرة دخول لخبير واحد لدى سورية تحفظ على سلوكه ولدى المنظمة الكثير غيره.  وبين صباغ أنه تم إنشاء “بعثة تقصي الحقائق” بالاتفاق بين اللجنة الوطنية والأمانة الفنية بموجب رسائل متبادلة ووثيقة شروط مرجعية، إلا أن هذه البعثة لم تتقيد بها وبطرائق العمل المهنية، الأمر الذي أدى إلى التوصل إلى نتائج تحقيقات غير دقيقة وفي حالات كثيرة تم التلاعب بها، وخير مثال على ذلك تقرير الحادثة المزعومة في دوما والذي جاء بعد أن أصدر كبار مسؤولي المنظمة تعليمات لبعثة تقصي الحقائق بحذف تقارير لمفتشين حققوا على الأرض وأجروا دراسة هندسية وتحليلا علميا وتوصل تقريرهم إلى نتيجة أن الهجوم في تلك الحادثة كان مجرد مسرحية معدة مسبقاً وتم لاحقاً الاستعاضة عن هذا التقرير بتقارير غير علمية وغير منطقية.  وأشار صباغ إلى إنشاء “آلية التحقيق المشتركة” بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2235 بتاريخ السابع من آب لعام 2015  لتحديد مرتكبي الهجمات بأسلحة كيميائية التي أكدتها تقارير بعثة تقصي الحقائق، حيث تعاونت سورية انطلاقا من حرصها على تحديد مسؤولية مرتكبي الهجمات مع تلك الآلية وكان تعاملها مع حادثة خان شيخون أبرز مثال على تسييس عمل تلك الآلية، موضحاً أن الولايات المتحدة تذرعت بحادثة خان شيخون للقيام بعدوان عسكري على مطار الشعيرات ولهذا طالبت سورية تلك الآلية بالتحقيق سعياً منها لكشف الذرائع الأمريكية بشن هذا العدوان، وكان من المفاجئ أن رئيس الآلية بعد أن استجاب إلى إلحاح سورية بزيارة الشعيرات رفض أخذ العينات رغم وصوله إلى الموقع، ما أثر سلباً على مصداقية الاستنتاجات التي قدمتها الآلية وكانت سبباً بعدم تجديد ولايتها في مجلس الأمن في عام 2017.  ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أنه بعد الفشل في تمديد “آلية التحقيق المشتركة” عملت الدول الغربية على إنشاء ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” من خلال التلاعب بنصوص اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وبموافقة أقل من نصف عدد أعضاء المنظمة وبما يتجاوز ولاية منظمة الحظر التي لا يدخل فيها إسناد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية، ولهذه الأسباب فإن سورية إلى جانب العديد من الدول لم تعترف بشرعية هذا الفريق ولا بمخرجاته، مبيناً أن هذا الفريق أصدر تقريره حول الحادثة المزعومة في دوما وتوصل إلى مزاعم ونتائج غير صحيحة، الغرض منها فقط تبرير العدوان الذي شنته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بعد أيام من مزاعم وقوع حادثة دوما في عام 2018.  وجدد صباغ التأكيد على إدانة سورية القاطعة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في أي زمان ومكان من قبل أي كان وتحت أي ظروف، وبأنها لم تستخدم هذه الأسلحة مطلقاً، وأنها أساساً لم تعد تمتلك أي نوع من الأسلحة الكيميائية، مشيراً إلى أن سورية عندما اتخذت قراراً استراتيجياً وطوعياً للانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية تعاملت مع منظمة الحظر بكل انفتاح وشفافية حتى قبل تاريخ دخول هذه الاتفاقية حيز النفاذ بالنسبة لها، ما قاد إلى تدمير جميع مخزونها الكيميائي بوقت قياسي، إلا أنها تفاجأت لاحقاً بحجم التسييس في هذا الملف وبأن بعض الدول الأعضاء كانت تحشد وتتحضر لاستخدام هذا الملف ضدها، الأمر الذي يتطلب إعادة المنظمة إلى طابعها الفني وإبعادها عن التسييس وهي مسؤولية جميع الدول الأعضاء فيها لتصحيح مسار عملها وجسر الانقسام فيها والعودة إلى الطابع التوافقي، بما يمكنها من القيام بولايتها بشكل فعال على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الحظر.

.. والحرب الإرهابية تسببت بأضرار هائلة على قطاع المياه والإجراءات القسرية تُعيق ترميمها

وفي وقتٍ سابق أكد رئيس وفد سورية إلى مؤتمر الأمم المتحدة (الماء من أجل التنمية المستدامة) أن الحرب الإرهابية على سورية تسببت بأضرار هائلة في قطاع المياه تجاوزت قيمتها الـ 1.2 مليار دولار، وأن الإجراءات الغربية القسرية غير الشرعية أعاقت جهود الدولة لتأمين تمويل مشاريع المياه، ووضعت قيوداً على استيراد التجهيزات اللازمة لترميم المنشآت المتضررة، أو لصيانة المشاريع العاملة حالياً، أو لتطوير البنى التحتية لهذا القطاع الحيوي.

وفي كلمة أمام مؤتمر الأمم المتحدة لاستعراض منتصف المدة لتنفيذ أهداف العقد الدولي للعمل “الماء من أجل التنمية المستدامة 2018 -2028” بعد مرور أكثر من أربعة عقود على آخر مؤتمر أممي للمياه، أعرب صباغ عن ترحيب سورية بعقد المؤتمر الذي يضع المياه في أعلى مستوى من الاهتمام ويسلط الضوء على محورية المياه في حياتنا اليومية وارتباطها المباشر بالصحة والمناخ والطاقة والتنمية الاقتصادية، ويشير إلى أهمية تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال وتحقيق وتسريع التقدم نحو الوصول الشامل إلى مياه الشرب الآمنة، والصرف الصحي بحلول عام 2030.

وأشار صباغ إلى أن الحرب الإرهابية تسببت بأضرار هائلة في قطاع المياه في سورية، حيث استخدمت المجموعات الإرهابية المياه سلاحاً في حربها على الشعب السوري، إذ خربت مصادر مياه الشرب وقطعتها ولوثتها ودمرت البنى التحتية للصرف الصحي ومشاريع الري، ووصلت نسبة تضرر قطاع المياه إلى 41 بالمئة وفاقت قيمة الأضرار الـ 780 مليون دولار، شملت المصادر المائية ومنشآت التخزين والضخ والتوزيع، كما تضرر قطاع الصرف الصحي بنسبة 60 بالمئة، حيث تجاوزت قيمة الأضرار الـ 470 مليون دولار وشملت محطات المعالجة الرئيسية التي تخدم أكثر من 75 بالمئة من السكان.

وأوضح صباغ أن استخدام المجموعات الإرهابية لمياه الشرب كسلاح حرب في محافظة الحسكة خلال السنوات الماضية أدى إلى معاناة هائلة للأهالي في تلك المنطقة، وأن القطع الكامل لمياه الشرب عن محطة علوك المائية لفترات طويلة تزيد على 70 يوماً أدى إلى حرمان نحو مليون مواطن في مدينة الحسكة والمناطق المجاورة لها من المصدر الوحيد لمياه الشرب.

ولفت صباغ إلى أن الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في السادس من شباط الماضي تسبب بتدمير العديد من منشآت البنى التحتية المتعلقة بقطاع المياه، حيث خرج أكثر من 80 خزان مياه عن الخدمة، مسؤول عن تزويد مليون ونصف المليون نسمة بمياه الشرب في ست محافظات، كما تضررت العديد من الخزانات الأخرى وهي بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل.

وشدد صباغ على أن مؤسسات الدولة السورية حرصت على تأمين المياه النظيفة لكل مواطنيها في أحلك الظروف، ما قدم نموذجاً لحسن إدارة المياه في الظروف القاسية، كما استمرت هذه المؤسسات في العمل من أجل إعادة تأهيل القطاعات المائية المتضررة لإيصال مياه الشرب إلى جميع السوريين، والسعي للتحول نحو أنظمة الري الحديثة التي تحقق مكاسب اقتصادية وبيئية كثيرة، إلا أن هذه الجهود واجهت العديد من التحديات أبرزها قيام بعض الدول الغربية بفرض إجراءات قسرية أحادية الجانب على سورية أعاقت قدرتها على تأمين تمويل مشاريع المياه ووضعت قيوداً على استيراد التجهيزات اللازمة لترميم المنشآت المتضررة أو لصيانة المشاريع العاملة حالياً أو لتطوير البنى التحتية لهذا القطاع الحيوي، كما أعاقت تأمين حوامل الطاقة اللازمة لعمليات نقل وضخ المياه ما يتطلب الرفع الفوري وغير المشروط لتلك الإجراءات غير الشرعية لتتمكن سورية من تخفيف معاناة شعبها واللحاق بركب تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى وجوب زيادة تمويل المشاريع المتعلقة بالمياه لما لها من أهمية حاسمة في دعم جهود التعافي وتحقيق العديد من الأهداف الإنمائية.

وأوضح صباغ أن ما يزيد على 60 بالمئة من موارد سورية المائية تأتي من خارج الحدود عبر الأنهار المشتركة، لافتاً إلى معاناة سورية من نقص متزايد في كمية هذه الموارد جراء تحركات أحادية غير ملتزمة بالتفاهمات الموقعة معها والتي تسببت في منعكسات سلبية بيئية واقتصادية واجتماعية وضاعفت معاناة الشعب السوري، مطالبا دولة المنبع بالالتزام بالمعاهدات الدولية وتأمين الحصص العادلة والمنصفة لدول العبور والمصب وتقاسم الضرر معها، منوها بالتعاون الوثيق مع الجانب العراقي لتحصيل الحقوق العادلة والمنصفة في مياه نهري دجلة والفرات.

وأشار صباغ إلى أن (إسرائيل) القوة القائمة بالاحتلال تواصل سرقة مياه الجولان السوري المحتل، ضاربة عرض الحائط بالقوانين والأعراف الدولية، موضحاً أن سلطات الاحتلال تقوم باستغلال مياه بحيرة طبريا ونهر بانياس وينابيعه، إضافة إلى سرقة مياه حوض الرقاد الرافد لحوض اليرموك.

وجدد صباغ التأكيد على التزام سورية بتحقيق استدامة الموارد المائية والحرص على توفير المياه المأمونة للسكان، بما في ذلك العمل على مراجعة التشريعات ووضع خطة للاحتياجات المالية وتحسين الكفاءة الإنتاجية وتأهيل الكوادر البشرية والفنية في قطاع الموارد المائية.

وكان المؤتمر عقد جلساته الأربعاء الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك برئاسة مشتركة من قبل رئيس جمهورية طاجكستان إمام علي رحمن وملك هولندا وليم ألكسندر وحضور عدد كبير من المسؤولين رفيعي المستوى من مختلف دول العالم، حيث أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية إلى الأهمية البالغة للمياه في جميع جوانب الحياة اليومية، فالماء حق من حقوق الإنسان وهو قاسم إنمائي مشترك لتشكيل مستقبل أفضل، مؤكداً ضرورة أن يمثل المؤتمر نقلة نوعية في قدرة الدول الأعضاء والمجتمع الدولي على الاعتراف بالأهمية الحيوية للمياه والتصرف بناء عليها لاستدامة عالمنا، وبوصفها أداة لتعزيز السلام والتعاون الدوليين.