تراخيص الأندية بدأ العمل بها وصولاً نحو الاحتراف الحقيقي والاستبعاد عن الدوري الممتاز هي العقوبة.. شروط مالية وفنية وطبية ليست بالصعبة وأندية الهيئات قادرة على التلبية
البعث الأسبوعية -ناصر النجار
بدأت ساعة الجد بالنسبة لأنديتنا التي لابد لها أن تدخل الاحتراف الحقيقي ولو نظرياً عبر تطبيق الشروط الآسيوية المفروضة على الأندية، وإلا فإن كرتنا لن يكون لها موقع في الكرة الآسيوية ولا يمكن أن تشارك في البطولات القارية.
والعالم كله دخل غمار الاحتراف وحقق شروطه الموضوعة ولم تبق إلا كرتنا، وكان الاتحاد الآسيوي أمهل اتحادنا حتى هذا الموسم واعتباراً من الموسم القادم لابد أن تنفذ الشروط الاحترافية على الأندية خصوصاً التي تشارك في الدوري الكروي الممتاز.
لذلك لابد لكل الأندية من الحصول على ترخيص يحق لها من خلاله ممارسة كرة القدم واللعب في الدوري الممتاز، والنادي الذي لا يحصل على الترخيص ولا يحقق شروط الاحتراف الموضوعة من الاتحاد الآسيوي لا يمكنه المشاركة بدوري المحترفين وسيبقى في دوري الهواة، ولو افترضنا جدلاً أن نادٍ تأهل إلى الدرجة الممتازة عبر الآلية المعروفة من خلال مسابقة الدرجة الأولى ولم يحصل على الترخيص ولم يحقق الشروط المطلوبة فلن يشارك في الدوري الممتاز وسيعود أدراجه إلى الأولى، وسيقام الدوري الممتاز حسب هذه الشروط ولو لم تتوفر إلا بعشرة أندية أو تسعة فسيبدأ الدوري بها.
وكلنا يعلم قضية نادي الجزيرة هذا الموسم التي أخذت حيزاً كبيراً من الأخذ والرد، وجدالاً واسعاً أدت في نهاية الأمر إلى استبعاد الجزيرة من الدوري وكل ذلك حدث بسبب عدم دخول النادي إلى عالم الاحتراف إلا من الباب الضيق، فمن أهم شروط الاحتراف وجود ميزانية مالية تضمن للنادي المشارك بالدوري الممتاز الاستمرارية دون أي عوائق، وما زلنا نسمع حتى الآن عن شكاوي من لاعبين من أندية مختلفة كالوحدة وأهلي حلب والطليعة وغيرها تطالب أنديتها بالوفاء بالتزاماتها المالية تجاه اللاعبين، وهذا كله يعود إلى ضعف العقلية الاحترافية التي تتعامل مع كرة محترفة، لذلك سيتم تطبيق هذه الآليات على أندية الدرجة الممتازة بدءاً من الموسم القادم.
الشروط الآسيوية تتعلق بموضوع هيكلية النادي من الناحية التنظيمية والإدارية ووجود مختصين بالمحاسبة والجوانب القانونية والاستثمارية والمالية ومواضيع الملاعب والمنشآت وأمن وسلامة اللاعبين والجمهور في المباريات، فضلاً عن وجود نقطة طبية وميزانية مالية سنوية حقيقية لا وهمية.
المدير الفني
أبرز البنود والشروط المطلوبة آسيوياً هو أن يكون لكل نادٍ مدير فني، والمدير الفني له مهام كبيرة ومهمة، ويجب أن يحمل أعلى الشهادات التدريبية أقلها (A) ومستقبلاً لن تعتمد إلا شهادة (برو) أي بروفيشنال، ومهمة المدير الفني رسم استراتيجية العمل بكرة القدم في النادي وتعيين الكوادر الفنية وتقييم العمل الفني بشكل عام وتقييم الكوادر والإشراف على عقود اللاعبين.
واستراتيجية العمل تبدأ من فرق القواعد وصولاً إلى الرجال، وهذه الاستراتيجية تكون مختلفة من نادٍ لآخر حسب طبيعة النادي وبيئته، وبذلك يكون المدير الفني المعين من قبل مجلس إدارة النادي هو المسؤول عن الشؤون الإدارية والفنية بكل فرق النادي.
بعض الأندية بادرت من الآن إلى تعيين مدير فني يحمل الشهادة المطلوبة، لكن السؤال: هل ستسمح إدارات الأندية بمنح المدير الفني كل الصلاحيات أم إنه سيبقى حبراً على ورق وغاية وجوده تنفيذ شرط لا تفعيل عمل مهم؟
مؤسسة متكاملة
أيضاً النادي يجب أن يكون مؤسسة كاملة بهيكلية تنظيمية وإدارية شاملة لكل الاختصاصات، في الوقت الحالي نجد أن شخصاً واحداً في كل ناد هو المسؤول عن كل شيء، وهو الذي يراجع اتحاد كرة القدم في كل مسائل النادي من حيث العقود والكشوف وتسجيل اللاعبين والاعتراض والاستئناف والمخالفات والعقوبات والمسابقات، وهذا أمر مرفوض وغير صحي فكل موظف في النادي له اختصاصه ومسؤولياته التي عليها أن يتابعها داخل النادي ومع الجهات المعنية، فموضوع ترخيص النادي وتسجيل اللاعبين من المفترض أن يكون هناك شخص مختص بهذه المسائل قادر على العمل فيها من خلال البرامج الموضوعة التي أجرى بها اتحاد كرة القدم العديد من الدورات ليتم التعامل معها بسهولة وهذه النافذة (على سبيل المثال) تضبط حركة اللاعبين وتنقلاتهم وهي معترف بها من الاتحاد الآسيوي، ولا يمكن لأي لاعب غير مسجل على هذه النافذة أن ينتقل لأي نادٍ محلي أو خارجي.
وهذه المهمة تضمن سهولة العمل وتضع حداً للأخطاء والتزوير التي يمكن أن تجر على الأندية واللاعبين العقوبات الكثيرة.
البند المالي
وهنالك في شروط الاتحاد الآسيوي البند المالي الذي يعد أحد الشروط المهمة الوافر تنفيذها، وهذا البند يبدأ من وضع ميزانية مالية للنادي من خلال الواردات والصرفيات، وهي ميزانية تجارية بحتة واقعية وحسب الموجود ولا تعتمد على التوقع والمأمول وعلى الوهم والخيال، وبالتالي العقود ستقام وفق الميزانية ولا يحق لأي نادٍ إبرام عقود تفوق ميزانيته، وكما هو حاصل في الأندية الخارجية فإن أي نادٍ يتصرف بعقد خارج الميزانية يمكن أن يتعرض للعقوبة وقد تكون العقوبة بإيقافه عن التعاقد أو غرامات مالية أو شطب نقاط، وكل ذلك متعلق بحجم المخالفة والمواد القانونية الخاصة بها.
الواردات هي عبارة عن استثمارات النادي وريوع الدعاية والإعلان الخاصة به أو الواردة من الجهات الرسمية كاتحاد كرة القدم أو من التبرعات والهبات وريوع المباريات، وثوابت هذه الميزانية يجب أن تكون موضوعة البنك فلا يوجد ميزانية هوائية، فالهبات والتبرعات ودعم المحبين لا يمكن أن تعتبر ضمن الميزانية إن لم تكن موضوعة في البنك، وكما جرت العادة فإن الكثير من المتبرعين يتراجعون عن تبرعهم أو ينكثون عهودهم، أو بعضهم يعتبرها دين لأجل مسمى، هذه كلها لا يمكن اعتبارها من الميزانية التي عليها سيبني النادي موقفه من الموسم الكروي والحدود المسموحة له بالتعاقد والإنفاق والصرف.
فوائد هذا البند أنه لا يوقع النادي بمشاكل مالية مع كوادره ولاعبيه والشركات التي يستجر منها التجهيزات والمستلزمات ويضمن استمرار مشاركته في المسابقات الرسمية طوال الموسم الكروي، ولا تجعل النادي مضطراً لاستجداء المال من المحبين وغيرهم أو الاتجاه نحو القروض التي قد لا تحل المشكلة بل تفاقمها.
المنشآت والملاعب
من شروط الترخيص وجود ملاعب تدريبية للتدريب للفريق الأول ولكل فئات النادي وللأكاديمية وهي ضرورية في كل نادٍ وجودها، إضافة إلى ملعب رئيس لإقامة المباريات الرسمية عليه، ويتطلب ذلك ملكية الملعب أو استئجاره لعدة سنوات، وأنديتنا على الأغلب تملك ملاعب تدريبية في منشآتها ويمكنها الحصول على ورقة إيجار من المدن الرياضية كونها تستأجر ملاعبها لإقامة مبارياتها الرسمية عليها، كما هو معلوم الآن، فالأندية قبل انطلاق الدوري تعين الملعب المفترض التي ستلعب عليه مبارياتها في الدوري والكأس فهناك (مثلاً) تشرين وحطين يلعبان على ملعب الباسل باللاذقية وجبلة على ملعب البعث بجبلة وهكذا بقية الفرق، ويبقى المطلوب أن تحصل هذه الأندية على ورقة ايجار رسمية ممن يملك الملعب سواء المحافظة أو البلدية ليتم تقديمها إلى الاتحاد الآسيوي وعلى الأغلب لا يوجد أي مانع في هذا الخصوص وهذا الشرط سهل وميسر.
أندية هاوية
ما ذكرناه يعتبر بعضاً من شروط الاحتراف، والكثير من الأندية لا ينطبق عليها شروط الترخيص الآسيوي في الوقت الحالي، فأغلب الأندية لا تملك الهيكلية التنظيمية أو الميزانية المالية وغير ذلك، وكما قلنا فإن أغلب معاملات النادي يقوم به شخص واحد قد يكون الإداري أو عضو مجلس الإدارة وأحياناً رئيس النادي وهذا أمر يعبر عن الحالة العقيمة التي يتعامل بها القائمون على الأندية، فالنادي يجب أن يدار بعقلية إدارة المؤسسات أو الشركات الكبيرة، وهذا يفرضه الواقع قبل أن تفرضه الشروط الآسيوية، فأغلب انديتنا تملك المساحة الواسعة في افضل الأماكن وفيها المنشآت والمطارح الاستثمارية الكبيرة وبعض الأندية لديها شركات راعية وداعمة، ويمكن أن تطور عملها الاستثماري من خلال طرح منتجات رياضية تعود بالنفع على النادي وهناك الكثير من هذه المشاريع التي يمكن أن تطرح، لكن بالعقلية التي تدار بها أنديتنا لا يمكننا الوصول إلى نتيجة إيجابية تطور النادي رياضياً واجتماعياً واستثمارياً.
وعقلية أنديتنا تعتمد على العشوائية في العمل، فمثلاً عقود اللاعبين يجب أن يكون مسؤولاً عنها موظف مختص، التنقلات بحاجة إلى موظف عالم بهذا العمل وقادر على التعامل مع النوافذ ليدخل هذه التنقلات إلى الاتحاد المحلي والاتحاد الآسيوي.
الاستثمارات بحاجة إلى أخصائيين بالعمل الاستثماري وصولاً إلى شراكة ناجحة وفاعلة مع كل المستثمرين من أجل الوصول إلى حالة إيجابية لا تضيع فيها حقوق النادي المالية ويذهب المستثمر بكل الفوائد لجيبه الخاص.
الإعلان والدعاية بحاجة إلى أخصائيين بهذا العمل النوعي القادرين على تسويق النادي وكل جزء منه بإعلانات مفيدة فضلاً عن شركات الرعاية وما شابه ذلك.
نقاط طبية
الحالة الطبية ضرورية وأساسية فكل نادٍ يجب أن يكون لديه نقطة طبية فيها كل العلاجات خصوصاً الإسعاف لتتم علاج اللاعبين من الأمراض الشائعة والإصابات العضلية والعظمية وغيرها، وهذه النقطة مهمتها الكشف عن اللاعبين الجدد قبل توقيع عقود الاحتراف معهم، الكثير من اللاعبين يحملون إصابات مزمنة لا يتم الحديث عنها ولا يتم اكتشافها إلا بالفحص الطبي الدقيق، كذلك فإن هذه الحالة ضرورية في الفئات العمرية الصغيرة التي تستوجب فحص الصغار ودراسة مدى أهليتهم للعب كرة القدم والتطور بها واستبعاد اللاعبين الذين يحملون آفات مرضية قد تتطور بالاستمرار في كرة القدم كالأمراض القلبية وأمراض الصدر مثلاً، فالكشف الطبي والتحاليل والصور الشعاعية هي أساس العمل الرياضي ويجب أن يكون متوافراً في كل ناد.
الهيكل التنظيمي للنادي يبدأ من رئيس النادي ثم أعضاء مجلس الإدارة ثم المدير التنفيذي وأمين السر والمدير الفني إضافة إلى المكاتب التي ذكرناها وصولاً إلى المرافقين وعمال الخدمات.
أندية الهيئات كالجيش والشرطة والمحافظة قادرة على الحصول على التراخيص المطلوبة نظراً لوجود هيكل تنظيمي وميزانية مالية ومنشآت وينطبق عليها أغلب الشروط المطلوبة من الاتحادين الدولي والآسيوي، وهناك أندية كبيرة قادرة على الحصول على هذا الترخيص لوجود منشآت واستثمارات كنادي الوحدة والمجد والنضال والكرامة والوثبة والحرية وأهلي حلب وجبلة أي أغلب أندية الدرجة الممتازة مهيأة للحصول على هذه التراخيص والبدء بالعمل الاحترافي الكامل.
هذا على الصعيد الإداري والتنظيمي أما على الصعيد الفني فهناك الكثير من الأمور المطلوبة والآليات الواجب إتباعها وخصوصاً جهة الحالة الطبية ووضع الأكاديميات، فكل نادٍ مطلوب منه أن يكون لديه أكاديمية لرعاية كرة القدم، وفئات عمرية متسلسلة وصولاً إلى فئة الرجال، كل فئة لها كوادرها والفنيين المؤهلين لقيادة هذه الفئات وبرنامجها التدريبي الخاص والنقطة الطبية الخاصة بهذه الفئة، وهذا كله يمكن الوصول إليه بسهولة، لكن الصعب هو العقلية التي تدير كرة القدم في الأندية، فهل هي قادرة على التكيف مع التطورات وتلبية شروط الاحتراف وترخيص الأندية، أم إن الأمور ستبقى حبراً على ورق؟