نشر النووي التكتيكي ورسائل عدّة إلى الغرب
تقرير إخباري
منذ بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدول الغربية من الانخراط المباشر مع أوكرانيا كون العملية تستهدف الحفاظ على وحدة وسلامة روسيا وشعبها من استفزازات ووحشية نظام كييف والنازيين الجدد، ومع ذلك، قامت عدّة دول من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بإرسال القذائف ومن ثم الصواريخ، ومن بعدها الدبابات والطائرات، والآن بريطانيا تواصل التحدّي عبر قرارها بإرسال قذائف اليورانيوم المنضّب، ثم يدافع الغرب عن القرار مدعياً أنها أسلحة تستهدف العربات والمدرعات الروسية فقط وأنها خالية من الإشعاع وغيرها من المخاطر.
بالمقابل، كان رد الرئيس بوتين بنشر أسلحة نووية تكتيكية في جمهورية بيلاروسيا رسالة متعدّدة المعاني إلى دول الغرب التي اختارت التصعيد غير العقلاني ضدّ موسكو، وتحاول اليوم إطباق فكي الكماشة على روسيا عبر لاتفيا وبولندا ولتوانيا، لكن بيلاروسيا التي تتحلى بعلاقات ممتازة مع روسيا تحول دون هذا الإطباق، وما قررته روسيا من نشر للنووي التكتيكي هو مجرد خطوة دفاعية لا تقارن بنشر أمريكا لسلاحها النووي التكتيكي في دول حلفائها (ألمانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وكندا واليونان وتركيا). ولكن كل ذلك يبقى رهن التصعيد الغربي، والخطوة التي بدأت في بيلاروسيا قد تمتد إلى كوبا وفنزويلا المجاورتين للولايات المتحدة، ناهيك عن الغواصات النووية الروسية التي تخطى عددها وفق مصادر غير إعلامية الـ 70، والقادرة على حمل مئات الرؤوس النووية، حيث يمكن لروسيا نشرها في جميع المحيطات والبحار لإطباق فكي كماشة على ضفتي الأطلسي.
من جهة أخرى، فإن بيلاروسيا دولة أعلنت حيادها منذ بداية الحرب الأوكرانية وسعت لإيجاد الحل السلمي الذي يجنب شعوب أوروبا الشرقية الدماء، لكنها باتت مهددة من الغرب الذي فشل سابقاً في تحويلها إلى ما يشبه أوكرانيا، أو في الانقلاب على رئيسها الشرعي، ومن بولندا الطامعة بتجزئة بيلاروسيا وأوكرانيا وقضم الأراضي الغربية منهما، حيث تنشر وتحشد قوات جيشها على الحدود المتاخمة للدولتين، ومن حقها التنسيق مع روسيا وكل الدول الحليفة لحماية أراضيها.
إنّ سياسة الغرب في فرض العقوبات الأحادية وتضييق الخناق على روسيا، وتأجيج العداء ضدها في أوكرانيا سيضطر روسيا إلى أحد خيارين لا ثالث لهما: إما نقل الصراع من أوكرانيا إلى دول أوروبا، وإما منع الغرب من نقل ساحات المعركة خارج أوكرانيا، وهو ما سيضغ الغرب مجدداً أمام جردة حساب مرة يجني من حلالها ثمار سياساته الصبيانية والمتهورة.