أطباق الفيسبوك الرمضانية .. تنافس في الإسراف والتبذير .. وصفعة قاسية لمبادئ ومفاهيم شهر الصيام
البعث الأسبوعية- ميس بركات
قٌبيل حلول شهر رمضان بأيام وعلى مدار الشهر الكريم تتحول فجأة أغلب صفحات التواصل الاجتماعي إلى صفحات مختصّة بنشر صور كافة الأطباق والحلويات مع طرق تحضيرها، وتتصدّر إعلانات الطعام والشراب شاشات التلفزة، ليتفنن صنّاع الإعلان بإظهار سفرة رمضان مليئة بما لذّ وطاب متجاهلين الوضع المعيشي السيئ للغالبية العظمى لمشاهدي هذه الإعلانات، خاصّة وأن هذه الشريحة تحتال لتمضية الشهر الفضيل بأقل خسائر ممكنة مُستغنية عن أغلب طقوس رمضان ومكتفية بوجبتها المعتادة على مدار العام.
عروض وهمية
وعلى الرغم من تردي الوضع المعيشي وتعرض المواطن خلال هذا الشهر لصفعات قاسية بدأت بتحليق الأسعار رافقها حلول أعياد المعلم والأم وشهر رمضان، إلّا أن روّاد المحال التجارية والمولات من “الطبقة المخملية” لم يتناقصوا بل على العكس فقد شهدت المولات التجارية تزايد في إقبال زبائنها من هذه الطبقة والقليل من الفئات الفقيرة الباحثين عن عروض رمضانية” وهمية ” أتت هذا العام دون المأمول منها ككل عام، إذ تناقصت أيضاً هذه العروض مقتدين على ما يبدو بعروض السورية للتجارة والتي جاءت هي الأخرى بسلة رمضانية لا تسمن ولا تغني من جوع، لتكتفي المولات بزبائنها من هذه الطبقة في حين يعود المواطن إلى أسواقه الشعبية المعتاد على مد سفرة طعامه من بسطاتها مُبتعداً كل البُعد عن ما يُعرض على شاشات تلفازه من أطباق مزركشة.
أطباق رمضانية
وسط الفوضى المعيشية واضطرار جميع أفراد الأسرة للعمل ساعات طويلة وإصابة الغالبية العظمى من المواطنين بأمراض ناتجة عن سوء التغذية، تُطالعنا محطاتنا الفضائية والأرضية بأطباق رمضانية لا تخلو من اللحوم الحمراء والبيضاء وغيرها من العناصر الغذائية التي لا تمت للواقع بصلة، وكأن هذه الأطباق خُصصت لعرضها للنخبة الأولى من سيدات المجتمع ممن لا يتابعن هذه البرامج ولا يعرفن طريق المطبخ بوجود خادمات لإعداد وجبات الطعام، إذ لم تلق برامج الطبخ المعروضة على شاشاتنا نجاحاً ومشاهدة من الكثيرات ممن أكدن أنّ هذه الأطباق أتت من كوكب آخر بعيد عن واقعنا الفقير بأدنى حاجاتنا الغذائية، خاصّة وأن أقلّ طبق من الخضار يحتاج لحسابات طويلة ولا يلبي حاجات أجساد أطفالهم الغذائية.
حمّى التبذير
وبتجاهل كبير لعظمة هذا الشهر وما يحمله في طياته من رسائل سامية وإنماء لقدرة الصائم على ضبط النفس والإحساس بالفقراء ومساعدتهم، نجد شريحة أخرى من المواطنين تتفنن يومياً بنشر صور وجباتهم الرمضانية عبر صفحات التواصل الاجتماعي كنوع من التباهي والتفاخر أمام الأصدقاء والأقارب متجاهلين عدم قدرة الغالبية العظمى من المواطنين على تناول طبق واحد من الأصناف المعروضة، ليغيب عن ذهن الكثير ممن أصابتهم حمى التبذير ووباء التلذذ بما تحمله موائدهم من أطباق الهدف من هذا الشهر ويصبح الهم الوحيد استعراض موائدهم، الأمر الذي أكده لنا معاذ الرفاعي”دكتوراه في الشريعة” لافتاً إلى أن الإسراف والتبذير معصية لما أمرنا به الله عز وجلّ، فشهر رمضان الكريم يهدف إلى زيادة التعبّد والإيمان لا زيادة وجبات الطعام وهذا ما نلمسه عند الشريحة العظمى من الناس في مختلف الدول الإسلامية والتي تنحصر برامجها وإعلاناتها خلال هذا الشهر على الطعام، ليصبح الشغل الشاغل للصائمين أنواع الوجبات التي سيتناولها على الإفطار والسحور وما يتخلل الوجبتين من مشروبات وحلويات، وتحدث الرفاعي عن دور الإعلام السلبي في هذا الموضوع وتكريس أغلب برامجه في هذا الشهر على الأطباق والمسلسلات وإعلانات الأطعمة، في حين تحتل البرامج الدينية فترات زمنية قليلة تقتصر على فترة ما قبل الإفطار، داعياً إلى أهمية نشر ثقافة الاستهلاك المتوسطة لا سيّما في أطباقه المعروضة والتي لا تتناسب للأسف مع قدرة الأسرة السورية اليوم، وتوّجه هذه الأطباق إلى شريحة لا تتعدى الآلاف، ولفت الرفاعي إلى أهمية الحرص في هذا الشهر على الإقلال من كمية الوجبات خاصّة وأن الكميات الزائدة من الطعام ستُلقى حتماً في الحاوية وهذا الأمر مرفوض شرعاً، لذا فمن الأجدر تقديم الطعام الزائد للفقراء وزيادة الإحساس بهم.