الزيارة التايوانية “العابرة” تؤكّد التراجع الأمريكي عن مبدأ “الصين الواحدة”
تقرير إخباري
في ضوء التوتر المتزايد الذي تعمل واشنطن على تأجيجه في بحر الصين الجنوبي، تكتمل استفزازية المشهد في زيارة “العبور” لـ”رئيسة تايوان” إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
فصحيحٌ أن هذه الزيارة لن تحسّن من الاعتراف الدولي بتايوان، لكنها تبعث على القلق الدولي على المديين المنظور والبعيد، وخاصةً مع ترافق مثل هذه الاستفزازات بضغوطٍ أمريكية شديدة على الدول الصغيرة والجزر الضعيفة لإجبارها على الاعتراف بما يسمّى “استقلال تايوان”.
هذه الزيارة لا يمكن اعتبارها “زيارة عابرة” رغم تأكيد وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض ذلك، وخاصةً بعد أن قامت “رئيسة تايوان” بإلقاء كلمتين خلال زيارتها، وكانتا تعبيراً عن تشجيع وتأجيج لمشاعر الانفصاليين داخل تايوان وخارجها، إضافةً إلى أنها التقت المتحدّث باسم مجلس النواب الأمريكي ستيفن مكارثي الذي يعدّ من كبار السياسيين الأمريكيين، وسيكون لذلك ردود فعل كبيرة من بكين، كما أن هذه الزيارة تجعل من اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمبدأ “الصين الواحدة” في مهبّ الريح وموضع شكوك، على الرغم من تأكيدها العلني له مراراً وتكراراً، مبررةً ذلك بأقوال متناقضة وغير عقلانية، كاعتبارها أن تفسير هذا المبدأ هو من حق الولايات المتحدة وحدها وليس الصين، مستندةً إلى ما يسمّى “قانون العلاقة مع تايوان” الذي سنّته منذ سنواتٍ عدّة، والذي ينصّ على التدخل العسكري الأمريكي لحماية تايوان والسماح بإبرام صفقات إمدادها بالسلاح، ناهيك عن دأب واشنطن على إقحام تايوان ضمن الأحلاف المشبوهة التي تقيمها بين المحيطين الهادئ والهندي لإتمام هيمنتها على منطقة آسيا – الهادي، ولكن الصين تبقى مستعدّة لجميع السيناريوهات، وقد استفادت من قراءة مشهد الحرب الأوكرانية، كما استعدّت لما قد يفرضه الغرب من إجراءات أحادية وعقوبات اقتصادية، إضافةً إلى استعداد جيشها للدفاع عن وحدة وسلامة أراضيها ضدّ أي تهديدٍ من أي قوىً معادية، رغم استبعاد تحقّق مثل هذا السيناريو من العديد من الخبراء على الأقل في المدى القريب، لأن أمريكا وأذنابها لم يتمكّنوا بعد من تحقيق أدنى نصر أو حسم في حربهم بالوكالة في أوكرانيا ضدّ روسيا، كما أن تايوان شاهدت بعينها ما حلّ بأوكرانيا من دمار وتقهقر وخسائر مادية وبشرية رغم الدعم غير المتناهي لها من الدول الأطلسية.