بنات العرقسوس والتمر هندي
حلب – غالية خوجة
يشتهر شهر رمضان الفضيل بالعصائر المختلفة والمشروبات المتنوعة، ومنها العرقسوس والتمر هندي كونهما الأكثر شعبية والأقل تكلفة، كما أنهما سهلا التحضير وسريعا المبيع.
ولقد اعتدنا على رؤية الشخصية الفلكلورية لبائع العرقسوس والتمر هندي، ورؤية الباعة وهم ينادون أمام محلاتهم على هذه المشروبات التي يرافقها المعروك، بينما الباعة الجوالون يجوبون الشوارع مع عرباتهم وهم ينادون على الصائم ليفطر ويوحّد الدائم، وتحتدّ المنافسة التي يتخللها شراء أحد الكرماء لمحتويات الوعاء كاملاً والتصدّق بها عن روح أحدٍ ما.
ولربما لم نعتد على بنات بائعات لهذه المشروبات، وها نحن نلتقي مصادفة في شارع الزهور بحي السريان بالطفلتين الطالبتين الأختين حوري، شام في الصف السابع، وزينة في الصف التاسع، ونراهما منهمكتين في تعبئة الأكياس وإقفالها وعرضها وبيعها.
وهذا المشهد الجميل المزدحم بالحركة بعد العصر، جعلني أتوقف معهما لأحاورهما عن هذا العمل، بعدما اتصلت بأمهما، وسمحت لهما بذلك، فتجيبني شام: كلّ رمضان نحن هنا، وأكدت أختها زينة: منذ سنوات ونحن هنا بتشجيع من أمي وأبي اللذين يعدّان لنا المواد ويجهزانها، فنبيعها، نحن نحبّ الدراسة والعمل، وحين نشعر بأن إنساناً لا يستطيع الدفع نعطيه مجاناً، ونساعد المحتاجين أيضاً.
أمّا عن دراستهما ومواهبهما، فأجابت شام: أحب الرسم والتمثيل وأتابع تعليمي لأكون مهندسة معمارية.
وأجابت زينة: أحب كافة المجالات العلمية والأدبية وهوايتي السباحة، وأعتبر أن هذا المشروع الصغير الخاص من الممكن أن يكون مشروعاً لكلّ أسرة وعائلة، وأشجع الطلاب والطالبات والأهالي على مثل هذه المبادرات، لأن المشاريع الصغيرة تصبح كبيرة في المستقبل.
تركتُ لأشعة الشمس أن تتداخل مع الغيوم، وللفتاتين أن تكملا بيعهما بهدوء، وللناس أن تعيش لحظات الازدحام الذي يسبق توقيت الإفطار، ومضيت أتأمل حلب الخارجة من آلام الحرب والزلزال والتي لا يغادرها ارتفاع الأسعار أبداً!.