مجلة البعث الأسبوعية

حقائق ودلالات تكشفها حركات وإيماءات الجسد.. والكلمات والجمل لا تمثل سوى 7 % من طرق التواصل

البعث الأسبوعية _ بشير فرزان

يعتقد البعض أن الكلمات والجمل تمثل الجزء الأكبر والأساسي من طرق تواصل الأفراد فيما بينهم، لكن العديد من الأبحاث و الدراسات تشير إلى أن الكلمات و الجمل لا تمثل سوى 7 % من طرق تواصلنا مع عالمنا، بينما يذهب الجزء الأكبر إلى حركاتنا و إيماءاتنا التي تترجم في عقول المتلقين من دون وعي منهم، حيث تحتل لغة الجسد حوالي 55 % من طرق تواصلنا مع المحيطين، وانطلاقاً من تلك الدراسات بدأت مراكز التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية لتنمية مهارات التواصل غير اللفظي بين الناس. لم تكن ملاحظة العلماء لأهمية لغة الجسد أو اللغة غير اللفظية كما تسمى أيضاً، في حقبه بعيدة من التاريخ، فقبل خمسون عاماً تقريباً بدؤوا بإدراك دورها الكبير و ارتباطها الواسع بنجاح الفرد على جميع الأصعدة الحياتية طالما أن هناك تواصل بينه و بين الآخرين.

 المعايير الأساسية

قراءة لغة الجسد قبل اللغة الكلامية مهم وضروري لتأثيرها الأكبر في التواصل” هي الجملة التي بدأ بها الخبير منير الدخيلي حديثه حول أهمية لغة الجسد حيث نستطيع تحويل الانطباع السلبي للناس عنا إلى أخر إيجابي، مستعرضاً أشهر الإشارات في لغة الجسد كعقد الذراعين التي تعني  التردد، الحاجة إلى وضع المسافة بين المتحدثين، والحاجبان المعقودان التي تدل على الحيرة وعدم اليقين، فيما يعني التواصل المستمر بالأعين الثقة والموافقة على ما نقول، ويؤكد أنها تتعدى ذلك لتصل إلى الدخول في تفاصيل تواصل الشخص مع ذاته لصلتها المباشرة بمشاعره و أحاسيسه، فعند الشعور بالسعادة، الحب، الحزن، الثقة، الضعف، الغضب أو الألم و غيرها، فإن عقلنا اللاواعي يحدث تغييرات لا إرادية تظهر بشكل ردود أفعال معينة على أجسامنا قد تكون صغيرة أو كبيرة، ملحوظة أم خفية تراها العين المدربة أو تلتقطها كاميرات المراقبة، والتي لا يمكن السيطرة عليها أبداً وتبقى مكشوفة للخبير الحاذق في قراءة التعابير الصامتة.

آثار ايجابية في حياتنا

رغم وجود بعض الإيماءات المتعارف عليها، إلا أن لغة الجسد تختلف من شخص إلى آخر، فكل جسد يمتلك لغته الخاصة وهي ما يطلق عليها اسم “المعيار” وهي حالة الشخص الطبيعية بعيداً عن أي نوع من الضغوط التي تدفعه إلى إخفاء مشاعره الحقيقية، ولكن بالمقابل يؤكد المدرب نبيل المواز أنها خبرة مكتسبة تعتمد على صقل مهاراتنا في التعبير عن أنفسنا بالشكل الأفضل للاستفادة منها على جميع الأصعدة ولعل أهمها في المسابقات والمقابلات الشفوية للكثير من الوظائف، فالخبرات المطلوبة والمهارات يجب أن تقترن بحركات متناغمة تعبر عن طبيعة وشخصية المتقدم للمسابقة، لتبث الثقة في اللجنة المكلفة بالفحص الشفوي، فطريقة المشي والجلوس ونبرة الصوت تعطي دلالات واضحة عن تمكن المتقدم من نفسه أولا ومهاراته وخبرته ثانياً، بينما إيماءات الخوف والارتباك كفرك اليدين أو هز الأرجل تعطي انطباعاً عن التوتر وضعف الثقة بالنفس فتأتي بنتائج عكسية على المتقدم، وقد استخدمت لغة الجسد في كشف ملابسات الجرائم وتفسير تصريحات السياسيين حيث استطاع الخبراء استقراء تعابير الرؤساء في لقاءاتهم التلفزيونية والصحفية، واستنتاج ما توصلوا إليه في جلساتهم المغلقة.

حركات الكذب

لاستخدام مفاهيم لغة الجسد بين الأصدقاء فبعض الإشارات التي تدل على الكذب كالتراجع إلى الخلف بسرعة بعد الانتهاء من الكلام خاصة عند الإفصاح عن حقيقة ما، أو حك الذقن أو الأنف أو وضع اليد أسفل الأنف هي دلالات دامغة على الكذب بحسب اليونس، يليها حك الرقبة أو شد ياقة القميص.

حقائق ودلالات

ولكن الاعتماد على تفسير لغة الجسد دائماً لتصديق أو تكذيب الآخرين يوقعنا في مخاطر عديدة، لانتشار تعاليمها بشكل واسع و إتقان البعض لها، لذلك وجب الانتباه إلى أن جميع الإيماءات ليست بعفوية بل قد تكون مقصودة أحياناً من قبل متقنيها فتقع في شرك التفسير الخاطئ لها، وهنا تلعب معرفتك الحقيقية لهذا العلم في قدرتك على كشف الإيماءات العفوية من غيرها، فحسب رأي الخبراء يمكن التفريق بينهم لأن الإيماءات العفوية تسبق الكلام مباشرة دون شرود العينين الناتج عن التركيز للتحكم بها، ولا تأتي مع بداية الكلام أو خلاله، أما الإيماءات الكاذبة فتأتي مع بداية الكلام أو متأخرة قليلاً مع تقطع بالجمل نتيجة التركيز عليها، وبالرغم من وجود العديد من المختصين و الخبراء النفسين للتدريب على لغة الجسد، لكن مهما حاول الإنسان أن يتعلمها ليستغلها في صالحه، فإن هذه الأخيرة تبقى لغة الحقيقة، لأن بعض المواقف المحرجة تجعل الإنسان يفقد السيطرة المتكلفة على إيماءات جسمه.