دراساتصحيفة البعث

حروب أمريكا اللا منتهية

 ترجمة: عناية ناصر

وفقاً لما هو موثق في الجدول الزمني للحروب الأمريكية، كانت الولايات المتحدة الأمريكية في حالة حرب بشكل أو بآخر منذ حرب الاستقلال الأمريكية 1775 – 1783، التي أسست الولايات المتحدة كدولة. حينها كانت حروب أمريكا المبكرة تهدف إلى القضاء على السكان الأصليين للبلاد، وبالتالي كانت تلك الحروب ذات طبيعة إبادة جماعية.

في السنوات الأخيرة استهدفت الولايات المتحدة الهيمنة الكاملة، والهيمنة العسكرية على جميع الدول الأخرى، والهيمنة العالمية من خلال القوة العسكرية، وبناء إمبراطورية، و التهديد باستخدام القوة العسكرية أو استخدامها في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ “نورمبرغ”.

وفي غياب أصوات المعارضة تقريباً، يبدو أن المجمع الصناعي العسكري للولايات المتحدة له سيطرة على الجمهوريين والديمقراطيين، وقد تجلى ذلك من خلال  تصويت الحزبان مؤخراً  لمنح ما يقرب من تريليون دولار للأسلحة والأغراض العسكرية الأخرى.

تعتبر العسكرة هي الِدين القومي للولايات المتحدة، ومن الأمثلة على ذلك بعض الاقتباسات لـلسياسي البريطاني ويليام أستور :”نحن نؤمن بالحروب، ربما لم نعد نؤمن بالإعلانات الرسمية للحرب.. لكن هذا بالتأكيد لم يمنعنا من شنها، حيث شن الأمريكيون الحروب دائماً من كوريا إلى فيتنام، ومن أفغانستان إلى العراق، ومن الحرب الباردة إلى الحرب على الإرهاب، والعديد من التدخلات العسكرية بينهما، بما في ذلك غرينادا وبنما والصومال”.

وفي اقتباس آخر:” نحن نؤمن بالأسلحة، فكلما كان سعرها أعلى كان ذلك أفضل. قد تكلف المقاتلة الشبح “إف 35” ضعيفة الأداء 1.45 تريليون دولار طوال فترة تواجدها. كما قد يكلف ثالوث نووي محدث (صواريخ أرضية، وغواصات نووية، وقاذفات استراتيجية) 1.7 تريليون دولار. كما تكلفنا حاملات الطائرات الجديدة (والمعطلة) أكثر من 10 مليارات دولار لكل منها. ويتم تمويل جميع طلبات الأسلحة هذه، مع طرح بعض الأسئلة، وعلى الرغم من تاريخ من وجود تاريخ من التكرار  لتلك الأسلحة، والسعر المرتفع بشكل يبعث على السخرية، وتجاوزات التكلفة المنتظمة، والأداء المتواضع، في غضون ذلك، يتشاجر الأمريكيون بشدة على مئات الملايين من الدولارات للفنون والعلوم الإنسانية “.

صادف يوم  20 آذار 2023 الذكرى العشرين للغزو الإجرامي الأمريكي للعراق، والذي  كان قائماً على كذبة أسلحة الدمار الشامل. وعندما تم غزو العراق، لم يتم العثور على مثل هذه الأسلحة النووية أو البيولوجية أو الكيميائية. ومع ذلك، كما هو موثق، أدى الغزو في النهاية إلى مقتل أكثر من 5 ملايين عراقي. وكان العديد من الذين ماتوا  هم من الأطفال، و الذين حُرموا من الطعام والأدوية بسبب عقوبات ما بعد الحرب.

لطالما كانت الحرب دائماً ضرباً من الجنون، ودائماً غير أخلاقية، ودائماً سبب معاناة لا توصف، وإهدار اقتصادي، ودمار واسع النطاق، ومصدر للفقر والكراهية والهمجية ودورات لا نهاية لها من الانتقام والانتقام المضاد. ولطالما كان قتل الجنود للناس جريمة، وكذلك قتل الناس جريمة في المجتمع المدني لدرجة لا يمكن فيها التغطية على فظائع الحرب. ولكن اليوم، فإن تطوير أسلحة نووية حرارية مدمرة بالكامل قد وضع الحرب تماماً خارج حدود العقلانية والإنسانية الأساسية.

واليوم، تمتلك الأسلحة النووية الحالية نصف مليون ضعف قوة القنابل التي دمرت هيروشيما وناغازاكي، بمعنى أن الحرب النووية الحرارية ستدمر الحضارة البشرية، إلى جانب معظم النباتات والحيوانات التي نتشارك معها الحياة. فقد أظهرت الأبحاث أن العواصف النارية التي تنتجها الحرب النووية سترسل كميات هائلة من الدخان إلى الغلاف الجوي، وتحجب أشعة الشمس، وتعيق الدورة الهيدرولوجية، وسيصبح المناخ شديد البرودة لمدة عشر سنوات تقريباً، الأمر الذي سيؤدي إلى القضاء على الزراعة البشرية، كما سيُقتل الشتاء النووي النباتات والحيوانات.

من أجل تخليص أنفسنا من الأسلحة النووية، ومن مؤسسة الحرب نفسها، يجب أن نتصرف بسرعة وحزم قبل أن يتحول عالمنا الجميل إلى رماد مشع.