في ذكرى رحيله الثانية.. “الأعمال الشعرية الكاملة” لمروان الخاطر
أمينة عباس
بمناسبة ذكرى رحيله الثانية، أصدرت دار دلمون الجديدة كتاب “الأعمال الشعرية الكاملة” لمروان الخاطر، وقد حرصت عائلته على توزيعه ضمن الاحتفاء الخاص به الذي أقامه اتحاد الكتاب العرب، بالتعاون مع عائلة الفقيد ودار دلمون الجديدة.
وبيّن توفيق أحمد، نائب رئيس الاتّحاد، في حديثه عن الراحل إلى أنه كان يعرفه منذ العام 1986 عندما عُيّن مذيعاً في إذاعة دمشق وإذاعة صوت الشعب، وكان الراحل مدققاً لغوياً وكاتباً درامياً، مؤكداً أنه كان من فطاحل اللغة العربية، إضافةً إلى ما كان يتمتع به من أخلاق عالية.
صوته فرات صادح
ورأت عفراء هدبا، مديرة دار دلمون الجديدة، أن الراحل كتب قصائده انطلاقاً من انتمائه القومي ومبادئه الراسخة وإيمانه المطلق بحتمية الوحدة العربية، وفاضت كلماته الألم بفعل الانكسارات التي أصابت جسد الأمة، مؤكدة أن الدار حرصت على إعادة نشر الأعمال الكاملة للراحل لتسهم في إحياء ذكراه واستعادة أبرز محطات حياته التي وثقها في قصائد استلهم فيها مفردات البيئة التي نشأ فيها، فجاء صوته فراتاً صادحاً لم يحد عن الهمّ العام إلا ما اتصل بفقد الأحبة الذي أدمى قلبه وأوهن قدرته على الحياة.
النغم الحزين
وأكد د. حسين الخاطر، الذي كتب مقدمة الكتاب وراجعه، أنه عندما يتحدث عن والده الشاعر مروان الخاطر فمن المؤكد أن الكلمات تخونه لأنه لن يفيه حقه، فكيف إذا كان الحديث عن قصيدته التي كانت أغنية تحمل في طياتها النغم الحزين. وقال إن المتأمل للأعمال الشعرية الكاملة سيجد نفسه أمام رسالة شعرية لها بدايتها وخط سير واضح المعالم حتى النهاية، وسيشعر بالترابط والتلاحم بالنغم الشعري منذ بدايته في مقتبل الشباب واستمراريته حتى آخر قصيدة نُظِّمَت، مشيراً إلى أن أعماله الشعرية كانت محطة مهمة في الدراسات النقدية التي تحفّز دارسي الأدب والنقد على كثير من النقاط، منوهاً بأن الرحلة الشعرية لوالده بدأت بـ “الناي الجريح”، الذي طُبع عام 1962، ثم تلاه ديوان “حمدان” عام 1967، فديوان “أصوات في سمع الزمن المقهور” 1970، تلاه ديوان “نشيد الغربة” 1979، وبعد ذلك “أغاني الفرات” عام 1994، و”مراثي الروح”، وهي مجموعة شعرية تناولت قصائد الرثاء وطُبعت بعد وفاته بعام واحد، وكتاب “مختارات” يضم قصائد اختارها وأهداها لقرّائه قبل وفاته بشهور قليلة، عام 2020، تزامناً مع رحيل رفيقة دربه.
صوت شعري متميز
وأكد د. شاهر مرير أن تجربة مروان الخاطر الشعريّة ذات فرادة وخصوصية وتميز كمّاً ونوعاً، فقد استطاع عبر دواوينه السبعة خوض غمار الشعر الحر، فجارى المتقدّمين وأحسن وأبدع، كما جال في ميادين الأدب والإعلام والصحافة فاستحق لقب أديب بجدارة، مبيناً أنه كان يستلهم بوح ذاته وصهيل روحه من البيئة الفراتية الغنية وبيئة البادية، فتناثرت مفرداتهما في ثنايا شعره عربون انتماء وتجذّر وأصالة، فكان ذا صوت شعري متميز يهتم بالصورة والخيال بشكل خلّاق في سياقات المضمون الذي كان يهتم به كثيراً لأنه صاحب موقف سياسي واجتماعي، منوهاً بأن شعره كان يقوم على نص جريء مترع بالأفكار والرؤى، مفعم بالصور البديعة، وهو الذي كان شاعراً مثقفاً ذا شخصية متزنة، وقد كانت له مساهمات في الحالة التنويرية في منطقة الميادين، بالإضافة إلى أسماء أخرى شحنوا جيلاً توّاقاً إلى الثقافة مما شكّل إرهاصات معرفية تجلت في تفجُّر علمي وثقافي في السبعينيات والثمانينيات.
عشق الفرات
وأشار د. عبد الله الشاهر في كلامه عن مروان الخاطر الإنسان أنه كان طيباً إلى درجة البساطة، رزيناً في حضوره، صائباً في رأيه، وحاسماً في موقفه، لا يملك عداوات ولا يعترف بها، وقد عشق الفرات، وعزف على خرير مياهه أولى قصائد الشوق والعتاب، كما كان بدوياً تآخى مع السلماس والشيح وتعلّم منها أن للكلمات صدى وأن للبادية مدى، فمدّ رؤياه في عمقها واتّساعها، وكان يؤمن بالحرف خلاصاً وبالشعر فضاءً، فأودع فيهما طموحاته وأحلامه وهمومه وأحزانه، فبدا نصه غربة ووجعاً وحنيناً، موضحاً أنه في نتاج الشاعر مجموعة من القصائد التي تمثل محطات أساسية في مسيرته الشعرية، وقد كان لها مكان في نفسه كما لها حضور في ذاكرة الجميع.
برامج تمثيلية
وبيّن المخرج مازن لطفي أنه عرف الراحل منذ أربعين عاماً في دائرة التمثيليات الإذاعية حيث كان يعمل مراقباً للنصوص، ومن ثم تسلم رئاسة الدائرة الثقافية وقد تعاونا معاً في مجال الدراما على مدار سنوات عديدة، كما قام بإخراج أعمال مهمة من تأليفه كمسلسل “الأمثال في القرآن”، بالإضافة إلى عدة برامج تمثيلية تراثية مثل “مجلة الفرات” الذي كتب منه أكثر من ألف حلقة وهو يُعتبر وثيقة تراثية ودرامية.