واشنطن تعمل على تسييس منظمة الصحة العالمية من جديد
عائدة أسعد
أشارت وزارة الطاقة الأمريكية مؤخراً إلى أن “تسرباً مختبرياً” في الصين كان هو السبب لوباء كوفيد 19، وذلك بناءً على تقرير استخباراتي جديد رفضت الولايات المتحدة مشاركته، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى الضغط على الصين من أجل “مزيد من الوصول والشفافية”.
وبذلك، اختارت منظمة الصحة العالمية التغاضي عن حقيقة أن خبراءها أجروا بحثين ميدانيين حول أصول الفيروس في الصين بعد تفشي الوباء قبل حوالي ثلاث سنوات، وهذان هما البحثان الوحيدان من نوعهما اللذان تم إجراؤهما في أي مكان في العالم حتى الآن، والاستنتاج الذي تم التوصل إليه هو أن نظرية تسرب المختبر كانت غير مرجحة للغاية.
من الواضح أن العلم يأخذ مقعداً خلفياً الآن مع سماح هيئة الصحة العالمية للولايات المتحدة بتسييسها وتسييس القضية. لذلك، لا ينبغي لمنظمة الصحة العالمية أن تنسى الضغط الشرس الذي تعرضت له المنظمة بعد نشر التقرير، فقد شككت الولايات المتحدة علانية في حيادية منظمة الصحة العالمية وفي مهنيتها.
إن انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، وتعليقها اللاحق لتمويلها لها خلال إدارة دونالد ترامب، فضح المخاوف الحقيقية لواشنطن، وذلك بغض النظر عما لذلك من تأثير على الحرب العالمية ضد الفيروس، في وقت كانت منظمة الصحة العالمية تلعب فيه دوراً رئيسياً في دعم الدول الأقل نمواً للتعامل مع الوباء.
واشنطن لم تضع أبداً رفاهية الناس في المقام الأول، وبدلاً من ذلك تكهنت بشأن جائحة كوفيد بسبب سياساتها الداخلية ولعبتها الجيوسياسية الدولية. وعلى الرغم من أنها عادت إلى منظمة الصحة العالمية بعد فترة وجيزة من تولي إدارة جو بايدن مهامها، إلا أن الولايات المتحدة واصلت محاولة إلقاء اللوم على الصين بشأن الوباء، وطبعاً لأن القيام بذلك أثبت أنه أسهل طريقة لمساعدة واشنطن في تخفيف الضغط المحلي عليها، بسبب استجابتها المعيبة للوباء الذي أدى إلى أكبر عدد من الإصابات والوفيات الناجمة عن الوباء، وتحويل الانتباه عن القرائن العديدة التي أشارت إلى أن مختبر “فورت ديتريك” البيولوجي التابع للجيش الأمريكي هو المصدر الأكثر احتمالية لتسريب المختبر.
يتوجب على منظمة الصحة العالمية أن تحث على مزيد من الوصول والشفافية فيما يتعلق بمختبر فورت ديتريك، خاصةً أن الصين أثبتت أنها كانت أحد أكثر المساهمين تعاوناً وأكبر المساهمين في عمليات تتبع أصول الفيروس، وهي مهمة علمية قالت دائماً أنه يجب الحفاظ عليها محصنة ضد محاولات الولايات المتحدة قصيرة النظر لتسييسها وتسليحها.
إن الاستعداد الذي تبادلت به الصين بياناتها ومعلوماتها المتعلقة بالعمل مع منظمة الصحة العالمية، والدائرة العلمية الدولية ككل، والتعاون الذي قدمته لفرق البحث الميداني التابعة لمنظمة الصحة العالمية يتناقض تناقضاً صارخاً مع ممارسات الولايات المتحدة السرية والمراوغة والتهرب من مسؤولياتها.
إنه لأمر مثير للسخرية أن منظمة الصحة العالمية قد اختارت الاستمرار في تضليل نفسها من قبل دولة جعلت مجتمعها الاستخباراتي مسؤولاً عن مسألة علمية، والسياسيين غير المسؤولين مسؤولين عن المناصب الحاسمة لاتصالات الصحة العامة، بينما يتم تهميش علمائها وكتم أصواتهم وفصلهم ومهاجمتهم.