العمل الحر يستقطب آلاف الدولارات من الخارج ومعظمها من نصيب الوسطاء و”السوداء”
دمشق – ريم ربيع
يتزايد بشكل متسارع الإقبال على العمل الحر “الفريلانس” بمختلف الاختصاصات، من تصميم وبرمجة وصحافة وتسويق إلكتروني وغيرها، حيث أصبحت الرواتب المغرية دافعاً لدى الكثير من الموظفين للاستقالة والتفرغ للعمل الحر، أو الاعتماد عليه إلى جانب الوظيفة، فيما تخلى الخريجون والعاطلون عن العمل عن انتظارهم لمسابقات جديدة للتوظيف، وبات كل منهم يتخصص بمجال معين للعمل عن بعد وكسب مئات الآلاف شهرياً.
وما بين العمل الحر لشركات محلية، أو شركات عربية وأجنبية، غالباً ما يختار الباحثون عن فرص عمل الخيار الثاني، نظراً لفرق الأجور الكبير، فمهما ارتفع الأجر بالشركات محلياً إلا أنه لا يتعدى مليون ونصف للتصميم الغرافيكي، ومليونين للبرمجة، ومثلها للتسويق وصناعة المحتوى، وفقاً لمن سألناهم في هذه المجالات، بينما قد تتضاعف هذه الأرقام لمن يعمل للشركات الخارجية، التي يبدو أنها تفضّل السوريين نظراً لانخفاض أجورهم بالنسبة لها مقارنة بدول أخرى نتيجة ارتفاع سعر الصرف محلياً، إذ تبدأ الرواتب بمعدل وسطي من 200 دولار وصولاً إلى 1000 دولار، حسب طبيعة العمل والمهام الموكلة للشخص.
إلا أن هذه الأجور الكبيرة غالباً ما تصطدم بعائق التحويل، إما بسبب العقوبات كما يقول البعض، أو لفارق السعر برأي آخرين، فيما تمتنع بعض المواقع المتخصصة بالعمل الحر عن التحويل المباشر لسورية، مما يجعل الحصة الأدسم من هذه الأجور من حصة الوسطاء، الذين يحصلون بدورهم على عمولات قد تصل لـ20%، لتنضم بذلك رواتب العمل الحر إلى الحوالات بخروجها من القنوات الرسمية لتحويل القطع، ويبقى المستفيدون منها هم الوسطاء والسوق السوداء.
الخبير المصرفي الدكتور علي محمد استبعد أن تكون العقوبات هي سبب القصور في تحويل الأجور، فبالإمكان التحويل إلى شركات الصرافة والبنوك ولم يتوقف هذا الأمر، لكن السبب متعلق بخوف الكثيرين من تحويل القطع، إذ يخشون المسائلة القانونية رغم أن التحويل من الخارج متاح وليس كالتعامل محلياً، والسبب الآخر يعود لفرق السعر الذي وإن كان بسيطاً بعد أن رفع المركزي السعر بنشرات الصرافة، إلا أنه يشكل للبعض مبلغاً لا بأس به.
وبيّن محمد أنه لا يوجد تقديرات لحجم القطع الوارد من هذه الأعمال ويصعب الحصول عليها، فحتى تقديرات الحوالات بـ2.5 مليار دولار سنوياً، هي تقديرات مبنية على بيانات ما قبل الحرب وليست دقيقة، أما الأجور فلا بيانات موثقة لها، إلا أنها بالتأكيد مالغ كبيرة لأن الإقبال على العمل الحر متزايد بالتزامن مع طلب الشركات للسوريين لرخص اليد العاملة.
وكذلك أكد الخبير الاقتصادي الدكتور حسن حزوري أنه لا يوجد ما يمنع تحويل الأجور، لكن ينقصنا تشريع يسمح بفتح حسابات لهذه الأعمال محلياً، فمثلاً إذا كان العمل لأحد التطبيقات أو لموقع متخصص بالعمل الحر، أو حتى لمواقع التواصل الاجتماعي، فكلها تطلب حساب لتحويل الأجر للشخص وهو أمر غير متاح محلياً، لذلك يجب دعم هذه الفئة بفتح حسابات، والسماح لهم بالحصول على أجورهم سواء بالليرة أو بالقطع الأجنبي.