مجلة البعث الأسبوعية

يخرج الجميع إلى بيت العروس وفي أيديهم الشموع المضاءة

فيصل خرتش

يقوم الكاهن بالواجب الرئيسي في مفاوضات الزواج لأنه، بحكم منصبه، على علاقة وثيقة بالعائلات. وعندما يتمَ الاتفاق، يرسل أهل الخطيب الزهور والهدايا لعائلة الفتاة في المناسبات، وتبدأ الزيارات بين العائلتين. وعلى الفتاة المخطوبة ألا تقترب من الهدايا المرسلة أمام الغير، وعندما يذكر اسم الخطيب فإنها تسكت أو تعبس أو تغادر المكان.

بعد طلب يد البنت رسمياَ يجتمع الأقرباء من الرجال في منزل أهل الفتاة كي يحدد الأب يوم الإكليل الذي يكون بعد خمسة عشر يوماً من الخطبة عامة. يعود ويجتمع هؤلاء في بيت الفتاة قبل الإكليل بيوم واحد؛ وبعد العشاء يتجهون إلى بيت العريس فيجدون المدعوين هناك، ويختفي العريس والإشبين في مكان ما في البيت. وبعد تفتيش ظاهري بسيط يجدونهما ويخرجان من مخبئهما؛ وبصيحات الفرح يقودانهما إلى غرفة وضعت بها الثياب. وبعد مباركة الثياب من قبل الكاهن، يرتدي العريس ثيابه ويمشي في باحة المنزل، وتبقى النساء في غرفة أخرى. وفي حوالي منتصف الليل يتجه الجميع إلى بيت العروس بمرافقة فرقة موسيقية، وفي أيديهم الشموع المضاءة، وعند وصولهم يمنعهم بعض أقرباء العروس من الدخول إلى الدار، يتبعه صراع، وفريق العريس هو الغالب دائماً، وتندفع النساء إلى داخل البيت وينتشلن الفتاة من بيت أهلها بأصوات النصر، وتكون الفتاة مغطاة الوجه وتصحبها الإشبينات وبعض القريبات. أما الأم والأقرباء فإنهن لا يرافقن العروس، ويسود الحزن عند مغادرتها منزل أهلها، بينما المدعوون من قبل العريس يستقبلونها بأهازيج عالية وفرح ويتجهون إلى بيت العريس. وعند دخول الفتاة من عتبة الباب ترتفع الأهازيج أكثر، وبعد استبدال الغطاء الطويل بالغطاء الأحمر يقودونها إلى قاعة كبيرة، ويجلسونها على أريكة وتبقى ساكنة لا تتكلم أو تبتسم، بل تحول نظرها إلى الأرض. وعندما تدخل أية امرأة للمباركة تنهض وتقبل يدها، وتمضي النساء الليل في الأهازيج بصوت عال بينما يجلس الرجال في غرفة ثانية يشربون ويغنون، عدا بعض الرجال والنساء الكبار في السن الذين ينزوون للاستراحة، وإذا كان بيت العريس صغيراً يجري الاستقبال في منزل الجيران.

في صباح اليوم التالي، يصل الكاهن لإقامة مراسم الإكليل، فتتوقف الأغاني والموسيقا، ويسود صمت داخل البيت، وتغطي جميع النساء وجوههن. وبعد ارتداء الكاهن ثيابه الكنسية الخاصة، يدخل الجميع إلى غرفة النساء بهدوء، وتنتظر العروس، في هذه الأثناء، وهي واقفة على رجليها، وبجانبها سيدتان عدا الإشبينة؛ ثمَ يقاد العريس مع إشبينه ليقف إلى يسار عروسته، وتبدأ مراسيم الإكليل، ويبدأ الكاهن بوضع الإكليل على رأس العريس وتاج آخر على رأس العروس، والشيء ذاته يطبق على الإشبين والإشبينة، ويرد العريس على أسئلة الكاهن حول الزواج بصوت مسموع، بينما تجيب العروس بانحناءة من رأسها، وبعد ذلك يشبك يدي العريس والعروس ببعضهما، وبعد عدَة صلوات ومباركات يضع الخاتم في يد إصبع العريس، ويقدم خاتماَ آخر للإشبينة كي تضعه في إصبع العرو.، وبعد انتهاء المراسيم يربط الكاهن شريطاً على رقبة العريس يبقى حتى المساء ليرفعه كاهن آخر، ثمَ يخرج الجميع من قسم النساء ويتجهون إلى أماكنهم السابقة حيث تقدم الأطعمة للكاهن ومرافقيه وبعض الشخصيات. وبعد مغادرة الكاهن ينتهي السكون المفروض ويعلو صوت الموسيقا والغناء، ويبدأ الفرح ويستمر طوال اليوم، يرافقه الطعام والحلويات والقهوة والفواكه. وفي حوالي منتصف الليل يتجه العريس مع الأقرباء الذكور إلى غرفة النساء، ويستضاف بالمشروبات والفواكه؛ وهنا يرى العريس وجه عروسه لأول مرَة، وتستقبل العروس عريسها واقفة وبعد إلحاح شديد تجلس، ثمَ يغادر العريس الجناح تحت سيل من التصفيق ويستمر الفرح طوال الليل، وعند الصباح يقوم العريس بتقديم الهدايا لعروسه من ذهب وجواهر وسواهما، بينما يقدم الأقرباء الهدايا النقدية، وجرت العادة أيضاً أن يرسل الأقرباء والأصحاب هداياهم بعد بضعة أيام عندما يأتون للمباركة.

ينتهي العرس بعد طعام الغداء في اليوم الثالث، ويغادر جميع المدعوين عدا بعض الأقارب الذين يبقون مع العريس لتناول طعام العشاء؛ وبعد قضاء يوم متعب ينصرف الجميع كي يختلي العريس بعروسه؛ ويخصص الأسبوع التالي للتهاني؛ ويزور أهل العروس وأقرباؤهم ابنتهم في اليوم السابع للعرس. ومهما اشتركت النساء في الفرح فإنَ حركات العروس تكون محدودة خوفاً من مراقبة المحتفلين أو التصرف ضد الأعراف المتَبعة؛ فإذا نسوا مثلاَ تقديم كأس ماء لها، فإنها بالكاد تتجاسر على طلبه. وهناك نساء عديدات يروين ما جرى لهن من أحداث مضحكة، أو بعض العرسان اللواتي أكدن انزعاجهن بسبب الضوضاء والعطش. وماعدا أيام العرس الثلاثة، فإنَ العروس مكرهة على الصمت مدة شهر تقريباً، وبالكاد تتبادل بعض الكلمات مع زوجها، ويقال إنَ هذه العادة تطول مدَة سنة عند الأرمن، ويدَعي الأزواج في بعض الأحيان بأنَ النساء يعوضن عن سكوتهنَ بالثرثرة فيما بعد، ونساء الموارنة أقل صرامة في احترام تلك الفروض.