عمليات نصب واحتيال تدخل المنازل من بوابة التسويق الالكتروني و”حماية المستهلك” تضبط حالات وتعول على ثقافة الشكوى
البعث الأسبوعية – علي حسون
لا يمكن لأحد أن ينكر التأثير الكبير للتسويق الإلكتروني،بعدما استطاع أن يفرض نفسه وبقوة على كافة أنواع التسويق في ظل التطور التكنولوجي والمعرفي لاسيما انتشار الكبير والسريع للسوشل ميديا كونه الأقل كلفة وجهداً، وخاصة مع تعدد مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت واقعة ومن الصعب السيطرة والتحكم بها.
قفزات نوعية ولكن
وكي لا نظلم التطور والفوائد والخدمات المعرفية وغيرها التي تقدمها مواقع التواصل للعالم، إذ يرى مختصون أن صفحات التواصل شكلت قفزات نوعية في مجالات الإعلام ،حيث استطاعت التفوق على أغلب الوسائل الإعلامية الأخرى من خلال قوة سلاح السرعة ونقل الصورة من الحدث مباشرة ليشاهدها ملايين المتابعين في العالم وهذا ما تعجز عنه وسائل إعلامية معروفة.
في الوقت ذات لم يخف مختصون أن هناك من استغل هذه التقنية المعرفية من خلال خلط المفاهيم واستخدم صفحات التواصل بالشكل المخالف والمنافي للحقيقة والمصداقية، مستغلين خصائص وميزات “الفيس البوك” بقدرة المسوق بإخفاء المصدر ،مما أدى إلى حرف صفحات التواصل الاجتماعي من مهمتها الإنسانية والمعرفية والترفيهية إلى أن منصة للجرائم الإلكترونية من قذف واتهامات باطلة ونصب واحتيال لمتسللين على الشبكات الإلكترونية، حيث تعد جرائم الاحتيال والنصب من أخطر الجرائم وأكثرها وأوسعها انتشاراً بوسائل وطرق وأشكال متنوعة بعقول احترافية من أجل الإيقاع بالضحايا والاستيلاء على أموال الآخرين.
أسهل الأدوات
ويؤكد خبراء بالتسويق أن أسهل طريق لهؤلاء يكون عبر “الفيس بوك” و”التويتر” كونهما أسهل الأدوات للتلاعب والغش والاحتيال؛ ما أدى إلى وقوع الكثير من مستخدمي هذه المواقع فريسة للمحتالين.
ولم ينكر الخبراء وجود صفحات تعمل بمهنية عالية ومصداقية أي بما معناه “تحترم حالها” وذلك من خلال القنوات القانونية والتجارية وفق تراخيص معتمدة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، معتبرين أن هذا النوع من التسويق الإلكتروني يقدم الفائدة والمعلومة والسرعة بشرط الترويج للمنتج بالشكل الحقيقي من دون تحريف أو مبالغة أو تزييف.
تحذير وضحايا
وحذر خبراء من مواقع إلكترونية وصفحات تواصل تعتمد النصب بذكاء حاد وخلق حيل وطرق تتناسب مع التطورات والاحتياطات المبذولة، من أجل تمرير أعمالهم الاحتيالية تحت غطاء التسويق والعرض لمنتجاتهم
“البعث الأسبوعية ” تابعت أكثر من مرة واستطلعت بعض هذه الحالات من النصب والاحتيال، حيث كشفت إحدى السيدات عن محاولة إحدى صفحات ترويج لألبسة عبر الفيس بوك ؟،إذ تطلب تلك الصفحات وضع نقطة أو تعليق كي يصل السعر على الحساب الخاص لها ومن ثم الطلب منها التواصل على رقم معين، ومن بعد التواصل وتحديد مكان لاستلام المطلوب من الألبسة المتفق عليها على الفيس لتكتشف السيدة أن ما شاهدته على الواقع مختلف تماماً عن المنشور والمسوق له ،مشيرة إلى وجود عيوب بقطعة الألبسة المراد شرائها لم تكن موجودة على المنشور،مضيفة أنه عند محاولة التواصل مع الرقم إلا انه كان خارج الخدمة والصفحة ملغية .
ولم يك السيد “ر” أفضل حالياً، حيث قام بشراء سيارة من خلال صفحات الفيس بوك، وقام بكتابة عقد بعد أن دفع “رعبوناً” ليفاجأ أن السيارة لها مالك آخر؛ مما جعله يقوم بتقديم معروض بالنيابة العامة على البائع الذي توارى عن الأنظار وألغى رقم جواله. ويوضح أحد أصحاب المكاتب العقارية أنه سمع عن حالات نصب يقوم بها بعض المروجين عبر الفيس بوك لبيع منازل ليست لهم وأصحابها خارج البلد، حيث يتم عرضها بأسعار مغرية جداً؛ مما يدفع الزبائن للتسابق على شراء ودفع مقدمة من ثمن المنزل، ثم يكتشفون أنهم وقعوا ضحايا عملية نصب واحتيال.
رقم منزل
وتقول إحدى السيدات إنها تواصلت مع رقم مكتوب تحت منشور لمحل بيع أثاث منزلي، ليتبين أن الرقم لأحد المنازل، وعند التواصل على رقم الجوال كان خارج التغطية، ليوضح أحد المتابعين لهذه الصفحات أن بعد أي عملية نصب أو احتيال يقوم هؤلاء بإلغاء أرقامهم وبيع أرقام هواتفهم الأرضية.
شروط وعقوبة
مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور حسام نصرالله أكد موضوع التسويق يخضع لقانون ناظم في الوزارة وفق مواد و لائحة تنفيذية للضوابط والنواظم الخاصة بحماية المستهلك الإلكتروني تضمن الحقوق للجميع،مشيراً إلى ضرورة توفر شروط تحدد كيفية التسويق في مواد معينة توضح كيفية منح التراخيص.
وشدد نصر الله على أهمية تقديم شكوى من المواطن الذي يتعرض لحالة نصب واحتيال، على أن تكون موثقة مع صور للصفحة والعرض والمنتج، وفوراً تتم متابعة الموضوع أصولاً وإحالته إلى القضاء، علماً أن الوزارة تلقت شكاوى نصب واحتيال إلكتروني عبر المواقع وصفحات التواصل، وتمت معالجة القضايا وإعادة الحقوق لأصحابها وذلك من خلال مقاضاة من يتم ضبطهم وتحويل الباقي إلى وزارة الداخلية لملاحقتهم عبر الجريمة الالكترونية وذلك من أجل المرتكبين.
وبدوره القاضي غسان البكار يعتبر أن من الصعوبة مراقبة صفحات الفيس بوك كونها بأعداد كبيرة ومجهولة المصدر في أغلبها، موضحاً أن عقوبة الجريمة الإلكترونية في القانون مضاعفة عن مثيلتها في الواقع.
وعول البكار على ثقافة الوعي لدى المواطنين، مع ضرورة الشكوى للحد من هذه الجرائم كونها بازدياد كبير مع هذا التطور الإلكتروني.
احتيال تربوي
ولم تقتصر حالات النصب والاحتيال على تسويق منتجات المكياج والألبسة والمنازل وغيرها، بل وصلت إلى القطاع التعليمي والتربوي وذلك من خلال نشر ملخصات وتوقعات امتحانية عن المقررات الدراسية؛ مما أربك الطلبة وخاصة قيام بعض الصفحات بنشر أسئلة قبل موعد الامتحان، حيث تؤكد هذه الصفحات أنها ستنشر أسئلة الامتحان، حيث أصبح الطالب يقلب قبل كل مادة عبر صفحات التواصل عن الأسئلة؛ مما يشتت ذهنه ويضيع أفكاره، لتشير الخبيرة التربوية راغدة محمود إلى أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في عرض الكثير من المعلومات التي قد تكون رديفاً إيجابياً وفائدة حقيقة للطالب، على ألا يصل الأمر إلى حالة من الإدمان التي تؤدي إلى القلق ونشر التوقعات وشائعات عن الأسئلة مما يشتت الذهن، لافتة إلى دور الأهل في التوعية وإبعاد أبنائهم عن الفيس بوك في فترة التحضير للامتحانات، والاعتماد على المنهاج كمرجع أساسي ولاسيما أن وزارة التربية أكدت أن الأسئلة ستأتي من المقرر حصراً.
وزارة التربية من خلال مديريتها المختصة أحالت أكثر من مدرس قام بنشر ملخصات عن المقررات إلى الرقابة كونه يخالف التعليمات الوزارية، لاسيما أن الغرض الأساسي من المناهج المطورة كشف مهارات الطالب من خلال التفكير والتحليل لا الحفظ والتلقين.
امتهان التسول
التسويق الالكتروني لم يكتف بمنحى واحد أو اثنين بل بدأت بعض صفحات التواصل بامتهان التسول “الفيس بوكي” من خلال نشر صور مؤثرة وكلام يثير الشفقة ويحرك المشاعر الإنسانية لا أحد يعلم مصداقيتها من زيفها.
ويعتبر متابعون أن هناك من اتخذها مهنة مربحة لا تتطلب جهداً، ويجني منها تبرعات وافرة، ولاسيما أن الناشر يصعب معرفة اسمه الحقيقي ومكان إقامته أو مكانته الاجتماعية، لافتين إلى ضياع المحتاج الحقيقي بالمزيف والمحتال. ويؤكد خبراء على أهمية دور الأسرة بالتوعية مع مؤسسات المجتمع الأهلي من جمعيات ومؤسسات خيرية بأن يكون توجه التبرع إلى جهات رسمية معتمدة مستحقة بالفعل.
حيطة وحذر
ختام الكلام.. رغم أن صفحات التواصل الاجتماعي ومع أهميتها في ظل التطور المعرفي وإيصال المعلومة بالسرعة الكلية والترويج الحقيقي والمفيد، إلا أنه بالمقابل خطورتها كبيرة؛ فهي سلاح ذو حدين لابد من أخذ الحيطة والوعي.