أرمن حلب … يُحيون الذكرى الثامنة بعد المائة لـ”الإبادة الجماعية”
حلب – معن الغادري
أحيت الطائفة الأرمنية الذكرى الثامنة بعد المائة للإبادة الجماعية التي ارتكبها العثمانيون بحق الشعب الأرمني خلال القرن الماضي والتي ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون شخص.
وبهذه المناسبة انطلق مساء اليوم من أمام الثانوية الخاصة في حي الميدان بحلب مسير لشباب وشابات من الطائفة، يحملون الشموع والشعلات المضيئة، وصولاً إلى المقابر الأرمنية، وذلك بمشاركة رؤساء الطوائف، ومستشار السفير الأرميني في دمشق، والفعاليات والجمعيات والنوادي الثقافية والرياضية الأرمنية.
كذلك أُقيم قداس إلهي في كنيسة بيت إيل، وتحدث خلاله رؤساء الطوائف في عظاتهم عن الجريمة الإنسانية التي نفّذها المجرم العثماني بحق الشعب الأرمني، وما ارتكبه من إبادة جماعية وتهجير لهذا الشعب، مشيرين إلى أنه سيواصل كفاحه ونضاله مهما طالت السنين من أجل استعادة حقوقه كاملةً.
وتتواصل يوم غدٍ الإثنين فعاليات إحياء ذكرى شهداء “الإبادة الأرمنية”، بإطلاق حملة تبرع بالدم في صالة كنيسة السيدة العذراء في منطقة الفيلات، يليها إقامة قداس إلهي في كنيسة المقبرة، ومن ثم التوجه إلى زيارة المقبرة لوضع أكاليل الزهور على النصب التذكارية لشهداء الإبادة الأرمنية.
وبيّن المطران ماكار أشكاريان، رئيس طائفة الأرمن الأرثوذكس في حلب، أن إحياء هذه المناسبة يذكرنا بجميع الشهداء وليس فقط شهداء الأرمن الذين استشهدوا في 24 نيسان عام 1915، حيث يذكرنا بجميع شهداء سورية، ولنا كل الفخر والاعتزاز بما قدموه من بطولاتٍ وتضحيات دفاعاً عن الوطن ضدّ الإرهاب خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى أن ذكرى شهداء الأرمن مناسبة مؤلمة، لكنها تمنحنا الثقة والأمل بمستقبل أفضل، وتكسبنا العزيمة والإصرار لنكون يداً واحدة، صامدين في وجه الغزاة والإرهابيين وكل قوى الشر في العالم، ومؤكداً أن سورية ستبقى عصية منيعة وعزيزة شامخة.
من جانبه أشار القس هاروتيون سليميان، رئيس طائفة الأرمن البروتستانت في سورية، إلى أن الجريمة التي ارتكبها العثمانيون بحق الشعب الأرمني هي من أبشع وأخطر الجرائم في تاريخ البشرية، ووصمة عار على جبين الإنسانية؛ إذ هدفت لإبادة أمة بأكملها ومحو تراثها وحضارتها، وجاءت نتيجة النزعة الطورانية وسعيها لإقامة إمبراطورية عثمانية من الأناضول إلى أقاصي آسيا شرقاً، مؤكداً أن مرور كل تلك السنوات لا يعفي تركيا كوريثة ل “السلطنة العثمانية” من مسؤولياتها التاريخية وتبعاتها الأخلاقية والمادية، ومنوهاً بأن الشعب الأرمني في كل بقاع العالم سيواصل كفاحه ونضاله حتى استعادة حقوقه.
من ناحيته، أكد المطران بطرس مارياني، رئيس طائفة الأرمن الكاثوليك بحلب، أن إحياء هذه المناسبة هو بمثابة رسالة للعالم أجمع مفادها أننا لن ننسى هذه الجريمة الوحشية التي أقدم عليها العثمانيون بحق شعبنا الأرمني، ولنؤكد أيضاً أن سورية ستبقى واحدة موحدة عصية على كل الأعداء، وأنها ستبقى الحضن الدافئ والأرض الطيبة المعطاءة والمباركة التي احتضنت أجدادنا الهاربين من القتل على يد العثمانيين.
وأشار عدد كبير من أبناء الطائفة إلى أن التاريخ لن ينسى بشاعة ما ارتكبه العثمانيون بحق الشعب الأرمني من جرائم وقتل وإبادة جماعية، وأن القضية الأرمنية لا بد لها أن تنتصر مهما حاول النظام التركي اليوم طمس الحقائق وعدم الإعتراف بالإبادة، مؤكدين أن هذه المناسبة ستبقى حاضرة في قلوب ووجدان الشعب الأرمني وفي قلوب كل الشعوب الحرة والأبنية في العالم.
كذلك أشاروا إلى أن إحياء هذه الذكرى تأكيدٌ على أن الشعب الأرمني لن يتنازل عن قضيته وسيدافع عن حقوق آبائه وأجداده ضدّ المجرم والقاتل العثماني، مضيفين بأن تنفيذ حملة التبرع بالدم في هذه المناسبة لها رمزية ودلالة ومعنى عميق؛ إذ تؤكد وحدة الشعب السوري بكل مكوناته التي امتزجت دماءها دفاعاً عن قداسة هذه الأرض الطاهرة التي ستبقى منارة للمحبة والسلام والإخاء، وقبلة الحضارات والإنسانية.
ونوهو الحضور بأن النظام التركي اليوم ومن خلال إجرامه المتكرر واعتداءاته على الداخل السوري واحتلاله لمناطق في سورية، إنما يعيد للأذهان جرائم أجداده القتلة العثمانيين، ولكن مشروع “إمبراطوريتهم” المشؤومة سيفشل وسيتحطم بفضل صمود الشعب السوري بكل أطيافه، وسيرتد إلى أعقابه عاجلاً أم آجلاً، مجددين مطالبتهم جميع الدول بالاعتراف بالإبادة الجماعية، والضغط على النظام التركي للاعتراف، ومشيرين إلى أن هناك العديد من الملفات والنشاطات التي يتم إعدادها من قبل الجاليات الأرمنية في العالم لمطالبة هذا النظام بتعويضات عن كل ما خسره الأرمن، كما دعوا الأمم المتحدة والعالم والمنظمات الدولية الإنسانية إلى ممارسة الضغوط على النظام التركي، موضحين أن الأرمن لهم حقوق مسلوبة منذ قرن من الزمن، بما فيها الأقارب والممتلكات، وهي مطالب منوط بتركيا تنفيذها للتصالح مع الشعب الأرمني.