دراساتصحيفة البعث

بين المظاهرات وسياسات الفصل العنصري

عناية ناصر

يحتجّ آلاف الإسرائيليين على جهود الحكومة الائتلافية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإصلاح النظام القضائي في البلاد، بما في ذلك تسهيل بقاء رؤساء الوزراء المدانين في مناصبهم. وكانت بداية اندلاع الاحتجاجات على مستوى البلاد عندما قدّم نتنياهو الذي كان يواجه ثلاث تهم فساد ضده في تشرين الثاني 2019، تشريعاً لتغيير النظام القضائي في “إسرائيل”، لكن الأمر المثير للسخرية هو رؤية “إسرائيل” قلقة للغاية بشأن نظام قضائي فاسد بالفعل، ويطبق معايير مختلفة للعدالة لليهود مقابل اللا عدالة تجاه الفلسطينيين داخل “إسرائيل” والرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي.

هناك الكثير من الأدلة التي تثبت ممارسة “إسرائيل” لسياسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، وضد أولئك الذين يعيشون في ظل احتلال عسكري إسرائيلي وحشي، حيث جاءت أقوى لائحة إدانة واتهام لسياسات “إسرائيل” من  قبل منظمة العفو الدولية. لا يمكن للدول التي تدّعي أنها “ديمقراطيات” أن تتجاهل منظمة العفو الدولية، فالديمقراطية الحقيقية يجب أن تلتزم بسيادة القانون، والتي هي من أساس صلاحيات، ليس فقط منظمة العفو الدولية، ولكن أيضاً من صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية، التي تقاضي جرائم الحرب.

قبل أكثر من عام تقريباً، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً لاذعاً عن وحشية “إسرائيل” وقمعها الذي تحركه أولاً وقبل كلّ شيء العنصرية ضد غير اليهود، وخاصة الفلسطينيين. وكان التقرير حول ممارسات الفصل العنصري الإسرائيلية الصادر في شباط 2022 شاملاً لدرجة أنه كان من المستحيل على أي شخص في “إسرائيل” رفض نتائجه.

كما أصدرت منظمة العفو مؤخراً تقريراً لاذعاً آخر خلص إلى أن الاتحاد الأوروبي، الذي يدّعي أعضاؤه أيضاً أنهم ديمقراطيات، فشل في الالتزام بالمبدأ الأساسي للديمقراطية من خلال فشله في إدانة سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية. ويكرّر التقرير الأخير الأساس الجوهري لانتهاكات الفصل العنصري للقانون الدولي قائلاً: “إن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعرّف الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية، ويتميز بارتكاب أعمال غير إنسانية، مثل القتل غير المشروع والتعذيب والترحيل القسري، ويلتزم بالحفاظ على نظام مؤسّسي للقمع المنهجي والسيطرة من قبل مجموعة عرقية على أخرى”.

احتج الإسرائيليون على محاولات نتنياهو لتقويض حكم القانون هناك، لكن هذه الاحتجاجات لن تعني شيئاً إذا فشلت في الوقوف ضد انتهاكات سيادة القانون التي تمّ تنفيذها بالفعل من قبل حكومة الكيان الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك لن يختفي شجب الفصل العنصري، فضحايا جرائم السياسة الإسرائيلية، وسياسات الفصل العنصري الإسرائيلية التي تستمر وتمارس كلّ يوم في المدن والقرى الفلسطينية، ستحدّدها إلى الأبد على أنها كيان يتبنى الوحشية العنصرية.