أخطاء العاملين بالهلال الأحمر أبعدت أكثر من 7آلاف أسرة فقيرة من الإعانات
البعث الأسبوعية – محمد غالب حسين
شعر أبناء محافظة القنيطرة بالإحباط الكبير، والاستياء العارم بعد استبعاد سبعة آلاف أسرة، وهناك من يقول ثمانية آلاف من الإعانات الغذائية التي يقدمها فرع الهلال الأحمر بالقنيطرة عبر برنامج الغذاء العالمي.
وجاء الاستبعاد نتيجة أخطاء العاملين بفرع الهلال الأحمر الذين نفذوا استبياناً عملياً، وزاروا منازل المستفيدين، واجتمعوا مع كل أفراد الأسرة المستفيدة منذ سنتين تقريباً. وبعد تحليل معطيات الاستبيان ومعلوماته وتفريغ بيانات المستفيدين وبرمجتها ومعالجتها وأتمتها وتقييم كل أسرة، تمّ الاستبعاد استناداً لذلك الاستبيان الذي لم ينجزه عاملو فرع الهلال الأحمر بالقنيطرة بدقة ومصداقية، لذلك ظلموا أصحاب الحاجة الحقيقية عندما تمّ استبعاد مواطنين مهجرين ويسكنون بمنازل مستأجرة، ولا يوجد من يعيل أسرهم ناهيك عن استبعاد الأرامل المهجرات والأسر الأشدّ حاجة وفقراً.
رئيس فرع الهلال الأحمر بالقنيطرة الدكتور جمعة حسن عبّر عن تعاطفه مع المواطنين المستبعدين خاصة الذين هم بأمس الحاجة للإعانة الغذائية، نافياً أي مسؤولية لفرع الهلال بالقنيطرة، لأن الاستبعاد جاء بعد استبيان عملي نفّذه العاملون بفرع الهلال، داعياً المستبعدين للاعتراض على استبعادهم عبر فرع الهلال الأحمر.
واسطة ومحسوبيات
بات واضحاً من خلال قراءة الواقع الاجتماعي والاقتصادي لكثير من الأسر المستبعدة، أن عاملي فرع الهلال الأحمر الذين تمّ قبولهم تحت مسمى المتطوعين عبر الوساطات والشفاعات والمحسوبيات وأشياء أخرى، يفتقرون للخبرة والمنهجية والمصداقية التي تؤهلهم لتنفيذ استبيانات علمية عملية تتعلق باستحقاق المواطنين للإعانات الغذائية. وهذا ما يُفسّر استبعاد أسر مهجرة لها الأولوية والأفضلية ناهيك عن استبعاد الأرامل والأسر الأشد فقراً.
فعاملو الهلال الأحمر لم يفرقوا بين مصطلحات المهجّر والمقيم والمتضرر والأسرة الفقيرة والأشد فقراً، ولم يراعوا الوضع المادي لأعضاء الأسرة، لذلك وقعوا في أخطاء لا تغتفر، وحرموا الأسر المهجرة والأسر الأشد فقراً بينما منحوا الإعانات لأسر لا تستحقها أبداً، فهي ليست مهجرة، وتقيم بمنازلها، وتمتلك مصادر رزق كافية إن لم نقل تمتلك الغنى والبذخ.
لذلك يقوم عشرات المستفيدين من المساعدات الإغاثية من فرع الهلال الأحمر بالقنيطرة ببيع الإعانات أمام مركز التوزيع بمدينة البعث، مفتتحين سوقاً تنزّ منها روائح اللامبالاة والعبث بالدور الإنساني لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري والذي أساء له فرع الهلال بالقنيطرة عندما استحكمت المحسوبية والمزاجية بعمله خاصة بتصنيف فئات المستفيدين من الإعانات الإغاثية، فاستفادت كثير من الأسر التي لا تستحق الإعانات بينما استبعدت الأسر الأشد فقراً والتي هي بأمس الحاجة للإعانات، لذلك يبادر المستفيدون غير المحتاجين ببيع إعاناتهم دون خوف أو رادع أو حياء، ويغضّ أعضاء مجلس إدارة فرع الهلال الأحمر أبصارهم عن ذلك غير عابئين بالمشهد المنفر، لأنهم أي المعنيون بالهلال الأحمر يَدّعون أنهم غير مسؤولين عن منع هذه الظاهرة التي صاغتها تجاوزاتهم ومحاباتهم، وعدم التزامهم بمعايير منح الإعانة الإغاثية.
خلل ومزاجية
ولتقصّي واقع العمل في فرع الهلال الأحمر زرت مركز التوزيع في مدينة البعث، والتقيت المواطنة (ص .ح ) التي تحدثت عن الخلل بتقييم الأسر المستفيدة من الإعانات وتصنيفها الذي اتسم بالمزاجية والمحسوبية، فهناك أسر فقيرة جداً بل مدقعة الفقر تمً استثناؤها واستبعادها بينما استفادت بعض الأسر التي لا تستحق المساعدة أصلاً، وأثنى على كلامها المواطن (م ع) الذي ذكر أن هناك مهندساً، زوجته مدرِّسة وأبناؤه موظفون من الفئة الأولى بمديريات محافظة القنيطرة، ومع ذلك يحصل على إعانة كل شهر، وهو لا يستحقها بكل المعايير التي لا يتقيد بها فرع الهلال الأحمر، واستبعدوا كثيراً من المهجرين والأرامل والفقراء. والأمثلة في هذا المجال كثيرة كثيرة.
وقال (ح ص): إن عاملي فرع الهلال الأحمر الذين زاروا منازل المواطنين قد تلاعبوا بالمعلومات الصحيحة الدقيقة لكل أسرة حيث كتبوا المُهجرين مقيمين، وغفلوا عن الإشارة إلى بعض الأرامل والمطلقات اللواتي يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن، وأطلقوا العنان لخيالهم في تقييمات عشوائية، ليستريحوا من عناء زيارة الأسر وتقييمها، لذلك جاءت النتائج غريبة عجيبة، لا تطابق الواقع المعاشي الحقيقي حيث تمّ استبعاد حوالي (35000) مواطن من المحافظة إذا اعتبرنا متوسط عدد سكان الأسرة بالمحافظة خمسة أفراد فقط.
أما الشاب (س أ ) فأشار أنه حاول جاهداً التطوع بفرع الهلال الأحمر، لكنه قوبل بالرفض مراراً، لأن أغلب المتطوعين من أولاد وأقارب ومعارف أعضاء مجلس الإدارة، ليضمنوا التستر على أي تجاوزت استناداً لرأي المواطن.
بخفي حنين
وقد قام مئات المواطنين المستبعدين من الإعانات الغذائية للهلال الأحمر بمراجعة منظمة الهلال الأحمر، لكنهم عادوا بخفي حنين، ولم يتم استقبالهم أبداً أو سماع شكواهم بعد أن دفعوا أكثر من عشرة آلاف للوصول لمقر المنظمة بدمشق، لأن مراجعة أي عامل بالمنظمة – كما ذكرت عاملة الاستعلامات – تتم استناداً لموعد مسبق. والسؤال الذي يطرح نفسه : أين يذهب المستبعدون من دعم الهلال الأحمر بأخطاء العاملين بالهلال؟ وماهو ذنبهم ؟ ولمن يشتكون بعد أن أغلقت الأبواب بوجوههم ؟. وكان الجواب: راجعوا فرع القنيطرة للهلال الأحمر، وقدموا اعتراضاتكم هناك. وقد اعترضت كثير من الأسر بفرع الهلال الأحمر مع أنهم يقولون: إن اعتراضاتهم لن تقدم، ولن تؤخر، ولن تجديهم نفعاً.
كما أن محافظ القنيطرة المهندس معتز أبو النصر جمران خلال لقائه وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر طلب إعادة تقييم احتياجات الأسر من الإعانات الغذائية لإزالة الظلم الذي وقع على بعض الشرائح بعد التقييم السابق، لافتاً أن المحافظة على استعداد لمساعدة فرع الهلال الأحمر في القنيطرة بإعادة التقييم، وإيصال المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين، متمنياً استمرار اللجنة الدولية بدعم مشاريع سبل العيش للمواطنين بإعتبار المحافظة ذات طبيعة خاصة منذ الاحتلال الصهيوني لجزء من الجولان عام 1967م، إضافة لقلة جبهات العمل في المحافظة، وظروف الغلاء بمستلزمات وأدوات الإنتاج والمحروقات.
غياب الأتمتة
وقد شدّد محافظ القنيطرة المهندس معتز أبو النصر جمران خلال اجتماع لجنة الإغاثة الفرعية مؤخراً على ضرورة تنسيق العمل بين الجهات التي تقدّم الإعانات الإغاثية للمواطنين المهجرين والأسر الأشدّ فقراً، لأن غياب الأتمتة والتنسيق بين الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية وفرع الهلال الأحمر العربي السوري بالقنيطرة، يفتح الباب على مصراعيه للتلاعب والمحاباة، ويؤدي لاستفادة من لا يستحق من هذه الإعانات، ناهيك عن غياب بعضها، والاتجار بها، وحرمان أصحاب الحاجة الحقيقية منها.
وطالب المحافظ بضرورة تنسيق الجمعيات الأهلية مع مديرية الشؤون الاجتماعية في تسيير جميع الأعمال المتصلة بالعمل الإغاثي والإنساني لمنع الازدواجية في توزيع المواد الإغاثية والمنح الزراعية، والعدالة في توزيع المعونات وفق روائز دقيقة، بعيداً عن المحاباة وإيصالها لمحتاجيها الحقيقيين عبر قاعدة بيانات تبدأ من الأسر الأشد احتياجاً.
تحذير مسؤول
و حذّر جمران من غياب التنسيق مع لجنة الإغاثة الفرعية، مطالباً بعدم توزيع المساعدات إلا عن طريق اللجنة لمنع الازدواجية، مؤكداً على أهمية العمل المشترك بين الجمعيات والتشبيك مع المنظمات الدولية بالتنسيق مع المحافظة، مشيراً لأهمية اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتطوير العمل وتحسين الأداء وتسيير أمور المواطنين ، علماً أن الجهات المعنية في المحافظة جاهزة لتقديم كل التسهيلات اللازمة لتحسين الواقع الإغاثي.