أخبارصحيفة البعث

 الدولار “أكبر إرهاب مالي”

تقرير إخباري:

تصريحٌ ما كان ليخرج من أيّ اقتصادي في العالم بغض النظر عن مدى قوّة الدولة التي ينتمي إليها، لولا أن صورة الولايات المتحدة قد تهشّمت بشكل واضح، حيث صار ممكناً الحديث عن انهيار الدولار في أيّ وقت بالنظر إلى ما يحدث في العالم الآن من زيادة الإحجام عن استخدامه في التعاملات المالية بين كبريات الاقتصادات، وخاصة في آسيا، حيث إن استدارة الهند والصين إلى التعامل بالعملات المحلية في معاملاتهما التجارية قد تُفضي إلى تقليص نسبة التعامل بالدولار في العالم، وخاصة أن الدولتين تملكان احتياطياتٍ هائلة من الذهب والعملة الصعبة، وتتحكّمان بنصيب وافر من حجم التجارة العالمية، كما أنهما عضوان أساسيان في مجموعة بريكس التي تضمّ بالإضافة إليهما كلاً من البرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا، وهذه المجموعة وضعت على عاتقها تحويل التعاملات التجارية البينية فيما بينها من الدولار إلى العملات المحلية للتخلّص من هيمنة الولايات المتحدة على الأسواق العالمية عبر استخدام الدولار وسيلة للضغط على الجميع.

فقد انتقد عدي كوتاك، أغنى مصرفي في آسيا والرئيس التنفيذي لبنك كوتاك ماهيندرا، أحد أكبر البنوك الهندية، عملة الدولار، ووصف العملة الأمريكية بأنها “أكبر إرهاب مالي في العالم”.

وقال كوتاك خلال حدث محلي في نيودلهي: “أعتقد بصدق أن أكبر إرهاب مالي في العالم هو الدولار الأمريكي.. جميع أموالنا في الحسابات المصرفية ويمكن لأي شخص في الولايات المتحدة أن يقول إنه لن يكون بمقدورك سحب أموالك من صباح الغد”.

الاقتصادي الهندي الكبير شدّد على أن العالم الآن “يبحث بشدة عن عملة احتياطية بديلة”، مشيراً إلى أن الوقت قد حان بالنسبة للهند لجعل الروبية مثل هذه العملة الاحتياطية، ومؤكّداً “أن أوروبا لا تستطيع صنع عملتها الاحتياطية لأنها جمعية للدول الأوروبية، وأن بريطانيا أو اليابان لن تكون لديهما الشجاعة لاتخاذ هذا الموقف، على الرغم من أن الجنيه البريطاني والين كلاهما عملات حرّة”.

ولكنه لفت في الوقت ذاته إلى أن “الصين لديها مشكلة ثقة خطيرة مع العديد من الدول في جميع أنحاء العالم”، وبالتالي فإن الهند يمكن أن تكون مؤهّلة لمثل هذا الأمر، ومن أجل إنشاء عملة احتياط عالمية، يجب على الهند أن تقطع شوطاً طويلاً وأن تبني مؤسساتٍ قوية، كما يجب أن تخلق هيكلاً لا يعتمد على أهواء أي شخص ويجب أن تكون الآليات موثوقة.

وأيّاً يكن من أمر هذا الحديث، فإنه يشير بوضوح تام إلى أن هناك توجّهاً لدى كبار رؤوس الأموال في آسيا للتخلّص من سيطرة الدولار على التعاملات المالية، وذلك لأن الإرهاب المالي الذي تمارسه واشنطن انطلاقاً من هيمنة الدولار بات يشكّل مصدر قلق مستمرّاً لدى جميع الفعاليات الاقتصادية، الأمر الذي يفرض الانتقال إلى احتياطي آخر من العملات أو إلى سلّة عملات متنوّعة لا يكون للدولار فيها دور المهيمن، وتشكّل ملاذاً آمناً للجميع.

طلال ياسر الزعبي