رغم وفرة الإنتاج.. خسارة الفلاحين تهدد مصير المحصول فهل يتكرر سيناريو البصل بموسم الثوم؟
دمشق – ريم ربيع
يبدو أن محصول الثوم لهذا الموسم يواجه سيناريو مشابه لما حدث من فوضى تسببت بأزمة بصل رفعت سعر الكيلوغرام منه لـ15 ألف ليرة، واضطرت الحكومة لاستيراده “على غفلة”، حيث بدأت الخطوة الأولى من الأزمة بإنتاج جيد وسعر زهيد للفلاح ومرتفع في الأسواق، مما يهدد باضطرار الفلاحين -كما كل المواسم- لترك المحصول ليفسد بالأرض توفيراً لأجور قلعه وتعبئته التي سيدفع ثمنها الفلاح بمفرده.
يبيع الفلاحون كيلو الثوم اليوم بسعر يتراوح بين 200-500 ليرة في مناطق مصياف وسهل الغاب، فيما يصل إلى الأسواق بأسعار أقلها 3000 ليرة، لتتجاوز في بعض المناطق 5000 ليرة، وسط وفرة في العرض وانخفاض في الطلب، مما يهدد بمصير بقية الموسم إن حصل كساد في الكميات المطروحة حالياً.
الخبير التنموي أكرم عفيف اعتبر أن غياب الرؤية الواضحة تعرّض كل المواسم للأزمة ذاتها، ودائماً الخاسر هو الفلاح، فرغم تكلفة كيلو الثوم التي تقارب 3500 ليرة، يضطر الفلاح لبيعه من الأرض بـ500 ليرة، وهو سعر لا يعوض حتى أجور القلع والتوصيل، لذلك رأى الكثيرون أن ترك المحصول بالأرض أوفر لهم من التكلف بمصاريف إضافية لن يعوضها أحد عليهم، مضيفاً أن الثوم حالياً ليس من النوع القابل للتخزين، فالكميات التي لا تصرف منه بسرعة معرضة للتلف، ومع ذلك لم نر أي إجراء لتصريف الموسم وتسويقه.
وتساءل عفيف أين دور السورية للتجارة من دعم الفلاح والمستهلك بأسعار عادلة، ففي وقت يبيع فيه الفلاح الكيلو بـ500 ليرة، هناك من يشتري رأس الثوم الواحد المخزن من العام الماضي لدى التجار بـ1000 ليرة، مبيناً أننا قد نصل لمرحلة لا نجد كيلو ثوم واحد في الأسواق إن استمر الفلاح بالخسارة.
وفيما تتكرر أزمات معظم المحاصيل الزراعية عاماً تلو الآخر دون إيجاد حل لتجنبها رغم فائض الإنتاج أحياناً، رأى عفيف أن المشكلة ليست تخطيط أو تسويق فقط، بل لدينا قصور بإدارة الوفرة والموارد، ولا يتم التعامل مع الإنتاج وفق أسس واضحة مسبقاً، فمثلاً لا يعرف الفلاحون اليوم هل سيبقى السعر على حاله، أم أنه سيتجاوز 10 آلاف ليرة كما البصل، وبالتالي يتردد معظمهم بكيفية تصريف المحصول، مضيفاً أنه يجب الحصول على قاعدة بيانات شاملة بالإنتاج لهذا العام، وهو أمر يمكن تحقيقه خلال 24 ساعة عن طريق وحدات الإرشاد الزراعي المتواجدة في كل الأرياف والمناطق، ومن ثم ثم معرفة الحاجة المحلية منه، واستجرار السورية للتجارة بأسعار مناسبة تحافظ على استقرار السعر بالسوق، يليها التصرف بالفائض سواء بالتصدير أو بالتخزين.
من جهته، الخبير في الإنتاج الزراعي المهندس عبد الرحمن قرنفلة طمأن لناحية الإنتاج، حيث يوجد موسم جيد، كما أن تجار سوق الهال الذين يمولون تكاليف الزراعة للفلاحين، أكدوا أنهم تعاقدوا مع عدد كبير من الفلاحين لهذا الموسم، فلا قلق على الإنتاج، أما بالنسبة للسعر واسترداد الفلاح لرأس ماله، فالأمر مرهون بالعرض والطلب، مشجعاً لفتح باب التصدير إلى العراق حتى لا يبقى فائض، ويتشجع الفلاح لزراعة المواسم اللاحقة، حيث يحسن التصدير من الأسعار المقدمة للفلاحين.
وأوضح قرنفلة أن مشكلة الزراعة هي بغياب الإحصاءات والبيانات الدقيقة، فكل العمل تنبؤي، كما أنه لا يوجد التزام بالخطط الزراعية، لذلك يصعب التخطيط لمصير أي محصول.