سوق العمل.. اختلاف في المفاهيم لدى الشباب وابتعاد عن الاحترافية في الأداء
دمشق – البعث
لم تتوانَ الباحثة الاجتماعية هدى الحمد في التأكيد على أن مفهوم الشباب عن العمل اليوم هو مفهوم بسيط وليس احترافياً، فمثلاً خريج التاريخ الذي يتطلع للعمل في قطاع التعليم ينبغي أن يطور مهارات أخرى في التواصل مع الطلاب وطرق تلقينهم المعلومات، وللأسف لا يسعى لذلك، وهذا ما يبقيه بعيداً عن الاحترافية ومعرفة آليات العمل وتفاصيلها، هذا عدا عن المعادلة التفاضلية بين العمل في القطاع العام والخاص، حيث ترجح الكفة إلى الوظيفة العامة لاعتبارات عديدة عند الشباب الباحث عن فرصة عمل.
ومن الواقع الوظيفي تبرز حقيقة أن السواد الأعظم من الشباب ما زال محافظاً على النظرة التقليدية للوظيفية والتطلع للعمل في القطاع الحكومي، مدعمين إجاباتهم بالكثير من الأسباب المقنعة والمنطقية التي تفسّر انتظارهم للمسابقات العامة والفرص القليلة التي قد يحصلون عليها، حيث يؤكدون أن بقاءهم دون عمل أفضل كثيراً بالنسبة إليهم من الوقوع تحت رحمة أرباب العمل الخاص ومزاجهم المتقلب الذي يمكن أن ينتهي بهم بالفصل في أي لحظة، وأشاروا إلى أن الأجور المرتفعة التي يتحدث البعض عنها في القطاع الخاص ما هي إلا مرآة خادعة لحقيقة مفادها أن أي أجر تحصل عليه يجب أن تعمل بأضعافه، هذا إلى جانب تهرب أرباب العمل في القطاع الخاص من تسجيل موظفيهم في التأمينات وتوفير الكثير من الحقوق لهم رغم وجود القوانين التي تحميهم.
وفي المقابل إجابات غير تقليدية لفتيات اخترن العمل في القطاع الخاص، إذ أكدن أن الوظيفة العامة لا تعنيهن كثيراً ولن يتطلعن إطلاقاً للحصول على فرصة عمل في قطاع يقتل الطموح ويضعف العزيمة وينهي مسيرة التطور بالنسبة للشباب، على حدّ قولهن، ثم يتحدثن عن الأجور التي أصبحت منخفضة جداً في تلك الوظائف ولا تتناسب اليوم مع الواقع المعيشي.
بالمحصلة عدم وجود إحصائيات ومؤشرات رقمية عن القوى العاملة تساعد أصحاب القرار على اتخاذ سياسات أو توجهات معينة على المدى القريب أو المتوسط لمعرفة احتياجات البلد من الاختصاصات المختلفة (مهندس- طبيب– محامي– صحفي) لربط هذه المكونات بالحاجة الفعلية لها في سوق العمل بدلاً من حدوث العطالة التي نجدها اليوم في الكثير من الاختصاصات تفيد القطاع العام والخاص على حدّ سواء، وتدعم صنّاع القرار أيضاً وتقديم بيانات تسهم بالمواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وهذه الحلقة جداً مهمة، ففي المرحلة المثالية التي نتطلع إليها يجب التشبيك أيضاً مع المؤسسات التعليمية بحيث تكون المفاضلات الجامعية على أساس حاجة سوق العمل الفعلية وقدرتنا على التوظيف، بحيث لا يكون هناك انزياحات كبيرة بين المطلوب والمتوفر ومواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل من أهم الاستراتيجيات التي لازالت إلى الآن بعيدة عن التنفيذ!.