جلسة “مصارحة” وأخرى توضيحية في اليوم العلمي الأوّل لكلية الآداب
نجوى صليبه
انطلقت أمس فعاليات مؤتمر “اليوم العلمي الأوّل لكلية الآداب والعلوم الإنسانية”، وذلك بمناسبة الذّكرى المئوية لتأسيس جامعة دمشق.
وفي كلمتها، بيّنت ممثل رئيس جامعة دمشق، الدكتورة ميساء السّيوفي، نائب رئيس الجامعة للشّؤون العلمية، أنّ انعقاد هذه الفعالية الغنية بمحاورها وبالتّعاون مع جهات حكومية ووطنية يؤكّد الأهمية التي توليها جامعة دمشق وكليّاتها لإعداد الكفاءات العلمية وتعزيز البحث العلمي وربط الأبحاث العلمية بحاجات المجتمع، مضيفةً إن النّشاطات العلمية التي تنظّمها كليات الجامعة في الذّكرى المئوية الأولى لتأسيسها تعطي هذه المئوية طابعها العلمي المميز، ما يعكس التّطور العلمي السّريع الذي تشهده الجامعة حالياً.
بدوره، قال الدّكتور عدنان مسلم عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، إن جامعة دمشق تكرّس ما نسمّيه “التّعزيز الإيجابي لرأس المال الاجتماعي”، ولكي نعزّز الجانب المؤسسي بشكله الإيجابي كانت هذه المبادرة بالتعاون مع اتّحاد الكتّاب العرب واتّحاد النّاشرين السّوريين واتّحاد الحرفيين، مؤكّداً إن مكانة جامعة دمشق موجودة عربياً وعالمياً، لكن ظروف الحرب جعلتنا نغيب قليلاً عن النشّاطات الإقليمية والدّولية.
وتتمثّل مشاركة اتّحاد الكتّاب العرب في هذه الفعالية بمعرض متنوّع للكتاب وبدع طلّاب الماجستير، حيث يوضّح الشّاعر توفيق أحمد نائب رئيس الاتّحاد إن الاتحاد سيتكفل وعلى الرّغم من ظروفه الخاصّة بطباعة رسائل ماجستير الطّلاب المتفوّقين، إضافةً إلى منحهم مكافأة مالية.
وعلى هامش الفعالية، يقام معرض متخصص في الخزفيات والزّجاجيات والأخشاب، وهي حرف ترتبط بتخصصات علمية موجودة في كلية الآداب كالآثار والتّاريخ، ويشير نائب رئيس الاتّحاد العام للحرفيين موسى الموسى إلى أنّ هذه المشاركة هي الرّابعة للاتّحاد مع كلية الآداب، ويضيف: جاءت مشاركتنا من خلال حرفتين أساسيتين هما صناعة الخشب والنحاسيات، بهدف التّرويج لمنتجات الحرف التّراثية التي تعدّ الهوية الثّقافية لسورية وتوجيه رسالة إلى جيل الشّباب بضرورة المحافظة على حضارة وتراث بلدهم.
وتتضمّن هذه الاحتفالية ندوات ثقافية وعلمية متنوّعة، وكانت أوّلها بعنوان “جامعة دمشق والبحث العلمي”، وخلالها قدّم الدّكتور منصور حديفي رئيس فرع جامعة دمشق في السويداء عرضاً سريعاً لمسيرة جامعة دمشق منذ تأسيسها وحتّى اليوم، يقول: هذه الجامعة من كبرى الجامعات الموجودة في سورية وأقدمها، وهي من كبريات الجامعات العربية التي اعتمدت ومنذ بداياتها اللغة العربية لغة تدريس.
وفي المحور الثّاني من هذه الجلسة وتحت عنوان “نحو توحيد الإجراءات والسّياسات المنهجية في جامعة دمشق”، أوضح الدّكتور عيسى العسافين بعض النّقاط حول كتيب الدّراسات العليا الصّادر في عام 2022 والمنشور والمعمم في الكليات، ويتضمن حياة الطّالب بمرحلة الدّراسات العليا من لحظة تسجيله إلى لحظة حصوله على الرّسالة أو الأطروحة، مبيناً أنّه في متناول اليد كنسخة إلكترونية ليكون مرجعاً مكتوباً ومعتمداً وموحّداً، مضيفاً: سمعنا خلال جلسات رسائل الماجستير والدّكتوراه اتّهامات موجّهة ضدّ الدّليل، واليوم بالدّليل العلمي والبحثي سنردّ عليها، نحن اليوم أمام ثنائية إجراءات موجودة في الكتيب، أمّا السياسات فموجودة في الإنتاج الفكري، وهناك خلط بين مفهومي السّياسات والإجراءات، لذلك يفضّل أن تكون الإجراءات مكتوبة لكي تكون سنداً ومرجعاً للمراحل الأخرى وإن تغيّرت الإدارات.
مشكلات كثيرة يعانيها البحث العلمي وجميعها وحسب الدّكتور العسافين مستوردة من العالم الآخر، ويذكر الدّكتور غيث ورقوزق مدير هيئة البحث العلمي والدّراسات العليا في جامعة دمشق بعضها، يقول: طلّاب الدّراسات العليا يخوضون غمار البحث العلمي، ولدينا أكثر من 17 ألف طالب دراسات في جامعة دمشق وبينهم طلّاب من جنسيات عربية وأجنبية، وللأسف كثير منهم يذهب إلى أساتذته ويأخذون منهم معلومات غير صحيحة أو غير محدّثة عن الدّراسات العليا، ليتفاجأ بعد عمله لشهور أنّ أغفل الكثير من الأساسيات، مضيفاً: وخلال جلسة النّطق بالحكم العلنية لا يتمّ الالتزام بالبروتوكولات المعروفة في هكذا جلسة وتليق بجامعة عريقة كجامعتنا، كالتزام الطّالب واللجنة بالوقت وباللباس المخصص لجلسة النّطق بالحكم، وإجراء الاتصالات الهاتفية والرّد عليها خلال الجلسة، وتبادل التّهاني والتّبريكات، مؤكّداً: هذه تفاصيل صغيرة وهناك أكبر منها لكن يجب التّقيّد فيها لنكون أكثر جدّية أمام الطّلاب والزّملاء والضّيوف.
وتحت عنوان “العلوم بين البدايات والاستثمار”، ركّز الدّكتور علي كنعان على العلاقة بين الاستثمار والبحث العلمي، مبيناً أنّ الاستثمار من أكثر المؤشّرات الاقتصادية أهميةً في دول العالم كلّها، وهو أوّل مؤشّر تناقشه الحكومات وتناقش إمكانية زيادته الدّخل وتشغيل العمالة، ومنوّهاً بالمتطلّبات التي لابدّ من توافرها من بنى تحتية وعمالة ورأس مال وتشجيع وذلك من خلال تسهيل الحصول على التّراخيص والتّأسيس وإقامة مراكز أبحاث وإعطائها أنظمة وقوانين تخصّها وخلق بيئة تشريعات مناسبة.
بدورها، أكّدت الدّكتورة نسرين قباني أنّ الإنتاجية العلمية للرّسائل والأطروحات من أهم مسؤوليات عضو الهيئة التّدريسية وأنّ هذا المفهوم يحدد من خلال وظائف الجامعة أي أنّها تشمل الأداء الأكاديمي كلّه وما يرتبط فيه من أداء بحثي وتدريسي وتوجيه طلاب وخدمة المجتمع، مضيفةً: تقاس الإنتاجية العلمية بثلاث طرق، الأولى: نوعية، والثّانية: كمية، وأمّا الثّالثة فتجمع بين الاثنتين، وللإنتاجية العلمية أثرها على تصنيف الجامعات، ومبينةً: “سكوبوس” هي قاعدة البيانات المعتمدة في النّشر الخارجي في جامعة دمشق.
وقدّمت قبّاني بعض النّصائح لزيادة الوصول إلى البحث العلمي المنشور، كالاستشهاد الذّاتي أي أن يستشهد الباحث بالبحوث التي يجريها، والاستشهاد بأبحاث وكتابات غيره، والاهتمام بالكلمات المفتاحية وبعنوان البحث، وبنشر معلومات عنه.
وعلى الرّغم من إيجابيات وضرورات تقنيات نشر البحث العلمي وانتشاره وبعض أساليب حمايته، نقرأ بين الفينة والأخرى حادثة سرقة أو انتحال أو استلال لبحث ما، ويوضّح الدّكتور قصي عجيب الفارق بين هذه التّسميات بالقول: الاقتباس هو النّقل من الآخرين بشكلٍ مباشر أو غير مباشر ومن المصادر الأصلية مع توثيقها، والانتحال الذي هو انتحال جمل من كتب ومن دون الإشارة إلى المصدر أو الكاتب الأصلي، أمّا الاستلال فهو أن يقوم الباحث بالانتحال أو السّطو العلمي على النتاج الفكري وسرقته بشكلٍ جزئي أو كلّي ونسبه إلى نفسه، وأمّا دوافعه فكثيرة منها: الأنانية وحبّ الشّهرة وضغط الوقت وقلّة الخبرة بجمع المعلومات وتحليلها وعدم المعرفة بأنّه استلال أو سرقة، موضّحاً أن هناك برمجيات كثيرة تكشف الاستلال العلمي وأشهرها “تيرنتن”، وهناك تبعات قانونية وأخلاقية لهذا الفعل، نذكر على سبيل المثال استقالة وزيرة التّعليم العالي في ألمانيا “أنيتا شافان” بعد اكتشاف انتحالها بصورة متعمدة أجزاء من رسائل دكتوراه لآخرين من دون الإشارة إلى مصادرها.