الفلاح لم يقطف ثمار التسويق والتجار يتحكمون بالأسعار والخطة غائبة!
رغم كلّ التصريحات والمحاولات الخجولة، لم يستطع التسويق الزراعي إقناع الفلاح والوصول إلى حالة الرضى، إذ مازال الفلاح في كلّ عام يجهر بصوته المبحوح بالتوسّل والرجاء من أجل تسويق منتجاته مباشرة من قبل الحكومة بدلاً من استغلال التجار والسماسرة له، ليبقى التسويق الزراعي لحناً عذباً تعزفه وزارة الزراعة والجهات المعنية على أوتار أوجاع وآلام المزارعين الذين أبدوا عدم تفاؤلهم بمستقبل التسويق الزراعي، ولاسيما أنه ما زال يعتمد على المعارض ووسائل غير مجدية ما لم تتدخل الحكومة بشكل مباشر وتقطع الطريق على المستغلين من التجار والسماسرة.
مجبرٌ أخوك…
فطالما استهجن المواطن ارتفاع أسعار الفواكه في الأسواق، ليصبح عاجزاً في بعض الأحيان عن شرائها، مما يستدعي رمي الكرة في مرمى الفلاح الذي يعدّ ضحية التجار والسماسرة، خاصة وأنه يبيع بأسعار زهيدة رغم كلّ التعب والتكاليف الباهظة للوصول إلى قطف الثمار والتي تذهب كما يقال “بتراب المصاري” إلى التاجر الذي بدوره يبيعها إلى المحال بأسعار مرتفعة، ومن ثم إلى المستهلك مضاعفة، وهذا ما أكده فلاحون من ريف دمشق بأن التجار يشترون منهم بأسعار زهيدة لكنها تباع في الأسواق بأسعار مضاعفة، مؤكدين تحكم هؤلاء التجار بأرزاقهم، وذلك من خلال الربط بين بعضهم والاتفاق على فرض سعر واحد من أجل إجبار الفلاحين على البيع بالسعر المحدّد “مجبرٌ أخوك…”، محمّلين الجهات المعنية والبلديات والجمعيات الفلاحية المسؤولية على بقاء منتجاتهم تحت رحمة التاجر الذي يبيع في الأسواق العادية بأسعار مرتفعة.
تكاليف مرتفعة
ويؤكد الفلاحون أن التاجر يقوم بإضافة رسوم كبيرة على النقل مع ثمن العبوات المرتفعة، لتصل الفاتورة في النهاية إلى أرقام منخفضة لا تتناسب مع التكاليف المرتفعة جداً، مطالبين وللمرة المئة بتسويق منتجاتهم مباشرة من قبل الحكومة بدلاً من استغلال التجار والسماسرة، أو إعادة تفعيل وإحداث الأسواق الشعبية التي تسمح للمزارع ببيع منتجاته للمستهلك مباشرة، ولاسيما أن قرار الإحداث لم يلقَ تجاوباً عند الوحدات الإدارية، إضافة إلى استغلال بعض البلديات القرار لمصلحة شخصية خاصة، حيث طبقت قانون الأسواق الشعبية ولكن من خلال عقود إيجار لتجار مما يشكل مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين ليخرج الفلاح من المعادلة صفراً مكعباً.
ويرى اقتصاديون أن التسويق عبارة عن عملية متكاملة تشمل وزارة الزراعة، وأسواق الهال، والجمعيات الفلاحية، إلى جانب هيئة دعم تنمية الإنتاج المحلي والصادرات، وعليهم أن يتعاونوا جميعاً لينهضوا بواقع التسويق الزراعي.
على حساب التسويق
وعزا خبراء ضعف التسويق إلى اهتمام الحكومة بتطوير الإنتاج الزراعي على حساب تسويق المنتجات الزراعية، باستثناء محصولي الحبوب والقطن، إذ نجحت الحكومة في عملية تسويقهما بشكل جيد.
رؤساء جمعيات فلاحية اعتبروا أن التسويق الزراعي لمنتجات الأشجار المثمرة لم يحقق الغاية المرجوة منه حتى الآن، حيث لم يقطف الفلاح ثمار هذا التسويق الزراعي الذي نسمع ونشاهد ندوات ومحاضرات عنه بشكل مستمر ودوري، مشددين على ضرورة تكثيف عمل السورية للتجارة ونقل المحاصيل وتسويق المنتجات الزراعية إلى صالتها بالمحافظات كافة.
رئيسُ اتحاد فلاحي دمشق وريفها زياد الخالد دعا إلى تدخل المؤسسة السورية للتجارة بشكل فعلي وقطع الطريق على السماسرة بتسويق كامل المحاصيل من ثمار وخضار ومنتجات حيوانية، لافتاً إلى ظلم الفلاح من خلال التكاليف الكبيرة التي يدفعها على محصوله ليقع في النهاية في مصيدة التاجر الذي يشتري منه بأسعار لا تعادل التكلفة.
مشكلة كبيرة
ويعتبر الخبراء أن موضوع التسويق مشكلة كبيرة للفلاحين وأداة ربح وابتزاز لتجار السوق بالنسبة لأغلب المنتجات الزراعية، ما عدا المحاصيل الإستراتيجية الرئيسية التي تستجرّها مؤسسات الحكومة، داعياً إلى استجرار أغلب المحاصيل وفق أسعار التكلفة وهامش ربح للفلاح محسوب بما يضمن تحقيق ثلاثية المنتج والمواطن والوطن.
وفي نهاية القول: هناك إجماع من كافة الخبراء على حلّ مشكلة التسويق بأن تمنح الحكومة ميزات واسعة لتشجيع قيام مجموعات تسويقية، وامتلاك مراكز التجميع، ووسائل النقل، لكي يتمّ نقل المحاصيل من الفلاح إلى المستهلك مباشرة، مما سيلغي دور الوسطاء والسماسرة.
علي حسون