دراساتصحيفة البعث

تايلاند تتعافى من جديد ..

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع: نيو ايسترن أوت لوك 12/6/2020

 

تلعب مملكة تايلاند التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب الـ 70 مليون نسمة دوراً محورياً في رابطة دول جنوب شرق آسيا، وتعتبر ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة، وتستضيف الدعامة الرئيسية لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وتتضمن السكك الحديدية عالية السرعة التي ستربط الصين بماليزيا وخارجها، وبالتالي، يعتمد التعافي الإقليمي في أعقاب فيروس كورونا على دول مركزية مثل تايلاند التي حققت التعافي السريع والمنظم.

 

تأثير “كوفيد-19

كان تأثير “كوفيد-19” على تايلاند اجتماعياً واقتصادياً، بينما أثّر بشكل أقل على القطاع الصحي، مع وجود خدمات صحية تمكنت من استيعاب ما يقرب من 3000 حالة، توفي منها 60 فقط كانوا يعانون من أمراض خطيرة مزمنة، ومن تقدم في السن.

وبغض النظر عن ذلك، اتخذت الحكومة إجراءات سريعة تضمنت فرض حظر للتجول والسفر، وقيّدت حركة السفر الداخلي والخارجي، إلى جانب الإجراءات التي اتخذتها الصين لفرض قيود على مغادرة المجموعات السياحية.

تلقى قطاع السياحة في تايلاند ضربة شديدة، خاصة أن الوافدين من الصين يشكّلون الغالبية العظمى من الأعمال السياحية في تايلاند، كما أن الشركات التايلاندية الكبيرة منها والصغيرة تعتمد بشكل كبير على قطاع التصنيع الصيني للمكونات، ولتجارة التجزئة، لذلك تسبب الإغلاق المؤقت للمصانع الصينية بانتكاستين رئيسيتين للشركات التايلاندية أثّرت على العرض والطلب.

تمتلك تايلاند “اقتصاداً ضخماً غير رسمي”، مع عدد لا يحصى من الشركات المستقلة الصغيرة التي أثبتت على مر السنين أنها نشيطة بشكل استثنائي حتى في أوقات الأزمات، فقد استطاعت العديد من شركات الأغذية والمشروبات وتجارة التجزئة مواصلة العمل من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة للاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، خاصة تطبيقات التسوق والتسليم عبر الأنترنت، جنباً إلى جنب مع خدمات التوصيل التي سمحت لها بمواصلة العمل أثناء الإغلاق، ما سمح للعديد من التايلانديين بكسب عيشهم على الرغم من القيود.

 

التعافي

تستثمر الحكومة التايلاندية بشكل كبير لإحياء الاقتصاد التايلاندي، وقد قدمت بالفعل العديد من البرامج لمساعدة العاطلين مؤقتاً خلال فترة الإغلاق التي يتم رفعها حالياً بشكل تدريجي في جميع أنحاء البلد، وهذا يشمل حزمة تحفيز تهدف إلى مساعدة الشركات على التعافي بعد فترة الإغلاق الكلي أو الجزئي التي استمرت طويلاً، كما تتم إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية لمنع حدوث اضطرابات وخسائر هائلة في حال حدوث جائحة مثل “كوفيد -19” مرة أخرى، حيث إن تايلاند تتمتع بأسس اقتصادية قوية، بما في ذلك قاعدة زراعية، وقاعدة تصنيعية قوية، بالإضافة إلى علاقات تجارية قوية في كل من جنوب شرق آسيا، ومنطقة آسيا الأوسع نطاقاً، بما في ذلك الصين التي هي في طريقها إلى الانتعاش، ومن المرجح أن تنجح تايلاند في استعادة الاستقرار الاقتصادي، والعودة إلى الوضع الطبيعي في وقت قصير، حالياً تبحث تايلاند في سبل تجنب الاضطرابات المماثلة في المستقبل من خلال البحث عن طرق لتعزيز النشاط الاقتصادي المحلي في حال قطع التجارة الخارجية والسياحة مرة أخرى، ولكن كما هو الحال في أي مكان آخر تقوم الولايات المتحدة بإيجاد مجموعات معارضة للاستيلاء على السلطة، والعمل كنظام عميل، أو لخلق عدم استقرار كاف للحصول على تنازلات من حكومة البلاد الحاكمة، في حالة تايلاند، تسعى الولايات المتحدة إلى وضع فجوة بينها وبين الصين، ما يعقد طموحات مبادرة “الحزام والطريق”، وإزاحة شريك اقتصادي كبير، ومع ذلك تصر الولايات المتحدة والمعارضة التي تموّلها وتدعمها في تايلاند على تعقيد عودة تايلاند إلى وضعها الطبيعي في أعقاب “كوفيد-19” بهدف إعاقة انتعاش الصين، وتعقيد صعودها كقوة عالمية على المدى البعيد.