صواريخ المقاومة تدفع نتنياهو إلى عنق الزجاجة
تقرير إخباري:
ظنّ قادة الكيان الإسرائيلي أن بإمكانهم ارتكاب جريمة قتل القادة الشهداء في حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة المحاصر فجر يوم الثلاثاء وتحمّل جولة أو جولتين من صليات صواريخ المقاومة الفلسطينية كردّ على تلك الجريمة، وبعدها يتدخّل الوسطاء ويتوقّف الرد، وبذلك يكون الاحتلال قد حقّق عدة أهداف من هذه العملية، فمن ناحية يعيد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الإجماع إلى ائتلافه المتطرّف وحكومته المنقسمة ولا سيما بعد مقاطعة وزير ما يسمّى الأمن القومي، إيتمار بن غفير، مشاركته في الحكومة والكنيست وعودته عنها بعد بدء العدوان على غزة، ومن ناحية ثانية يصدّر مشكلاته الداخلية والانقسام الذي يضرب مجتمع المستوطنين الغاضبين ضد خطّة “الإصلاح القضائي”، ومن ناحية ثالثة يثبّت معادلة جديدة “للردع” تجاه فصائل المقاومة الفلسطينية، ويعمل على تحييدها وفصل الساحات الفلسطينية عن بعضها.
ولكن حسابات الحقل اختلفت عن حسابات البيدر، فالمقاومة الفلسطينية وغرفتها المشتركة كان لهما رأي آخر، حيث إن نظرية وحدة الساحات هي التي تسيطر الآن على الساحة الفلسطينية، ولا مجال للاستفراد بفصيل على حساب آخر، ولا على ساحة دون أخرى، ففلسطين كل فلسطين تتعرّض للعدوان، وهو ما دفع المقاومة إلى إطلاق عملية “ثأر الأحرار” والردّ المشترك على جرائم الاحتلال بقصف مستوطناته في الداخل المحتل.
وجاءت “ثأر الأحرار” لتدفع نتنياهو إلى عنق الزجاجة، فلا هو قادر على التراجع عن عدوانه على غزة، ولا مستوطنوه ومعارضوه مهيّؤون لاستمرار سقوط صواريخ المقاومة على المستوطنات، بل أخذت الأصوات تعلو بين “الإسرائيليين” مطالبةً بوقف العدوان، ومنهم الصحفي “الإسرائيلي” باراك رافيد الذي استفزّته تغريدة لنتنياهو حول عدوانه على غزة كتب فيها “مستمرّون” وعلّق على ذلك بقوله: مستمرون “لتحقيق ماذا؟ هل يمكن لأيّ شخص أن يخبرنا؟ ما هو الغرض من العملية في الوقت الحالي؟”، وأضاف: “لقد تورّطنا، كان من الصحيح الخروج من هذا الوضع أمس بصرف النظر عما تفعله حركة الجهاد”، في حين أشارت وسائل إعلام “إسرائيلية”، إلى أنّ هناك أصواتاً من المعارضة تُطالب بوقف العملية العسكرية، ورئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، يؤكد أنّه “آن الأوان لبدء وقف العملية”.
في المقابل، تتعزّز ثقة المقاومة بنفسها وبقدرتها على تحقيق الردع مع الاحتلال، وهو ما أشارت إليه وسائل إعلام “إسرائيلية” بعد رشقة صاروخية استهدفت مستوطنة “رحوفوت” وأدّت إلى مقتل مستوطن وإصابة آخرين، حيث قالت تلك الوسائل: إنّ “الصاروخ الذي أُطلق في اتجاه رحوفوت مزوّد بتكنولوجيا عالية الدقة، ولم تستطع الدفاعات الجوية الإسرائيلية إسقاطه حتى إنّه تخطّى منظومتي مقلاع داوود والقبة الحديدية”، ونقل الإعلام “الإسرائيلي” عن قائد الجبهة الداخلية بعد استهداف مستوطنة “رحوفوت” أنّ “القبة الحديدية لا تؤمّن حماية كاملة”، بينما قال المراسل العسكري للقناة 13 “الإسرائيلية”، ألموغ بوكير تعقيباً على مشاهد الدمار في رحوفوت: إنّ “هذا ما كانت إسرائيل تخشاه”.
وفي النهاية، لم يحقّق العدوان الإسرائيلي على غزة غايته، حيث أظهرت المقاومة توحّداً كبيراً كفصائل وعزّزت من استراتيجية وحدة الساحات، والإعلام الإسرائيلي أكّد أنّ “العدوان في غزة لم يكسر أيّ معادلة، ولم يغيّر أيّ أمر أساسي”، والاحتلال الآن يستجدي الوساطات العديدة لتحقيق وقف إطلاق النار.
إبراهيم ياسين مرهج