ثقافةصحيفة البعث

معرض سورية الدولي للكاريكاتور بمشاركة 69 دولة و359 فناناً عالمياً

أمينة عباس

افتُتح مساء أمس في دار الأسد للثقافة والفنون معرض سورية الدولي التاسع عشر للكاريكاتور-دورة الروائي الراحل حنا مينة- بمشاركة واسعة من رسامي الكاريكاتور في العالم من 69 دولة و359 فناناً عالمياً، وأعلن الفنان رائد خليل مدير المسابقة أسماء الفائزين: الجائزة الأولى MojmirMihatov (كرواتيا) الجائزة الثانية DerkoDrljevic (الجبل الأسود) الجائزة الثالثة LiviuStanila (رومانيا). وقد شكر الفائزون عبر فيديوهات مصوّرة الفنان خليل على إتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة في هذه المسابقة التي هي برأيهم إحدى أشهر ملتقيات الرسوم المتحركة في العالم، مؤكدين أنه معرض عالمي بكل المقاييس ويظهر فيه جهد كبير على الرغم من الصعوبات، في حين أجمع بعض أعضاء لجنة التحكيم الدولية مثل سيبال آنيشتاين من البرازيل، وماريان بوبيسكو من رومانيا، ووسام خليل من مصر، عبر شهاداتهم على أن المعرض حدثٌ يحظى بالتقدير والاهتمام في جميع أنحاء العالم، وهو ملتقى للأفكار الخلاقة والساحرة التي تهمّ كوكب الألفية الثالثة، وأن الدورات السابقة أظهرت أن هذا المعرض من أفضل المعارض على صعيد التنظيم ومستوى الأعمال المشاركة.

انتصار للحق والجمال

وبيَّن الفنان رائد خليل مدير المسابقة الدولية في المعرض في كلمة الافتتاح أن مئات الفنانين العالميين من 68 دولة شاركوا في هذه الدورة، على الرغم من كل الصعوبات التي تحيط بالجميع، وأن معرض سورية الدولي للكاريكاتور الذي انطلق عام 2005 وأثبت حضوره سيستمر انتصاراً للحق والجمال في بلدنا، شاكراً دار الأسد للثقافة والفنون على الاحتضان والرعاية، في حين بيَّن في تصريحه لـ”البعث” أن المعرض نجح عبر دوراته العديدة في خرق الحصار الذي فُرض على سورية وبناء جسور تواصل وفتح باب الحوار الثقافي والفني مع دول العالم عبر فنّ الكاريكاتور، مشيراً إلى أنه وعبر دوراته السابقة ألقى الضوء على موضوعات عديدة وعلى أسماء كانت لها بصمتها الإبداعية كمحمد الماغوط، نزار قباني، نهاد قلعي، موضحاً أن فن الكاريكاتور من أهم الفنون الموجودة بسبب سرعة التلقي والفهم والمضمون الساخر، وأن الفنان الجيد هو من يتلقف الحدث ويترجمه على أرض الواقع بعين ساخرة وناقدة عبر التهكم على الواقع المرير، منوهاً بأنه كان للجان التحكيم دور فعال في انتقاء الأعمال ومنحها الجوائز، وهي تضم أسماء ساهمت عبر ميادين عديدة في بناء مجتمع ثقافي فعّال.

 تكريم

وشهد حفل الافتتاح تكريم رائد خليل مدير المسابقة الدولية لـ د. محمد حوراني رئيس اتّحاد الكتّاب العرب تقديراً لمواقفه الوطنية وإيمانه بدور المثقف السوري في المجتمع، والمايسترو أندريه معلولي مدير دار الأسد للثقافة والفنون تقديراً لإبداعه ومسيرته الفنية وبمناسبة نيله جائزة الدولة التشجيعية، والمايسترو نزيه أسعد قائد الفرقة الموسيقية التي أحيت حفل الافتتاح، وأيضاً تكريم أعضاء لجنة التحكيم التي ضمّت: الفنان موفق مخول، الفنان د. حسن إسماعيل، والناقد المسرحي جوان جان والفنانة بشرى الحكيم.

اللوحة أبلغ من النص

وبيَّن د. محمد الحوراني في تصريحه أن الحديث عن حنا مينة هو حديث عن واحد من أهم الروائيين في تاريخ سورية المعاصر، وهو المؤسّس للأدب السوري، وكان منحازاً للهمّ الإنساني ومعاناة الشعوب، وأن لوحات كثيرة في المعرض لفنانين من دول مختلفة تماهت مع فكره وثقافته ورسائله الإنسانية، موضحاً أن لكل من الأدب والكاريكاتير طريقته في التعبير، مع إشارته إلى قدرة الكاريكاتور على الاختزال أكبر بكثير من الأدب، فاللوحة قد تختصر رواية بكاملها. من هنا يمكنه القول إن اللوحة أحياناً أبلغ من النص، لكنه أكد في الوقت نفسه أن التفاصيل في الرواية والقصيدة والقصة لا يمكن للمتلقي أو القارئ أن يستغني عنها على الإطلاق.

خرق الحصار

وأكد المايسترو أندريه معلولي مدير دار الأسد للثقافة والفنون أن وزارة الثقافة عبر الدار احتضنت المعرض ودعمته لأهميته في إظهار وجه سورية الحضاري ونجاحه عبر دوراته المتتالية في خرق الحصار على سورية في أصعب الظروف، وكان ذلك من أهم أهدافه، محيياً جهودَ الفنان رائد خليل الذي يعمل بشكل فردي ليبقى المعرض مستمراً، والدار تقدّر له هذا، مشيراً إلى أنه تمّ تطوير الفعالية من خلال فقرات فنية مرتبطة بعنوان المعرض، وكله أمل أن تتعدّد فعالياته في دوراته القادمة.

 فن يفهم لغته الجميع

ورأى الفنان موفق مخول عضو لجنة التحكيم في المعرض أن فن الكاريكاتور ثقافة حديثة بصرية تعتمد على الفكرة، ونحن بأمسّ الحاجة إلى هذا الفن الإعلامي الإبداعي الذي كان مزدهراً في وقت من الأوقات ونشهد تراجعه اليوم مع غياب الصحافة الورقية التي كانت الحاضن الأساس له، وبالتالي لابد من إيجاد الوسائل لعودته إلى حياتنا الفنية، مؤكداً أن المعرض مناسبة للتعريف بهذا الفن من خلال مشاركات أهم رسامي الكاريكاتور في العالم، وهو فرصة لنا لإيصال رسائلنا السياسية والاجتماعية والثقافية بطريقة ذكية وبشكل سريع عبر فنّ يفهم لغته الجميع، وهذا ما يقوم به المعرض، شاكراً الفنان رائد خليل على إقامته والإصرار على استمراره لإيمانه برسالته الإنسانية.

إحياء فن الكاريكاتور

ونوّه الناقد المسرحي وعضو لجنة التحكيم جوان جان بأهمية المعرض في إعادة إحياء فن الكاريكاتور، ورأى أن مثل هذه الفعاليات من شأنها أن تعيد لهذا الفن ألقه واستمراره، مبيناً كعضو لجنة تحكيم أن الكاريكاتير معنيّ بهموم وتطلعات وانكسارات الإنسان، وبالتالي كان التقييم حول قدرة اللوحات المشاركة على أن تكون ملامسة لقضايا الإنسان وهمومه.

شارات المسلسلات

وخُتم حفل الافتتاح بحفل موسيقي بقيادة المايسترو نزيه أسعد الذي عبّر عن سعادته بمشاركته في افتتاح المعرض الذي كان حريصاً فيه على اختيار المقطوعات التي تناسب هذه الدورة من خلال عزف الفرقة الموسيقية لشارات المسلسلات التي نهلت من روايات حنا مينة، وكان للمقطوعات الموسيقية وقعها على المستمعين، مع مرور بسيط على التراث السوري، إضافة إلى عزف بعض المقطوعات التي قام بتأليفها خصيصاً لهذه المناسبة مثل مقطوعة “ماريا”.

يُذكر أن حفل الافتتاح تضمّن أيضاً عرضاً لفيلم كرتوني قصير حمل عنوان “الحياكة” وفيلماً من إعداد علي الدندح سلّط فيه الضوء على بعض محطات سيرة حنا مينة الذي كان بسيطاً في حياته ومماته، وقد وصفه ابنه الفنان سعد مينة في الفيلم بأنه كان شخصاً استثنائياً بشهادة الجميع.