“الدوما” يصوّت بالإجماع على الانسحاب من معاهدة الأسلحة التقليدية
موسكو – تقارير:
العمل الممنهج الذي قاده حلف شمال الأطلسي “ناتو” طوال العقود الماضية على محاصرة روسيا ببنيته العسكرية التقليدية والاستراتيجية، لم يترك مجالاً لروسيا للوصول معه إلى صيغة معيّنة تأخذ بعين الاعتبار مخاوفها الأمنية، وبالتالي لم يعُد هناك بدّ أمام موسكو إلا التخلّي عن جميع الاتفاقات العسكرية المعقودة مع هذا الغرب الذي أبى أن يلتزم بأبسط هذه الاتفاقات، بل أصرّ مؤخراً على تزويد النظام الأوكراني بشتّى صنوف الأسلحة التي تهدّد الداخل الروسي، وأمعن في مشاركته بشكل مباشر في الحرب على روسيا ونشر ترسانته العسكرية على حدودها، الأمر الذي جعل موسكو مضطرّة لقطع جميع العلاقات العسكرية مع الغرب، ومنها معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا، حيث صوّت نواب مجلس الدوما بالإجماع على انسحاب روسيا من المعاهدة.
ونقل موقع عن رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية وزعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي ليونيد سلوتسكي قوله: “إن القرار يصبّ في المصلحة الوطنية لضمان أمن روسيا”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصدر في وقت سابق هذا الشهر مرسوماً يفيد بنية روسيا الانسحاب من معاهدة الأسلحة التقليدية، وطلب من مجلس الدوما التصويت على ذلك.
يُذكر أن معاهدة الأسلحة التقليدية تعود إلى عام 1990، ودخلت حيّز التنفيذ في تشرين الثاني من عام 1992، وقد شهدت قمّة إسطنبول لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي عام 1999، توقيع اتفاق حول تحديث المعاهدة بسبب تغيّر الوضع السياسي والعسكري في أوروبا، إلا أن المعاهدة المعدّلة لم تدخل حيّز التنفيذ بسبب عدم توقيع دول حلف الناتو عليها، بينما واصل الحلف التوسّع شرقاً ما تسبّب في اختلال موازين القوى.
وفي هذا الشأن، أوضح نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف اليوم، أن بلاده ستعزّز إنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية والخاصة، ووسائل التدمير إلى الحد الأقصى، وذلك بعد انسحابها من معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا.
ونقل موقع روسيا اليوم عن مدفيديف قوله: مجلس الدوما صدّق على التخلّي عن معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، حيث فقدت هذه الوثيقة أهميتها بالنسبة لنا عام 2007، لافتاً إلى أنه الآن حتى في سياق الالتزامات الدولية المعلقة سابقاً لا شيء يمنع روسيا من نشر أسلحتها، حيث تريد حماية مصالحها الوطنية بما في ذلك الجزء الروسي من أوروبا.
في سياق متصل، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو أن استمرار الغرب بضخّ كميات كبيرة من الأسلحة لنظام كييف الفاشي دون تفكير هو محاولة لإعفاء نفسه من المسؤولية عن الأزمة.
ونقلت وكالة نوفوستي عن غروشكو قوله اليوم: “إن تراجع الغرب عن إمداد أوكرانيا بالأسلحة في هذه المرحلة هو بمنزلة اعتراف بأخطائهم وتورّطهم في تأجيج الصراع”، لافتاً إلى أن الغرب قادر على فعل ذلك لكنه لا يريد.
وأضاف غروشكو: إن روسيا تأقلمت منذ فترة طويلة مع التصريحات المتكرّرة لقيادة فرنسا والدول الغربية حول ما تصفه بالنصر الحتمي والوشيك للقوات الأوكرانية وحول الاقتصاد الروسي الذي انهار تحت أعباء العقوبات، وحول العزلة الدولية الروسية المزعومة، مشيراً إلى أن كل هذه التصريحات ما هي إلا محاولة لإقناع أنفسهم وشعوبهم بأحلامهم إضافة إلى أن النخب السياسية الأوروبية اتبعت مسار محاولة إقناع مواطنيها بصحة مسارها لتدمير أسس الأمن الإقليمي والدولي.
إلى ذلك، أكّد رئيس الحكومة التشيكية السابق ييرجي باروبيك أن الولايات المتحدة تسعى لإحياء أجواء الحرب الباردة بسبب فشل مخططها في أوكرانيا وتراجع نفوذها في العالم.
ولفت باروبيك في مقال نشر في موقع “قضيتكم” الالكتروني إلى أن حالة من الهستيريا تسود لدى الإدارة الأمريكية تجاه تنامي قوة الصين وروسيا، وذلك يعود إلى أن العملية العسكرية الخاصة التي تنفّذها روسيا في أوكرانيا لا تتطوّر وفق ما كان يأمله الغرب، حيث تتقدّم القوات الروسية خطوة وراء أخرى في شرق أوكرانيا.
وأضاف: إن الصين بدورها تدير التجارة بهدوء مع العالم كله ولديها تبادل خارجي هائل مع الولايات المتحدة نفسها يصل إلى 700 مليار دولار سنوياً، أما مع روسيا فسيصل حجم التبادل هذا العام إلى رقم قياسي قدره 200 مليار دولار.
من جهة ثانية، أكّد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف اليوم استمرار الاتصالات حول تمديد اتفاقية الحبوب الموقعة بين روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة في تموز من العام الماضي.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن بيسكوف قوله للصحفيين: “بشكل عام الاتصالات مستمرة، وكانت بالأساس جلسة تواصل هادفة”، مشيراً إلى أنه “هناك العديد من الأسئلة التي تتعلق بالجزء الخاص بروسيا من الصفقة ويجب اتخاذ القرار”، وحول آفاق تمديد الصفقة قال بيسكوف: “سنبلغكم عند اتخاذ القرار”.
وتعدّ اتفاقية الحبوب جزءاً من حزمة اتفاقيات تتضمّن عدم عرقلة الدول الغربية الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة.