بحر طرطوس يئن.. والثروة السمكية تتقهقر .. والاستزراع السمكي من الحلول المقترحة
البعث الأسبوعية – دارين حسن
بحر طرطوس يئن من التعديات المختلفة إثر الصيد الجائر واستخدام طرق صيد غير شرعية كالمتفجرات والجرف، كما يطال التلوث مياهه ليعكر صفو أبنائه وحتى السياح فيقضي على الثروة السمكية نتيجة الصرف الصحي الذي يصب فيه ما يؤدي إلى تراجع إنتاج الأسماك البحرية ليبحر السمك بعيدا عن موائد المواطنين رغم أنهم أبناء الساحل والبحر٠٠٠!
مع الصيادين
وفي لقاء ” البعث الأسبوعية” مع عدد من الصيادين أشاروا إلى غلاء مستلزمات الإنتاج، حيث يصل سعر لفة شبك الصيد إلى ٧٥٠ ألف ليرة ويحتاج الصياد لأربع لفات بالعام، إضافة إلى قلة المازوت المخصص لهم ما يجعل كميات الصيد قليلة نتيجة عدم تمكنهم من إطالة رحلة الصيد، وتتراوح أرباحهم اليومية بين ٥٠ _ ١٠٠ ألف ليرة وأحيانا لا يدخل الصياد ليرة عند توقف الصيد نتيجة الظروف الجوية، مؤكدين أن ما يحصلونه لا يكفيهم لتأمين مستلزمات الصيد، ويقومون ببيع إنتاجهم أحيانا خارج المزاد وأغلب الأحيان من خلال المزادات التي تفتح يوميا لساعتين يتم من خلالها بيع الأسماك المصادة لأصحاب محلات السمك، وحسب كمية السمك يتحدد السعر، وإن ارتفع سعر السمك بالمزاد سيرتفع حتما على المواطن، وفي المزاد يباع كل أنواع السمك بحيث لا تبقى أي كمية منه، حسب الصيادين٠
ضعف الطلب
بعض بائعي الأسماك لفتوا إلى ضعف الحركة الشرائية إذ يبقى السمك لثلاثة أيام لديهم دون طلب، موضحين أن السمك الشعبي هو الأكثر طلبا مثل” السكمبري والبلميدا والسردين واللقس والجربيدي والغبص” ، إذ يتراوح سعر الكيلو من تلك الأنواع بين ٢٠ و ٥٠ ألف ليرة، وهناك أنواع سعرها مرتفع ولا يبيعها البعض كنوع الفريدي الكبير ، موضحين أن ما يحدد سعر السمك هو العرض والطلب ، وبين أحدهم الخسائر المتتالية والدين المترتب عليه الذي وصل إلى عشرة ملايين ليرة لانخفاض الطلب على المادة وقلة البيع، مع ذلك مستمر في الصيد والبيع كونها مهنة ورثها ولا بديل عنها، مؤكدين انخفاض الأسعار مع قدوم الصيف وزيادة الطلب إثر الحركة السياحية التي تشهدها المحافظة٠
صيد جائر
بدوره أشار رئيس جمعية الصيادين بطرطوس فاروق بهلوان إلى أن الثروة السمكية في تناقص واضح إثر الصيد بالمتفجرات والصيد العشوائي واستخدام شباك صيد بفتحات صغيرة التي تصيد السمك الصغير وهو بطول سم واحد، في حين أن المسموح هو استخدام شباك صيد بفتحات كبيرة وذلك للحفاظ على المخزون السمكي، وعرض “بهلوان” الصعوبات التي يعاني منها الصيادون وأبرزها قلة مادة المازوت إذ أن كل صياد يحصل على ٨٠ لتر مازوت بالشهر تكفيه لثلاثة أيام أو أربعة ويؤمن باقي الكمية من السوق السوداء، في حين أن المخصصات على البطاقة هي/ ٢٢٠/ لتر مازوت يحصل منها فقط على /٨٠ / لتر..!؟، مشيراً إلى أن الكمية المخصصة على البطاقة في حال تم منحها شهرياً تعتبر جيدة وتلبي الحاجة، معللا سبب قلة كميات الأسماك وعزوف الصيادين عن المهنة إلى قلة كميات المازوت٠
متابعة ولكن!
ومع وجود عربات تبيع أسماك في شوارع طرطوس الرئيسية والفرعية دون مراعاة أدنى شروط السلامة العامة، يبين رئيس شعبة الإشغالات بمجلس مدينة طرطوس المهندس علي عبد الله أنه ومنذ أكثر من خمس سنوات لم يتم منح رخص إشغال لعربات جوالة ولا سيما للمواد الغذائية والسمك والأجبان والألبان لأنها قابلة للفساد وسريعة التلف، وأن موضوع الرقابة الصحية على العربات الجوالة يصعب السيطرة عليه لأنها متنقلة، ومع ذلك نقوم من خلال الدوريات الجوالة بجولة في كل أنحاء المدينة وتتم المراقبة بالعين المجردة أو عن طريق دوريات يومية أو شكاوى، ويتخذ إجراء بحقهم كضبوط ومصادرات ولا سيما بخصوص السمك، وأحيانا تطلب دورياتنا مؤازرة من عناصر الشرطة٠
وأضاف عبد الله: يتم تركيز الرقابة بشكل أكبر على العربات التي تتخذ مواقع ثابتة، حيث نقوم بمهمة رسمية ويتم إجراء ضبوط منها ضبوط مخالفة للمهن، ومخالفة لإشغال الملك العام، كما يتم إجراء عمليات مصادرات للمواد الموجودة أو التي تسهل عملية البيع حيث يتم مصادرة العربات، موضحاً أن عدد الضبوط شهرياً يتراوح بين ٥٠ و ٦٠ ضبط مخالفة إشغال أملاك عامة ومخالفة نظافة، وفي رقابة المهن لدينا يتم إجراء ضبط بخصوص عدم مزاولة المهنة لأنها مخالفة للشروط الفنية والصحية٠
عزوف الصيادين
وللوقوف على دور فرع المنطقة الساحلية في الهيئة العامة للثروة السمكية والأحياء المائية بطرطوس أشار مدير الفرع علاء الشيخ أحمد إلى أن الإنتاج من الأسماك البحرية سنوياً قبل الحرب على سورية يقدر بحوالي ٣٠٠٠ إلى ٤٠٠٠ طن وتراجع بعد الحرب إلى حوالي /٢٠٠٠/ طن بسبب الحرب ومنها مستلزمات عمليات الصيد البحري من شباك ووقود وغيرها، حيث يعد الإنتاج من الأسماك البحرية في سورية قليل بسبب عدد من العوامل الطبيعية، وأهمها ضيق الرصيف القاري، وهو المنطقة المناسبة لتغذية وتكاثر الأسماك والممتدة من عمق /٠/ وحتى عمق / ٢٠٠/ متر، وقلة الأنهار التي تصب في البحر وبالتالي قلة المغذيات، كما أن التيارات البحرية الواصلة إلى الساحل السوري تحمل معها كميات قليلة من المغذيات البحرية، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج كارتفاع أسعار المحروقات وعدم توفرها أحيانا وارتفاع ثمن وسائل الصيد من شباك وتجهيزاتها الأخرى ما أدى إلى عزوف عدد من الصيادين عن ممارسة مهنة الصيد٠
نسبة منخفضة
ولم يخف “أحمد” أن معدل نصيب الفرد من الأسماك يبلغ بحدود واحد كغ / فرد / سنة، وهي نسبة منخفضة جدا قياسا بالمعدل الطبيعي العالمي بحدود / ٢٠/ كغ / فرد، والعربي /٨ كغ / فرد، موضحاً أن الهيئة العامة للثروة السمكية ومن خلال الإجراءات التي تتخذها كعرض عدد من المسطحات المائية على الاستثمار واستزراع المسطحات المائية بالإصبعيات، ومشروع المزارع الأسرية السمكية الذي أطلقته وتقديمها التسهيلات اللازمة لترخيص المزارع والتجارب التي يتم تنفيذها في مزارعها وأعمال الحماية التي تهدف لحماية المخزون السمكي في المياه العذبة سعت وحققت تحسنا في زيادة الإنتاج السمكي بشكل عام مما سينعكس على زيادة حصة الفرد وزيادة المخزون السمكي المحلي في سورية٠
أسماك مرغوبة
وذكر مدير فرع الهيئة أن أهم الأنواع السمكية التي يتم اصطيادها في الساحل السوري هي الأسماك المرغوبة للمستهلك بشكل كبير ومنها “القجاج والسرغوس والميرلان والسلطان ابراهيم واللقس والفريدي والفريدي والغبص والسمنيس والزبيدي والجراوي”، والأسماك العائمة وهي المرتحلة ضمن مياه البحر المتوسط وأهمها السردين والسكمبري والبلميدا والعصيفر والتونا، وهناك أسماك مهاجرة من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط عن طريق قناةالسويس أهمها الغريبة( السمنيس) والسوري والشكارمية والمليفا والغزال والفرنسي وسلطاني يهودي، وغيرها وأكثرها انتشارا هي الغريبة، حيث أصبحت هذه الاسماك المهاجرة من البحر الأحمر تشكل مايعادل ١٥ % من المصيد البحري أحيانا وهي نسبة مرتفعة ومهمة جدا، ولكن بعض الأنواع المهاجرة من البحر الأحمر الى سواحلنا تعتبر أسماك سامة ومنها أسماك النفيخة (البالون)، لذلك تقوم الهيئة العامة بحظر تداولها وبيعها وأكلها واتخاذ العقوبات بحق المخالفين٠
انخفاض الصيد
وحول عدد المزارع السمكية الشاطئية والبحرية التي تم السماح بترخيصها في المياه البحرية أوضح أحمد أن القانون رقم/ ١١/ لعام/ ٢٠٢١ / سمح بترخيص المزارع السمكية البحرية بأنواعها/ بحرية والعائمة والمغطاة والشاطئية/ حيث تم منح ثلاث رخص مبدئية لمزارع شاطئية وثلاث مزارع أقفاص عائمة في الساحل السوري من قبل الهيئة العامة، عازيا أسباب ارتفاع أسعار السمك في السوق المحلية إلى انخفاض كميات الصيد من البحر في بعض الأحيان بسبب ظروف الطقس وغلاء مستلزمات الإنتاج من شباك وتجهيز قوارب وعمالة، حيث إن معظم المستلزمات المستخدمة في الصيد يتم استيرادها من الخارج٠
إجراءات الحماية
و حول إجراءات الهيئة لحماية الثروة السمكية ونموها وتكاثرها أشار مدير الفرع إلى أن الهيئة العامة تهدف إلى تطوير وحماية الثروة السمكية وتنمية مواردها وإدارة وتنشيط الفعاليات المختلفة بهذا المجال، إذ قامت الهيئة بمتابعة تنفيذ القوانين الناظمة للصيد بشكل فعال للحفاظ على الأنواع السمكية واستدامتها، كما تم عرض المسطحات المائية العذبة على الاستثمار لاستثمارها بالشكل الأمثل لحماية المخزون السمكي والحفاظ على ديمومته، حيث يتم تنظيم الصيد من خلال قرارات تحدد قياسات وفتحات الشباك لكافة وسائل الصيد / شنشيلا، شباك ثابتة مبطنة وغلصمية وغيرها / إضافة إلى تحديد فترات المنع لبعض هذه الوسائل من أجل السماح للأسماك بالتكاثر والنمو في المياه العذبة والبحرية٠
وأردف أحمد: المديرية العامة للموانئ هي المختصة بمراقبة الصيد البحري وتقوم بالتشدد في قمع المخالفات البحرية بكافة أشكالها، كما تم إعمار أغلب المسطحات المائية في القطر وزراعتها بإصبعيات الكارب العام والمشط الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين المخزون السمكي، كما تم تأمين الإصبعيات المحسنة للمربين أصحاب المزارع المرخصة ولمستثمري السدود وتم تنفيذ العديد من اللقاءات الإرشادية مع الصيادين بهدف توعيتهم إلى ضرورة الحفاظ على الثروة السمكية وعدم الصيد في أوقات المنع، وتقوم الهيئة العامة بأعمال الحماية في المسطحات المائية العذبة بالشكل الأمثل وفق الإمكانيات المتوفرة من خلال نقاط الحماية٠
مقترحات
وفي إطار الحلول الممكنة اقترح مدير فرع الهيئة دعم وتشجيع إقامة معامل متخصصة في مجال أعلاف الأسماك ودعم وإجراء البحوث العلمية في مجال الثروة السمكية والأحياء المائية، والاستثمار في مجال الاستزراع السمكي، وإحداث كلية أو قسم متخصص بالأسماك في إحدى جامعاتنا لتأهيل كوادر علمية متخصصة في كافة مجالات الأسماك٠
مدير ينفي!
وفي الوقت الذي أكد فيه بائعو الأسماك ورئيس جمعية الصيادين وحتى مدير فرع الهيئة وجود صيد جائر واستخدام وسائل صيد غير شرعية نفى مدير ميناء طرطوس العقيد قصي محفوض ذلك، مشيرا إلى أن إنتاج بحرنا من الأسماك متوسط، والحرص على أن يكون بحرنا كنز من الأسماك، وإن حدثت محاولات صيد مخالفة يتم مكافحتها، كما يتم التدقيق على شباك الصيد من خلال الدوريات المستمرة، إذ يستخدم الصيادون شباك فتحتها فوق ال ٢٤ سم لاصطياد السمك الكبير الحجم وما عدا ذلك يتم مخالفته بمصادرة المواد من قبل الدورية وكتابة ضبط وتنظيم محضر نظامي وإحالة المخالفين للتحقيق٠